أسباب معاقبة المملكة للمغترب المصري.. ليس لتناول الفطور مع سعودية!

رباب طلعت

حالة من الغضب والسخرية عمت مواقع التواصل الاجتماعي منذ يومين، بعد انتشار أنباء عن توقيف مغترب مصري بالمملكة العربية السعودية، وانتظاره لعقوبة قضائية قد تصل للسجن 5 سنوات، أو غرامة تصل لثلاثة ملايين ريال، بعد نشره لمقطع فيديو ظهر فيه وزميلته السعودية بالعمل، أثناء تناولهما وجبة الإفطار سويًا، ما اعتبرته المملكة وأبناؤها انتهاكًا لأعرافها وقوانينها، ووصفه المصريون والمغتربون العرب بأنه تعنت منها، فلم يظهر بالفيديو شيء مسيء.

نرشح لك: القبض على مغترب مصري بسبب تناوله الإفطار مع زميلته بجدة

الانقسام في ردود الأفعال حول الواقعة، ظهر على الهاشتاج الأكثر تداولًا في المملكة “#مصري_يفطر_مع_سعودية”، وشمل العديد من التوجهات بين أبناء الوطن الواحد، فمع دفاع المصريين، والمغتربين الآخرين من جنسيات أخرى بالسعودية، عن “بهاء” صاحب الفيديو، كان هناك رأي معارض له كونه “أخل بأعراف البلد المقيم فيه”، وبينهما ظهر الساخرون، الذين عبروا عن الأزمة بشكلٍ كوميدي، عن طريق “الكوميكس”.

أما السعوديون، فقد كانوا الأكثر انقسامًا، فالفئة الأشيع كانت مهاجمة لتصرف المصري وزميلته السعودية، حتى إن البعض طالب بمعاقبتها، وهو ما حدث بالفعل حيث تم توقيفها من الجهات المختصة صباح اليوم الثلاثاء، والبعض الآخر ذهب إلى الادعاء “القاطع” بأنه لا بد أنها ليست من بنات القبائل السعودية سكان البلد الأصليين، بل ممن يحملن الجنسية من أبناء اليمن وغيرها من الدول العربية، وانشق البعض للحديث عن ضرورة إعادة صلاحية توقيف المخالفين لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي تم تقليص صلاحياتها، منذ نهاية العام المنصرم، مؤكدين على أن مثل تلك الظواهر لم تظهر إلا بعد سحب سلطة الهيئة، أما الفئة الأخرى، كانت مناقضة تمامًا للسابقة، حيث رأت أن السلطات فاقمت الأزمة دون داعٍ، وأن هجوم البعض على مثل هذا الفيديو ينصب في مصلحة المطالبين بوقف امتداد قوانين حركة “تحرير المرأة السعودية” التي تنتهجها المملكة مؤخرًا، بالموافقة على خروجها لبيئة العمل، والاختلاط، وكذلك القيادة، مؤكدين أن نشر مثل تلك الفيديوهات، وتسليط الضوء على مساوئ تلك الخطوة الإيجابية التي اتخذتها المملكة مؤخرًا، وتساهم في تقدم عجلة التنمية والتقدم.

الجدير بالذكر أنه وسط كل تلك الانقسامات حول قرار المملكة بتوقيف “بهاء”، وعقابه، تم التعامل مع القضية بشكلٍ سطحي، دون معرفة التفاصيل، فالأغلبية العظمى من المغردين، تفاعلوا مع أزمة “بهاء” على أنها عقاب على تناوله وجبة الفطور مع مواطنة سعودية تزامله في العمل، ما جعل البعض غير قادر على استيعاب العقاب “القاسي” مقارنة بالفعل، ودفع آخرين للتساؤل عن سبب عدم تدخل الخارجية المصرية للدفاع عن أحد المواطنين المصريين المقيمين بالخارج، وأشعل حربا على “السوشيال ميديا”، بين المؤيدين والمعارضين للأزمة، ما يدفعنا لطرح سؤالٍ أدق وهو: “لماذا عاقبت المملكة العربية السعودية المصري بهاء؟ وهل محاسبته قانونية؟!”.

