أندرو محسن يكتب: في الحلقة السابقة (4) الرحلة.. الوقوف في المنتصف

”الرحلة“ واحد من مسلسلات التشويق المختلفة منذ الحلقة الأولى، والتي حافظت على مستوى التشويق إلى حد كبير خلال حلقاتها المتلاحقة:

نرشح لك – أندرو محسن يكتب: في الحلقة السابقة (3)..”بالحجم العائلي” الفخراني يعود إلى بابا عبده

1- نتابع ثلاثة خطوط رئيسية، تجتمع في البداية على متن طائرة من لبنان إلى مصر، ومن بعدها تتفرق المصائر قبل أن تتقاطع مرة أخرى.

2- يدور المسلسل في قالب التشويق، لكن في الحلقات الأولى لم يوازن كتاب السيناريو: نور شيشكلي وعمرو الدالي وأحمد وائل بين الخطوط الثلاثة، فكانت هناك غلبة للخط الخاص بأسامة (باسل خياط) الذي يبحث عن زوجته الهاربة رانيا (ريهام عبد الغفور)، بينما لم يحدث تطور يُذكر في الخطين الآخرين.

3- لاحقًا تنقلب الصورة، فتصبح الخطوط الأخرى، وخاصة خط كيمي (حنان مطاوع) وأختها كارما (ثراء جبيل)، يحتوي على تفاصيل أكثر، بينما يتراجع خط أسامة إلى الخلف في أثناء محاولاته المتكررة والمتشابهة للوصول إلى زوجته الهاربة.

4- مع وجود 3 خطوط رئيسية يصبح عدم تطور الأحداث بشكل جيد واتزان مساحة الأحداث بالنسبة للشخصيات في كل حلقة أمر يُحسب على المسلسل، مأزق الثلاثين حلقة تقع فيه معظم المسلسلات، لكن مع وجود عدة خطوط وأكثر من شخصية كان يمكن إيجاد المزيد من التطورات لكل شخصية.

5- سارت الأمور بشكل أفضل بعد الحلقة السابعة تقريبًا، وتحديدًا منذ بدأت الخطوط في التقاطع معًا، إذ اتسعت مساحة التشويق وزادت الاحتمالات المحيطة بكل شخصية.

6- يبدو أننا سننتهي إلى أن ما نشاهده يدور في ذهن المؤلف آدم (وليد فواز) أو أن كل ما نشاهده هو نتيجة خيال أسامة، وإن كان هذا لا يمكنه بحال تفسير الصدف.

7- يحتوي المسلسل على أكبر كم من الصدف في مسلسلات رمضان الحالي، الصدف من منغصات العمل الدرامي إذا كانت في غير محلها أو يلجأ لها المؤلف كحل لأزمة لا يستطيع الخروج منها دون الصدفة.

8- بالصدفة يقابل أسامة صديقة رانيا في محل الفساتين، وبالصدفة أيضًا يكون معها جهاز تتبع، هذه التفصيلة محورية، إذ ترتب عليها هروب رانيا من محبسها. بالصدفة أيضًا يقابل أسامة قريبتيه في بيته القديم في نفس يوم تواجدهما في البيت لبيعه. كذلك تذهب الشرطة إلى المنزل الذي تختبئ فيه رانيا في نفس الساعة التي تذهب فيها إليها كارما بالصدفة أيضًا وبلا أي مقدمات سابقة.

9- من الملاحظات الأخرى على السيناريو، وجود بعض التفاصيل غير المنطقية، والتي تبدو موجودة فقط لصناعة أزمة، مثل أن تضع سارة (مي سليم) اسمها على تحاليل الحمل الخاصة بأختها جميلة (هاجر أحمد)، حتى تُبعد عنها الفضيحة، وكأنه من المنطقي أن تُلصق بنفسها فضيحة من هذا النوع لتحمي أختها منها، المبرر الوحيد المنطقي لهذه التفصيلة هو أن تقع هذه الورقة لاحقًا في يد آدم لتتفاقم مشكلته مع سارة. كذلك يُعد عدم إبلاغ رانيا عن أسامة حتى بعد استقرارها نفسيًا أمر غير مفهوم.

10- فضّل المخرج حسام علي أن يقدم بداية مختلفة لحلقات المسلسل، تبدأ كل حلقة بمشاهد تستخدم زاوية تصوير مائلة، وهي عادة مشاهد فلاش باك لماضي الشخصيات قبل بداية الرحلة، وإن كان يمكن الخلط بينه هذه المشاهد وبين مشاهد الفلاش باك التي تأتي في بقية الحلقة، والتي تظهر فيها الكاميرا بزاوية تصوير معتدلة، مما يجعل مشاهد بداية الحلقة لا تستخدم الزاوية المائلة لغرض درامي بل بغرض الاختلاف لأنها تسبق اسم المسلسل فقط.

