حقائق ما حدث في مستشفى السلام الدولي

حسين عثمان

قرار وزير الصحة بشأن إغلاق مستشفى السلام الدولي، يدين وزارة الصحة بقدر ما يشهد لمستشفى السلام الدولي، فقد نص على غلق المستشفى لمدة شهر “غلقاً إدارياً تأديبياً”، إذاً لم تجد الوزارة أي تقصير من جانب المستشفى يخص معايير تقديم الخدمة الطبية، أما حجة الوزارة في الغلق الإداري لعدم تنفيذ المستشفى قرار مجلس الوزراء، باستقبال مريض الطوارئ وإنقاذ حياته، إلا بعد مساومته بتحرير إيصال أمانة بقيمة نصف مليون جنيه، فينفي عنها واقعة المساومة تصريحات الدكتور علي محروس، رئيس الإدارة المركزية للعلاج الحر والتراخيص، والتي أكد فيها أن المستشفى استقبل المريض، وقام بعمل اللازم، ثم قام بمطالبة أهل المريض بتحرير إيصال أمانة، الوزارة هنا تناقض نفسها، فالمساومة تعني إن لم تفعل كذا لن أفعل كذا، في حين أن المستشفى قامت بواجبها على أكمل وجه ثم طالبت بحقها.

أما مسألة أن المريض تنطبق عليه صفة مريض الطوارئ من عدمه، قياساً على قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1063 بتاريخ 23 يوليه 2014، فهي مربط الفرس في الموضوع كله، أمامي صورة من تقرير دخول المريض مستشفى السلام الدولي، تفيد بأن المريض إسماعيل ركابي خليل، قد حضر إلى قسم الطواريئ بالمستشفى بادعاء حادث سيارة، وتم نقله إلى المستشفى بواسطة الإسعاف، قادماً من مستشفى حلوان العام، والتي قامت بإجراء كافة الإسعافات اللازمة، وبالفحص المبدئي، تبين وجود بتر كامل تحت الكوع الأيمن مباشرة، وكسر بالطرف العلوي الأيسر، وعدة كدمات وسحجات بأماكن متفرقة، وقد تم إجراء الإسعافات اللازمة، وإنهاء إجراءات دخول المستشفى لاستكمال العلاج.

ماذا يقول قرار رئيس مجلس الوزراء المشار إليه؟.. ينص: “تلتزم جميع المنشآت الطبية الجامعية والخاصة والاستثمارية، المرخص بإنشائها طبقاً لأحكام القانون رقم 51 لسنة 1981، والمستشفيات التابعة لشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، بتقديم خدمات العلاج لحالات الطوارئ والحوادث بالمجان لمدة 48 ساعة، يخير بعدها المريض أو ذووه، في البقاء بالمنشأة على نفقته الخاصة بالأجور المحددة المعلن عنها، أو النقل الآمن لأقرب مستشفى حكومي، على أن تتحمل الدولة تكاليف العلاج من موازنة العلاج على نفقة الدولة، وفي جميع الأحوال لا يجوز نقل المريض، إلا بعد التنسيق مع غرف الطوارئ المركزية أو الإقليمية المختصة أو غيرها، لتوفير المكان المناسب لحالته الصحية”.

هل ينطبق القرار على واقعة المريض ركابي مع مستشفى السلام الدولي؟!.. قولاً واحداً لا ينطبق، فمجرد استقبال مستشفى حلوان العام للمريض، وإجراء الإسعافات الأولية له، وهي وفقاً للمعايير المتعارف عليها في حالته، مجرد إيقاف النزيف والتوصية بما يلزم، أنقذ حياة المريض بالفعل، ونفى عنه صفة مريض الطوارئ، ووفقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء، تستكمل علاجه مستشفى حلوان العام، أو تنقله نقلاً آمناً لأقرب مستشفى حكومي، حكومي وليس استثماري، وينفي عن الحالة أيضاً صفة الطوارئ بالنسبة لمستشفى السلام الدولي، أن حادثة الطوارئ لم تقع في محيط 5 كيلو مترات من موقع المستشفى، وهو ما تنص عليه التعليمات التنفيذية لقرار رئيس مجلس الوزراء.