بالعودة لأصل الواقعة، انتشر فيديو صباح أمس الأحد، لمواطن مصري اسمه “بهاء”، التقط المقطع له وزميلته السعودية المنتقبة، أثناء تناولهما وجبة الإفطار، في مقر عملهما، ولم يكن بالفيديو، أي تصرف غير مناسب طبقًا للأعراف المصرية، ولكنه صادم للمجتمع السعودي، الذي لم يتأقلم بعد على قرارات المملكة الأخيرة، المتعلقة بحرية المرأة السعودية، ما جعل المصريون يتداولون الفيديو كنوعٍ من الكوميديا، على عكس السعوديون الذين ثاروا وطالبوا بعقابٍ رادع، لما اعتبروه إهانة لوطنهم، وقيم مجتمعهم، إلى أن وصل الفيديو إلى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بالمملكة، والتي تحركت بدورها لتوقيف “بهاء” صاحب الفيديو، ومالك محل عمله لمخالفتهما القوانين، التي أوضحتها الوزارة في بيانٍ رسمي على موقعها الإلكتروني، جاء فيه: “إشارة إلى المقطع المتداول في وسائل التواصل الاجتماعي، لوافد عربي ظهر بشكل مسيء في عدة مقاطع فيديو أثناء تصويره مع سيدة في موقع استقبال لنزلاء إحدى الأجنحة الفندقية بمحافظة جدة، أوضح المتحدث الرسمي لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية خالد أباالخيل، أن فرق التفتيش بمكتب عمل جدة وقفت ميدانياً على الموقع، وتم ضبط الوافد لارتكابه عدة مخالفات وعمله في مهنة مقصورة على السعوديين، كما تم استدعاء صاحب المنشأة لعدم التزام المنشاة بالضوابط المكانية لعمل المرأة، تمهيداً لإحالة القضية لجهة الاختصاص، لاتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المخالفين”، أضاف البيان: “وشدد المتحدث الرسمي، على عدم تهاون الوزارة في تطبيق الأنظمة في سوق العمل، داعياً عملاء الوزارة إلى الإبلاغ عن المخالفات عبر تطبيق معاً للرصد ومركز الاتصال 19911”.

بيان وزارة العمل، أوضح المخالفات الأولية، المتعلقة بقوانين العمل، والتي ظهرت في فيديو “بهاء”، سواء من قبله -العمل بمهنة مقصورة على السعوديين- أو من قِبل صاحب المنشأة -بعدم التزامه بالضوابط المكانية لعمل المرأة. وأوضح البيان إلى أنه تم إحالة القضية إلى جهة الاختصاص للبت فيها، واتخاذ الإجراءات اللازمة، ضد كلٍ منهما، والجهة المشار إليها هي هيئة النيابة العامة بالمملكة، والتي لم تعلق على الواقعة إلا ببيانٍ مقتضب، حددت فيه الضوابط الواجب التزام الوافدين إلى المملكة الالتزام بها، وهي كما ذكر البيان: “يجب على المقيمين في المملكة: الالتزام بكافة الأنظمة المرعية في المملكة، ومراعاة قيم وتقاليد المجتمع السعودي ومشاعره”، في إشارة لأول مخالفات المقيم المصري، بنشر ذلك المقطع”، دون الإشارة إلى استحقاق الجهات المختصة لتطبيق عقوبة محددة على المخالف لذلك”.

في بيانٍ آخر أوضحت النيابة العامة، سبب العقوبة التي ينتظر “بهاء” تطبيقها عليه، حيث قالت النيابة: “إنتاج أو ترويج أو إرسال البيانات أو المواد أو المقاطع التي تمس الآداب العامة أو القيم الدينية عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو أي وسيلة تقنية، جريمة معلوماتية تصل عقوبتها السجن خمس سنوات، وغرامة ثلاثة ملايين ريال”، وفي نهاية البيان تم الإشارة إلى أن ذلك نص ما جاء في المادة السادسة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، أي أنه وفقًا للقانون السعودي، قد انتهك المغترب المصري المقيم بها أحد القوانين المنصوص عليها في الدستور، ما يجعله “مدانا” أمام النيابة، ويحق لها التحقيق معه، وتوجيه التهم المذكورة له، والبحث والتحقيق فيها، للبث بالحكم في القضية.

بيان النيابة العامة، بالإضافة لبيان جهة العمل يشير كلٍ منهما على عدة تجاوزات للقوانين السعودية، أي أن تجريمه ومحاكمته عليها قانوني، خاصة أنه وبالتزامن مع إثارة فيديو “الإفطار” لغضب السعوديين، ظهر مقطع آخر، لـ”بهاء” مع زميلته نفسها، وهم يرقصون على المهرجان الشهير “لأ لأ”! ويجدر الإشارة بأن كلا المقطعين من تصويره بطريقة “السيلفي”.

لأ 😟

Posted by Hassan Hamada on Thursday, September 6, 2018