مها ناجي تكتب عن "الجونة": مش مهرجان فساتين على فكرة

على مدى الأيام الماضية تابعت ما كتب عن مهرجان الجونة السينمائي منذ حفل الافتتاح وحتى حفل الختام، وبالرغم من ما شابه من خلافات في الأيام الأخيرة، فقد لاحظت أن الصورة المتصدرة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي أنه مهرجان “الفساتين” والحفلات، وسط موجة من الانتقادات أن هذه الصورة ليست هي الصورة “المتحضرة” التي يريدها المصريون لبلدهم الحبيب، وغيرها من الانتقادات التي اتهمت المهرجان بـ”المنظرة” والسطحية والبذخ.

لكن إن بذلت بعض المجهود ودخلت على موقع المهرجان ستجد أن المهرجان هو أكثر من ذلك بكثير، فالبرنامج والمكون من عشرات الصفحات والمتاح للتحميل عبر الموقع ، يحمل بين طياته مواعيد عرض متكررة لعشرات الأفلام الروائية والقصيرة إلي جانب ورش العمل والندوات اليومية التي تناقش مختلف القضايا المرتبطة بالسينما في جدول نادرا ما تجد فيه ساعة لا يوجد بها عرض أو ندوة على مدى أسبوع كامل.

وعلى أرض الواقع، وبحكم عملي، حضرت يوم الافتتاح واليومين الأولين من المهرجان؛ قد يكون البعض يذهب بالفعل لقضاء وقت لطيف والاستمتاع بالشاطئ فحسب، ولكني رأيت أيضا الكثير من محبي السينما والعاملين بها يتنقلون بين العروض والندوات بحماس وشغف حقيقيين.

نرشح لك: تقييم فساتين الجونة.. ما بين الافتتاح والختام من الأفضل؟

قابلت العديد ممن جاءوا خصيصا لهذا الغرض فقط، وهو الغرض الحقيقي للمهرجان والذي أعتقد أنه حققه بجدارة.. تسليط الضوء على الفن والابداع ومناقشته.

وعلى صعيد آخر لمست مستوى جيد جدا من التنظيم والاهتمام بالتفاصيل وبالضيوف غير معهود بالمصريين –بصراحة يعني – فاتسم حفل الافتتاح بقدر عالٍ من السلاسة ليحقق تجربة خالية من المشاكل أو الصعوبات في مجملها بالنسبة لضيوف المهرجان؛ يقف وراءها مجموعة كبيرة جدا من الشباب المتواجدين في مختلف أنحاء المهرجان والذين كانوا صورة مشرفة لنا جميعا كمصريين بابتسامتهم وحرفيتهم في التعامل مع مختلف الضيوف.

ووسط كل ما رأيته من صورة مغايرة للحقيقة على مواقع التواصل الاجتماعي للمهرجان وعلى الهاشتاح الخاص به، دارت بذهني عدة أسئلة: هل يعلم المنتقدون الأفلام التي تم عرضها في المهرجان؟ هل اهتم البعض منهم حتى بالاطلاع على جدول الندوات وورش العمل؟ وهل يهتم هؤلاء بجدول الأفلام المشاركة والندوات في مهرجان كان أو برلين مثلا؟ أم كل ما يصل إلى علمهم أو الأخبار التي تظهر على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم هي عن الموضة فقط؟ إذن العيب ليس في مهرجان الجونة.. ومحور المهرجان ليس هو آخر صيحات الموضة أو إطلالات الفنانات، ولكن هذا هو ما يختار الجمهور العام متابعته وبالتالي ما يسلط الاعلام الضوء عليه لجذب المزيد من الزيارات لمواقعه، والمشاهدات لأخباره. فكل ما يهتم به الجمهور العام هو إطلالات السجادة الحمراء في كان ولكن قليلون من يهتمون بما يقدمه المهرجان من أفلام وندوات فيما يلي حفل الافتتاح. وبالرغم من ذلك لا نجد مثل هذه الانتقادات للمهرجانات الأوروبية بالسطحية أو المبالغة في ملابس الفنانات.

نرشح لك: 8 جوائز عربية في ختام مهرجان الجونة السينمائي

قد يكون المهرجان في نظر “الخبراء” متواضعا أو لا يليق بتوقعاتهم، ولكن من وجهة نظري المتواضعة والهاوية، رأيته محاولة جادة للاطلاع على السينما والفن في أنحاء العالم وخلق صورة ثقافية عن مصر الآمنة الذاخرة بالمبدعين وسط جو رائع يشجع على زيارة مصر سياحيا والاستمتاع بما تستطيع أن تقدمه. أتمنى أن ندعم مثل هذه المحاولات بدلا من انتقادها لمجرد الانتقاد.

هنا مهرجان الجونة 2018