يؤكد صحة ما نقول، أن شهود العيان أكدوا أن المريض ركابي حضر إلى مستشفى السلام الدولي بصحبة أهله بإرادته، وفي كامل وعيه، وحاملاً يده المبتورة في “جردل”، بعد أن نصحه أطباء مستشفى حلوان، بالتوجه إلى مستشفى السلام الدولي، لإعادة زراعة يده بدلاً من إحلال طرف صناعي، خاصة وأنها اليمنى، ولا يقوم بمثل هذه العمليات المعقدة إلا مستشفى بحجم مستشفى السلام الدولي، استجابة ركابي للنصيحة، وقراره مع ذويه بالتوجه من مستشفى حلوان إلى مستشفى السلام الدولي، خرج به من دائرة العام بإمكانياته الضعيفة المجانية، إلى دائرة الخاص بموارده القوية المكلفة، وأكد ركابي وأهله استعدادهم لدفع تكاليف تصل إلى نصف مليون جنيه.

وبينما ينحني ظهر الخبير العالمي الدكتور مصطفى محمود، أستاذ جراحة العظام بقصر العيني، ولمدة تصل لـ18 ساعة بصحبة أمهر الأطباء وفنيي التمريض، وباستخدام أحدث التقنيات والمستلزمات الطبية، ليحقق إعجازاً طبياً فريداً، بزراعة يد ركابي اليمنى، وفي عملية معقدة نجح خلالها في توصيل الأعصاب والشرايين والأوردة والعظام، في هذه الأثناء، اجتهدت عزوة ركابي بقرية دراو بأسوان في التواصل مع بلدياتهم بمجلس الشعب، فكان ما كان بعد نجاح العملية من سيناريو التهرب من دفع تكاليفها، فليفرح إذاً ركابي وعائلته، وفداهم سمعة مستشفى رائد كمستشفى السلام الدولي، ولا عزاء لمدة شهر لمرضاه الألف في المتوسط، المترددين يومياً على مجمع عياداته الخارجية وغرف عملياته.

ولا يصدمك في الموضوع كله، إلا موقف وزير بدرجة موظف، كان الأولى به أن يدافع عن صرح طبي عريق، يقف مع غيره من مستشفيات القطاع الخاص، بمثابة السند لمنظومة الصحة المصرية الحكومية الخربة، فلا تجده إلا موجهاً سهام خيانة الأمانة لمستشفى السلام الدولي، تحرير إيصالات الأمانة عرف موجود منذ زمن في مستشفيات القطاع الخاص، ضمانة لاقتضاء حقوقها دون أي مساومة في مواجهة المرضى العاجزين عن السداد الفوري، فالخدمة الصحية كأمانة مهنية تؤدى دون أي تقاعس من أي نوع، والمرضى يسددون على أقساط بعد ذلك، وماذا عن حماس الدكتور أحمد عماد الدين راضي وزير الصحة، في واقعة غلق مستشفى السلام الدولي؟!.

كنت أتمنى أن أراه حاضراً بنفس القوة، في الرد على شكاوى جميع المواطنين، وخاصة ما يتعلق منها بأوضاع مستشفيات وزارته، مثلما جاء مندفعاً مهرولاً في استجابته لشكوى ركابي وأهله، في مواجهة مستشفى السلام الدولي، وكنت أنتظر نفس الحماس من معالي وزير الصحة بشأن تطوير موارد وخدمات المستشفيات الحكومية في مجموعها، ومنها مستشفى حلوان العام التي استقبلت ركابي أولاً، وبما يرفع من مستوى أداء منظومة الصحة المصرية، ويضمن تقديم الخدمة لجميع المواطنين وفقاً لأحدث المعايير العالمية، وذلك بدلاً من تشويه مؤسسة بحجم مستشفى السلام الدولي، حاصلة على شهادة الاعتماد الدولي في الرعاية الصحية، وتشغل مساحة هامة في القطاع الصحي في مصر.

لا أطالب وزير الصحة فقط برفع قراره بغلق مستشفى السلام الدولي في أسرع وقت ممكن، وإنما ألزمه بضمان حق المستشفى في الحصول على مستحقاتها المالية طرف ركابي وأهله، إذا كان يقدر بالفعل دور القطاع الخاص في تنمية الدولة، وهي الرسالة التي تؤكد عليها القيادة السياسية في كل مناسبة، والتي أرجوها هنا أن تقف بالفعل على مسافة واحدة من الجميع، فتنتبه إلى المنتسبين إليها بشكل أو آخر، فلا يسيئون بأفعالهم إلا إليها، أما مستشفى السلام الدولي، فأدعوها لتوجيه الدعوة إلى مؤتمر صحفي، توضح فيه حقائق الأمور، فهي من القوة بمكان يحفظ حقها ويجعلها تواجه الأزمة بشجاعة تخرس بها ألسنة القيل والقال.

هذا المقال يعبر عن رأي صاحبه، ونشره إعلام دوت أورج بهدف استجلاء الحقيقة ويرحب إعلام دوت أورج بنشر أي رد على هذا الموضوع.