11- قرر المخرج استخدام اللون الأصفر ليصبح هو اللون الطاغي على المسلسل، يقدم مدير التصوير كريم أشرف إضاءة مميزة في المشاهد الليلية، خاصة المشاهد القليلة التي جمعت بين أسامة ورانيا، التي استخدم فيها الشموع المختلفة. ولكن في مشاهد النهار الخارجي تحديدًا يبدو جليًا الاستعانة بتأثير أصفر على الصورة وعدم الاكتفاء بالإضاءة.

12- الأصفر يمكن أن يكون إشارة للخيال، وقد يكون هذا مبررًا في حالة اكتشاف أن هذه الشخصيات ليست إلا من خيال السيناريست آدم، ولكن الاستخدام المفرط للون الأصفر لا يبدو مريحًا للعين في الكثير من المشاهد.

13- رغم وجود عدة أسماء شديدة التميز على مستوى الممثلين، لكن هناك أسماء أخرى لم تقدم الأداء المطلوب، بل أفقدوا بأدائهم ثِقل بعض المشاهد التي كان من الممكن أن تخرج بصورة أفضل.

14- بعد 10 سنوات من آخر لقاء لهما، تظهر حنان مطاوع وريهام عبد الفعور في المسلسل معًا، وتقدم كل منهما أداء مميزًا منذ الحلقة الأولى قبل أن يلتقيا معًا في واحد من المشاهد المهمة في المسلسل، وهو مشهد كشف كيمي (حنان مطاوع) عن مرضها لرانيا، والذي نتابع فيه حنان مطاوع تتقلب بين شعورها بالمرض، والشدة في نفس الوقت حتى تحذّر رانيا من إخبار كارما بأي شيء.

15- ريهام عبد الغفور تقدم شخصية صعبة، تعتمد عادة على رد الفعل، ويظهر هذا في مشهدها مع أسامة عندما يطلب منها محاكاة مشاعرها يوم زفافهما، بينما رانيا لا يظهر عليها إلا الخوف، وتنطق جملها القليلة مملؤة بالرعب. كتبنا العام الماضي عن تطور ريهام عبد الغفور حتى وصلت إلى دورها في ”لا تطفئ الشمس“، ومع رانيا تقطع شوطًا جديدًا في نضجها الفني.

16- تنضم إليهن ثراء جبيل، رغم صغر مساحة دورها إلا أنها تبتعد بهذا الدور عن الشكل الرومانسي التقليدي الذي ظهرت به العام الماضي في ”كفر دلهاب“. ثراء من الفنانات اللاتي تنمو موهبتهن بشكل واضح في كل عام، وإذا استمرت في اختيار أدوار متنوعة لا شك أنها ستصبح من أهم الممثلات في وقت قريب.

17- يستمر وليد فواز في تقديم أداء يليق بالشخصية التي يقدمها، شخصيته هي الأكثر تعقيدًا في المسلسل، ولهذا هو يقدمها بهدوء، دون انفعالات في غير محلها، ولكنه يترك التأثير المطلوب من الشخصية. يفصل وليد جيدًا بين تقديم الشخصية ذات الملامح المميزة من صوت وحركة، مثلما فعلا مع شخصية عرنوس في ”السبع وصايا“ وبين أن يقدم شخصية تقليدية بأداء غير تقليدي مثلما يفعل هنا.

18- في المقابل نجد مي سليم صاحبة الأداء الأضعف في الشخصيات الرئيسية، إذ تبالغ في انفعالاتها في معظم مشاهدها. بل إن مشاهد شخصية سارة مع أختها جميلة تعد هي الأضعف في المسلسل، وربما كان على المخرج محاولة ضبط هذه المشاهد حتى تخرج بشكل أفضل.

19- نختم الحديث عن الممثلين مع باسل خياط الذي يقدم للعام الثاني على التوالي في رمضان شخصية مضطرب نفسيًا. أداء باسل صاحبه الكثير من التعليقات، بين المعجب وغير الراضي. اجتهد الممثل في وضع الكثير من التفاصيل للشخصية، الصوت، طريقة المشي، ووضع الرأس غير المستقيم، والعلامة الأكثر تأثيرًا لدى المشاهدين، تكرار نهايات الجمل.

20- كل هذه التفاصيل جعلت الشخصية بالتأكيد مُلفتة، لكن لا يعني هذا بالضرورة أنها مكتملة. توجد الكثير من اللحظات التي تحتوي على مبالغة في الأداء، وخاصة مع التكرار المستمر لعبارة ”الوحوش اللي بره دول“ والتي أصبح يرددها مرتين على الأقل في كل حلقة، ربما كانت تفصيلة مهمة لفهم الأبعاد العدوانية للشخصية في البداية، ولكن تكرار العبارة أفقدها تأثيرها لاحقًا.

21- مسلسل ”الرحلة“ يظل أحد المسلسلات المميزة في الموسم الرمضاني الحالي، لكنه كان يحتاج إلى المزيد من العناية بعدة عناصر ليصبح من المسلسلات التي تستمر لفترة أطول في ذاكرة المشاهد.