زينب عتريس تكتب: كل زملائكِ خانوكِ يا رانيا!

لم تفت شهور قليلة على واقعة “مايوه رحمة حسن“، لتظهر واقعة “فستان رانيا يوسف”.. الرابط الوحيد بين الواقعتين هو تخاذل زملائهما من الوسط الفني -ما عدا الفنان المحترم صبري فواز- عن دعمهما في ممارسة أبسط الحقوق الإنسانية وهي الحرية في الملبس.
لن أكرر ما قيل وما يقال عن مرحلة الانتكاس الفكري التي يعيشها المجتمع المصري، والذي كسته الوهابية جنبا إلى جنب مع التدين الظاهري ليخرج لنا شعبا يحتل المراكز الأولى العالمية في التحرش، وممارسة العنف ضد النساء، ومشاهدة الأفلام الإباحية، والتي قيل عنها تعبير مضحك “لولا بطء النت عندنا كنا احتلينا المركز الأول فيها”، ومع ذلك تزعجه سيدة جميلة ومثيرة، تكشف عن النعمة التي أنعم الله عليها بها. ومن الطبيعى آنذاك ألا تجد أي حراك شعبي يواجه “التبول في الشارع”، حتى واقعة”سيدة المنيا” لم تلقَ أي استنكار من الشارع، فهل لأنها سيدة مسيحية، أم لأنها امرأة في مجتمع يدعي الشرف والفضيلة؟! أعتقد كلاهما إجابة مناسبة.

أطلت رانيا وهي تجاري الفنانات العالميات، بالاستعراض على السجادة الحمراء فى المهرجان الذي يحمل توصيفا دوليا، لتجد هجوما شرسا يخبرها بأنها السبب في ضياع الأخلاق وفساد المجتمع، لتعتذر هي الأخرى بعد رحمة حسن عن ممارستهما الحرية!!


في بلد مثل بلدنا تحتاج المياه الراكدة للحراك من حين لآخر، ويحتاج شعبنا من يقول له: “فوق، إنت بتضحك على نفسك”، وهنا يأتي دور الفن، فما فائدة الفن الذي يناقش قضايا التحرر والحقوق الإنسانية، فى حين أن القائمين عليه يخافون من المجتمع؟! كيف لي أن أصدق الفنان وهو غير صادق ومتسق مع أفكاره التي يعرضها فى أعماله الفنية؟!.

في معركة رانيا، لم نرَ سوى بعضًا من ممثلي الصف الثالث -هذا ليس انتقاصًا منهم بل توصيف لوضعهم في المجال- وهم يسخرون من رانيا ويطالبون بمحاكمتها، ولم يظهر فنان واحد أو فنانة واحدة تدعمها.. خير؟ لا أسكت الله لكم حسًا!.

في الحقيقة رانيا لم تخسر في هذة المعركة، بل أعتقد أنها الرابحة الوحيدة، هي ارتدت ما تحب، كتبت عنها وسائل الإعلام العالمية وكسبت تعاطفهم، ولا نستبعد أن تظهر في فيلم عالمي قريبا كإمرأة مصرية، سمراء، مثيرة، تذكر العالم بجمال الست الفرعونية التي نسى أبناؤها ملامحها.

أما الخاسرون فهم كثر، فالمواطن الغلبان الذي يلعن رانيا لأنه لن يمتلكها، سيدفع الثمن، فالقضية التي عرفها العالم ستؤثر بالسلب على السياحة والتي كانت قد تأثرت بالفعل منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير، فستنهي قصة رانيا على الباقي منها، بعدما يفكر كل من يحاول المجيء لمصر ألف مرة خوفا على حبيبته أو زوجته من هذا البلد غير الآمن على حرية المرأة، لنخسر مورد هام للدخل القومي، ليدفع “الغلبان” الثمن، وستخوض النساء حربهن للحصول على حرياتهن بمفردهن في مجتمع يقهرهن فى كل مكان ولا يعطيهن حقهن الشرعي في الميراث، والدفاع عن أنفسهن بمفردهن ضد العنف المجتمعي، فالهجوم الشامل على رانيا يعطى الضوء الأخضر للمتحرش: “افعل ما يحلو لك، هي مش محترمة”.

الخاسر الأكبر هو مجتمع يرفض النظر في المرآة ومواجهة نفسه، وتهزه امرأة كشفت عن مؤخرتها.