محمد عبد الخالق يكتب: أمنية مارلين مونرو

“كنت بحاجة لشخص عندما أخبره أنني سيئة جدا، يقول لي إنه يعلم وأنه يحبني بما أنا عليه” … بهذه الكلمات القليلة وبجرأتها الصادمة، نزعت مارلين مونرو “إيقونة الفتنة” في العصر الحديث، ورقة التوت عن واحدة من أهم الحقائق التي نعيشها جميعا، دون القدرة على مواجهتها أو حتى التصريح بها.

كثيرون منا يعرفون عيوبهم ومشاكلهم ونواقصهم، وقليلون جدا مَنْ يمتلك قوة وجرأة التصريح بها ومواجهتا، فما بالك بالرغبة في التصريح بها للغير بكل وضوح وأريحية، وانتظار تقبلهم لنا بكل عيوبنا، دون شعور بالخوف أو الدونية والخجل من جانبنا،أو الشعور بالتعالي والمَنْ والتنازل من الآخرين.

كم مرة قابلت ذلك النوع من البشر المتسامح المتصالح مع نفسه، الذي يملك شجاعة التصريح بعيوبه، الذي يملك شجاعة الاعتراف أصلا بوجود عيوب به؟!

لا تشغل بالك بالبحث عن إجابة للأسئلة التي تقفز بين السطور بنزق يستعصى على التقييد، فكلها قابلة للإجابة بالمتناقضات، بكثير وقليل، بنعم وبلا ….

ففي حقيقة الأمر أعرف أناسا طيبين، يعيشون مثل براعم النباتات الخضراء اللينة الرطبة، لكن ما أن لوّحتهم شمس الحياة، حتى تغير لونهم –صار داكنا أكثر- وجفت سوقهم الخضراء،وغلفتها ألياف بُنيّة قاسية، وبدلا من الفرح بتلك القوة التي ستمكنهم من مواصلة الحياة، كانت الصدمة المحزنة أن تلك القسوة لم تغلف سوقهم فحسب، وإنما تغلغلت وشوهت قلوبهم أيضا، فأصبحوا يتباهون بقوتهم، متعمدين تجاهل تشوهاتهم الحقيقية.

هذا حال البشر للأسف، خاصة عندما يحققون شهرة أو نجاحا، أو يمتلكون قوة أو أموالا، يكرهون عيوبهم، ويظنون أنه من المفترض حتى تكتمل صورهم أن ينفوا عيوبهم ويخفوها في غياهب الجب، ويظهرون أمام الجماهير كأبطال الأساطير اليونانية، نصف بشر ونصف إله، لا يعلمون أن الجمال لا يتحقق إلا بالاكتمال، والاكتمال لا وصول له إلا بالحقيقة.

وحدها مارلين مونرو وأمثالها، وهم قليلون، يمكننا أن نقول عنها وعنهم أن أرواحهم وقلوبهم نجت من التجربة، فلا الشهرة أعمت عيونهم عن عيوبهم، ولا الجماهير العريضة والمعجبون أنسوهم عيوبهم ونواقصهم.