ماهر منصور يكتب: "طايع" بين عكاشة وعدوان.. عالم يوجعنا

تُحيلنا شخصيات مسلسل “طايع” (تأليف محمد وخالد وشيرين دياب، إخراج عمرو سلامة) إلى عوالم شخصيات السيناريست المصري الراحل أسامة أنور عكاشة والسيناريست السوري ممدوح عدوان، باعتبارها الأساس الذي يصنع الحدث، بقوة تأثيرها وببعدها الواقعي، الحافل بتفاصيل كل ما تنطوي عليه النفس البشرية من تناقضات، لذلك هي تثير تعاطفنا معها كما تثير اشمئزازنا منها أحياناً في الوقت ذاته، ولا يمكن أن يمرّ المتفرج أمامها مرور الكرام.. ألم تجزع قلوبنا لموت (فواز)، ونشعر بالأسى لمقتل (مهجة)، وانقبضت قلوبنا لصرخة (طايع) المفجوع بموتها..؟!

حتى (الريس الحربي)، في معركة ثأره لابنته (سماح)، ألم يتسلل وسط كلماته ما يغازل قلوبنا بالأسى منه وعليه، وهو يطلب السماح من مهجة عما فعله فيها وسيفعله، بينما يشرع بقتلها، وتالياً وهو يجثم أمام قبر ابنته يطلب منها السماح أيضاً..؟!

نرشح لك: نهى هنو تكتب: وجوه رمضانية مميزة

ألا تحيلنا شخصية “الريس حربي” بقوة تأثيرها، وارتباطنا به ونفورنا منها، إلى شخصية “فضة المعداوي” في مسلسل “الراية البيضاء” لأسامة أنور عكاشة وشخصية “الزير سالم” في المسلسل الذي حمل الاسم ذاته لممدوح عدوان..؟

تولد شخصيات “طابع”، كما الحال مع شخصيات عكاشة وعدوان، من رحم الواقع، إحساسنا بأنها من لحم ودم، هو أول خطوة على طريق تأثيرها فينا، سواء لجهة الاقتداء بها، أو النفور منها، ولكنها بالحالتين تبدو مخلصة لفكر مبدعيها، وللدور الجدلي الذي عليها أن تؤديه في متن الحكاية، فلا تقف حيادية تجاه ما يحدث حولها.

يمضي “طايع” في رحلته التي تعاكس عرف أهله في الصعيد، ويبدو في قراره هذا، مثل “السيد أبو العلا البشري” لأسامة أنور عكاشة، وهو يخوض معركته الدونكيشوتية، بالمقابل يرفض الشاب الطبيب منطق الأخذ “الثأر” حتى لو أخذ الثأر أقرب الناس إليه، أبيه وأخيه وزوجته، فيما يصر “الزير سالم” لممدوح عدوان أن يأخذ ثأره حتى لو قتل بسيفه أولاد أخته وزوجها وأصدقاء دربه.

وفي كل مرة تبدو تلك الشخصيات جميعها، باتفاقها أو اختلافها، مشغولة بإقناعنا بسلوكها، بوصف ذلك مدخلاً لإحساسنا بواقعيتها، وبجدية ما تعتقده، أليس هذا هو السلوك الطبيعي الذي يفترض أن تنطوي عليه الشخصية الدرامية لتقنعنا أنها حية موجودة بيننا، وأنها ليست محض خيال لا تصلح للعيش خارج مربع شاشة التلفزيون؟