الصحفيون ومسلسلات رمضان.. كواليس محرمة!

رباب طلعت

بعد مرور خمسة أيام على عرض حلقات مسلسل “عوالم خفية” للزعيم عادل إمام، أو الصحفي “هلال كامل”، بدأت معالم قضيته تظهر، وتُفَك شفرة بعض الرموز بها في أقل من أسبوعٍ، ولكن ذلك على ما يبدو يحدث في الدراما فقط، فنحن الصحفيون المختصون بالميديا والفن مثلًا، سواء قبل رمضان بشهر، أو بعد بداية السباق الدرامي، ما زلنا نبحث عن معلومات كواليس المسلسلات، التي لا يحق لأحدٍ الإفصاح عنها سوى المخرج أو المنتج، أو نائب عنهما يتمثل في مسئول علاقات عامة، تسمع اسمه بشكلٍ مستمر من “كاست” العمل، الهاربون من الإجابة على الأسئلة “العادية”، والتي من “المنطقي” أن تَطَلِع الصحافة عليها، حتى ولو كان من باب “الدعاية للمسلسل”، قائلين الجملة الشهيرة: “منقدرش نتكلم ممكن تاخدوا إذن فلان!”، والمطلوب من الصحافة أن تشاهد هي بعينها لتُخرج المعلومة.

نرشح لك: مواعيد عرض عوالم خفية لـ الزعيم #مسلسلات_رمضان_2018

في مهنة الصحافة تعد المعلومة أساس المهنة التي يبنى عليها كل شيء، فلا خبر بلا حدث، ولا تغطية لحدث بلا معلومات، والأخيرة أصبح الباحث عنها أشبه بالفنانة شويكار وهي تبحث عن “مين اللي قتل بباها؟”، خاصة إذا ما تعلق الأمر بدراما رمضان، فيسلك الصحفي طريقًا شاقًا للوصول إلى ما يريد تقديمه للناس، مليء بالأشواك، ما بين “مصدر مضروب”، وآخر “غير مجدي”، وثالث “متردد”، ورابع “فتاي”، وغيرهم، ما يتسبب في ظهور الكثير من الأخبار غير الصحيحة، والمتضاربة، والمضللة، التي يقع الصحفي فريسة لها قبل القارئ، و”الشاطر اللي يفلت”، وذلك لأسباب كثيرة، يرصدها “إعلام دوت أورج” فيما يلي:

(1)

“المصدر” كنزٌ خاصة لو كان من محبي التقرب من العاملين في بلاط صاحبة الجلالة، وأكثرهم من العاملين في كواليس العمل، المنسيون بين سطور الصحفيين، فيتوددون لهم بالمعلومة، مقابل خبر “مجاملة” تُذكر أسمائهم خلال أسطره حتى ولو كان يحمل حقيبة البطل، ما يجعله يقدم أي شيء للصحفي حتى ولو قصة من وحي خياله! أو من “تربيطه” للمعلومات التي وصلت إليه ككلمات متقاطعة أثناء تواجده في “اللوكيشن” فيَجُود بها على “الصحفي الضحية”، الذي يسعد بها وينشرها على الفور لتحقيق “الانفراد”، أو “السبق الصحفي”، قبل أن ينشره أحد!

تلك الأزمة كان من الممكن تفاديها لو خصص كل عملٍ درامي أو حتى سينمائي متحدثًا إعلاميًا باسمه، يعلم تفاصيل الأمور، وما يُقال وما يجب السكوت عنه مع الصحفيين، كما يوفر عليهم مجهود البحث عن “مصادر الظل”، ويكف الشائعات عن العمل، الناتجة عنهم.

(2)

صفحات السوشيال ميديا التابعة للعمل الدرامي، سببٌ آخر في الأزمة، حيث إن كل الصفحات التابعة للمسلسلات متشابهة، لا تقدم معلومة جديدة، أو صورًا من كواليس العمل، تلتقطها أعين الصحفي فيصنع منها خبرًا مثلًا: بأن “فلان ضيف شرف المسلسل الفلاني”، أو “عودة الفنانة الغائبة في كذا”، أو حتى كتابة “فيتشر صحفي”، من المشاهدات التي لا تلتقطها سوى عين صحفي “فاهم بيعمل ايه”، ولكن كلها تقتصر قبل عرض المسلسل على “شير” الأخبار المنشورة عنه، أو كما يحدث مؤخرًا صورًا عليها كتابة لأحد المشاهد التي ينتظرها المشاهد في المسلسل، أو غيرها من الأساليب التقليدية للدعاية للمسلسل.

