نبيلة عبيد ونادية الجندي.. عمر اللي راح ما هيرجع تاني!!

لا أحد عادة يملك الشجاعة الأدبية للإذعان لقانون الزمن، لم نتعوّد أن نقرأ تاريخ الآخرين لندرك أن هذا الأمر سيتكرر معنا، وربما بنفس تفاصيل السيناريو، الكل يعتقد أنه سيصبح الاستثناء من القاعدة.

ينظرون للمرآة ويحملقون فى وجوههم التى فقدت الكثير من القدرة على التعبير، بسبب كل محاولات الشد والنفخ، إلا أنهم يؤكدون أن العودة آتية لا ريب فيها، وأن ما اعتبره البعض اعتزالا مبكرا هو مجرد مرحلة لالتقاط الأنفاس.. وهكذا تكثر الأخبار عن عودة أهم نجمتين جماهيريتين عرفتهما الشاشة الكبيرة فى ربع القرن الأخير من الألفية الثانية، وهما نادية الجندى ونبيلة عبيد، وكما اختفتا معاً فلقد جاء وبدون اتفاق مسبق قرار العودة معا، كل منهما تؤكد أن الجماهير الغفيرة لم تتوقف عن الزحف إليهما.

دعونا نذكر أولا تلك الحقيقة التى تصب فى صالحهما وبلا جدال، أن آخر عهد بنجومية الشباك للنساء فى السينما المصرية انحصر فقط فى نادية الجندى ونبيلة عبيد منذ 1975 حتى 2000.

الصحيح أن نذكر أيضا أن كلا منهما كانت تبدد جزءا من طاقتها فى إثبات أنها وعلى طريقة محمد رمضان (نمبر وان)، وهكذا أطلقت نادية الجندى على نفسها لقب (نجمة الجماهير)، بينما نبيلة عبيد ردت عليها على الفور وكأنها تُخرج لها لسانها (أنا نجمة مصر الأولى). كل منهما كانت تتباهى بالرقم الذى تحققه فى شباك التذاكر، عندما كانت تُصنع الأفلام ليس فقط على مقاسهما، ولكن طبقا لرغباتهما وفريق العمل المصاحب يتم اختياره وفقا لشروطهما، والجماهير تعاملت ببساطة، وبقدرٍ لا ينكر من الموافقة الضمنية على كل ما يجرى.

الألفية الثالثة أطلت علينا بقانون جديد ونجمات جديدات، صحيح لم تستطع أى منهن تحقيق نجومية الشباك، إلا أنه على الجانب الآخر كانت المسافة تتسع أكثر بين نادية ونبيلة من ناحية والجمهور من ناحية أخرى. المفردات التى كانت تحقق رواجا لكل منهما على الشاشة لم تعد تُثير شهية الجمهور، ونشاهد كالعادة نفس السيناريو، تُمسك كل من النجمتين بطوق نجاة اسمه التليفزيون، لتقدم مسلسلا أو اثنين فى رمضان، وتتراجع كثافة المشاهدة وتتوقف بعدها شركات الإنتاج عن تكرار المحاولة الرمضانية، مع إعلان مباشر تؤكدان فيه أن (شوال) و(ذى القعدة) من حقهما أن تعرضا فيهما مسلسلات، إلا أن معدل المشاهدة يظل فى تراجع، وتختفيان فى السنوات الأخيرة من الشاشة الصغيرة.

محاولات العودة لا تتوقف، فهى حق لكل فنان وحتى اللحظة الأخيرة، على شرط إعادة القراءة الصحيحة وبدقة للخريطة الفنية، من يرِد أن يتقدم فعليه أن يغير أولا شروط التعاقد، المساحة الدرامية ستتقلص حتما، والقدرة على السيطرة على مفردات العمل الفنى ستتلاشى تماما، وأقصى ما يمكن تحقيقه هو أن تقف النجمة تحت المظلة الجماهيرية لنجم أو نجمة من هذا الجيل، سيواكب ذلك بالضرورة هبوط حاد فى الأجر، وهبوط أكثر فى التعامل الأدبى داخل مواقع التصوير.

هل الفنان مستعد لتلك الخطوة، أم أنه يريد الانتقام ليثبت لشركات الإنتاج كم كانوا قصيرى النظر عندما لم يدركوا أن (الدهن فى العتاقى)، بينما (الشامورت) لم ينضج بعد؟!

كثيرا ما يحشد الفنان كل قدراته من أجل تحقيق الأمل الأخير، إلا أنه لا أحد يضمن أن الجمهور لايزال على الخط.

لا أريد للفنان فى أى مرحلة عمرية أن تتوقف أحلامه، فقط عليه أن يهبط بمنسوب الخيال ليظل فى منطقة آمنة تحت سقف الواقع.

نعم.. من الممكن أن يُفتح الستار مجدداً وعلى استحياء، بشرط إدراك، وعلى رأى عبدالمطلب فى أغنيته الشهيرة، (عمر اللى راح ما حيرجع تانى)!!.