(3)

التأخر في إرسال البيانات الرسمية من المركز الصحفي التابع للمسلسل -إن وجد- أو عدم إرسالها من الأساس، ما يزيد من “نسخ الأخبار” في الكثير من المواقع، دون التحقق من صحتها في كثير من الأوقات، وفي حالة إرسالها فأكثرها تكون مجردة من المعلومة والفكرة، مجرد بيانٍ صحفي، يُنشر كما هو ولا يقرأه أحد، حتى بعد عملية “الصنفرة” التي يقوم بها “الديسك” للتخلص من كم الأخطاء اللغوية والإملائية فيه، دون أن يحتوي مثلًا على تصريحاتٍ مهمة من الفنانين، أو تنويه بتغيير اسم المسلسل -إذا حدث ذلك- بل نتفاجئ بالنبأ إذا ما كشف عنه أحد نجومه، أو تغير اسمه في “الإيميل” المرسل منه البيان.

الأمر الأسوأ في إرسال البيانات، هو تلك التي “لا نفع منها ولا ضرر” ليس على الصحفي فقط، بل على مشاهدات المسلسل نفسه، حيث لا يفهم البعض حقيقة أن المشاهدين لن يبحثوا عن المسلسل لمجرد أن أغنية التتر وصلت لمليون مشاهدة في يومَ؟! فالأولى ذكر خبرٍ من الكواليس، يثير فضول واهتمام المشاهد وبالتالي يتابع المسلسل، وما فائدة أن أُخبر المشاهدين بالرقم الظاهر أمامهم على الفيديو؟ ولمَ الصحفي مطالب بنشرها؟ أو نشر ما يريد مسؤولو المركز الصحفي تصديره للجمهور.

نرشح لك: 20 ملاحظة من إعلانات رمضان 2018

وعلى ذكر البيانات الصحفية، لم يلجأ بعض محرريها لإطلاق ألقاب “مبالغة” للفنان أو الفنانة، دون أن يعطيها لهم أحد؟ ولماذا مطالب الصحفي بنشرها؟ في حين إن العديد من نجوم المسلسل لا يذكرون في مثل تلك البيانات بالرغم من تميزهم في أدوارهم، ما يتسبب في ظلمهم، ومثلهم فريق صناعة العمل نفسه، من مصورين وستايلست وغيرهم، تلك الأزمة يمكن حلها بعمل “production note” أي مذكرة الإنتاج، وهي عبارة عن ملف صحفي بالحد الأقصى للمعلومات التي يجب أن يعرفها الصحفيين، مثل أسماء الشخصيات، أو الأحداث الأساسية، والتوضيحات الضرورية، خاصة التي تتعلق باسم المسلسل، أو دور البطل، أو إرسال صورة الفنانين والمخرجين الجدد، كي لا يحدث وتُنشر أخبارهم بصورٍ لأشخاص آخرين.

(4)

السبب الأكثر إيذاءً لنفس الصحفي، هو “التكتيم” على المعلومات، غير المبرر تمامًا، حتى بعد بدء عرض المسلسلات على الفضائيات، والتعامل معها بحرصٍ شديد، دون داعي، فما الذي سيتغير لو انكشف دور “فلان”، أو اسم “علان” في المسلسل، ولم الانتظار على إعلان انضمام نجم جديد، إلى أن ينزل “التتر”؟

في تلك النقطة يتعرض الصحفي الباحث عن حقيقة معلومة ما أو يريد كتابة خبر من فنان ما، لمواقف “كوميدية” ولكنها كوميديا سوداء، كأن يتصل به الفنان بعدما صرح له بالخبر، ويطلب منه أن يحذفه بعد نشره، أو عدم نشره من الأساس! “طب ليه؟ أصل المنتج والمخرج منبهين وخايف يحصل مشاكل!”، فيضطر لعدم نشر الخبر، الذي حاول جاهدًا الوصول لمصدره لأخذ تصريحٍ منه ينشره باسمه، بدلًا من العبارات المحفوظة المرافقة للوصول للمعلومة بطرقٍ غير رسمية مثل: “صرح مصدر مسئول”، أو “قال مصدر مطلع”.

(5)

أزمة أخرى تواجه الصحفي في الوصول للمعلومات والأفكار التي يعمل عليها، وهي “تكذيب الحقائق”، فهناك العديد من الأخبار التي تتسرب للصحفيين، وأثناء البحث عليها للتأكد من صحتها، تبدأ المصادر “المسؤولة” بالنفي، وبعدها بيومين يصدر بيانًا بالتأكيد!

أولئك أشبه بالمصدر “المأجلاتي” الذي تتصل به مرارًا وتكرارًا فيؤجل موعد الحديث معه لانشغاله بأشياءٍ أخرى، ولا يرد على الهاتف إلا بعدما ينتهي المسلسل!

(6)

يمكن التغافل عما سلف ذكره لكن غير المنطقي تمامًا أن يُسرب المصدر أخبار “مفبركة” لعمل حالة من الجدل حول العمل، أو حوله نفسه لو كان نجمًا، ويلتزم الصمت بعدها بفترة إلى أن تنتشر، ثم يخرج لينفيها بنفسه، ما يُشكك في مصداقية كل من نشر “المُسرب” عمدًا!