سيناريو خيالي.. كيف سيفوز منتخب مصر بكأس العالم؟!

محمد حمدي سلطان

هل يبدو عنوان المقال مضحكًا؟ هو كذلك بالفعل، وأنا نفسي ضحكت وأنا أكتبه الآن، ولكن فلنفترض أن معجزة ما ستحدث في يوليو القادم، وستفوز مصر بالفعل بلقب المونديال، فهل سيبقى وقتها أي مجال للضحك؟ أم أننا سنكون أمام أمر مدهش ومذهل، بكل المقاييس، وحدث فوق قدرتنا على الاستيعاب، فنحن بالكاد ما زلنا نستوعب أننا وصلنا بالفعل إلى كأس العالم -بعد كل هذه السنوات من الغياب- وبعضنا لن يصدق حتى يرى المنتخب يلعب مباراته الأولى بالمونديال، فما بالك إذا حدثت معجزة كروية كونية جنونية خارقة للعادة وللمنطق وللعقل، وفزنا بكأس العالم.

أنا أستطيع أن أتخيل أن تفوز مصر بكأس العالم، لكن خيالي يعجز تمامًا عن تصور كيف سيكون رد فعل الشعب المصري إذا حدثت هذه المعجزة. أحتاج لما هو أكثر من الجنون، وأبعد من الخيال لكي أحاول أن أرسم مشهدًا مثل هذا. وعمومًا إذا كنت لا تزال ترى العنوان مضحكًا، فهذا الأمر لا يزعجني على الإطلاق، بالعكس.. فهو دليل على أنني نجحت على الأقل في إضحاكك، وهو شيء يكفيني ويسعدني ويرضي غروري.

كرة القدم.. لعبة المتناقضات

أسباب كثيرة تجعل من كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى في العالم، وأهمها كونها تحفل بالكثير من التناقضات، فلديها تقاليد عريقة، وبما يمكن أن نسميه بمراكز قوى تفرض سيطرتها على اللعبة، فالكرة تحترم الأسماء والنجوم والجماهيرية، والفرق والمنتخبات الكبرى صاحبة التاريخ، ولكنها في أحيان كثيرة تضرب بكل هذا عرض الحائط، فهناك دائمًا نافذة صغيرة كثيرًا ما يدخل منها الجنون، وتحضر الدراما، بسيناريوهات عبثية، ونتائج غرائبية مفاجئة، لا يتوقعها أحد، فإذا كانت الكرة تحترم الماضي والتاريخ، فهذا ليس كل شيء، لأن احترامها للحاضر أكبر بكثير. جمعها بين المنطق واللا منطق بنسب تقريبًا متساوية، هو ما يجعل من كل مباراة مهما تباين مستوى طرفيها قابلة لكل الاحتمالات. هذا الأمل في الانتصار المتاح للجميع، وحالة الشك وعدم اليقين من الانتصار التي تنتاب الجميع أيضًا، من أسرار متعة هذه اللعبة. كلام كثير نستطيع أن نلخصه بجملة “الكرة مالهاش كبير” رغم أن لها كبار كثيرون، وهذه إحدى تناقضاتها التي لا تنتهي.

نرشح لك: القنوات الناقلة لمباراة مصر وغانا

تركيا 2002

المتابع الجيد لمباريات كرة القدم، يستطيع أن يستدعي من الذاكرة، عشرات الأمثلة على صحة هذا الكلام، أما أنا فسأكتفي بمثال واحد فقط، وهو منتخب تركيا الذي ذهب عام 2002 لمونديال كوريا الجنوبية واليابان، ليشارك بكأس العالم للمرة الثانية في تاريخه، وبعد غياب 48 عاما بعد مشاركاته الأولى بمونديال 1954. منتخب تركيا هذا الذي لم يكن يمتلك أي تاريخ مونديالي، وجاء من بعيد ليشارك ويصبح حديث العالم وقتها، بعد أن وصل للدور نصف النهائي، واستطاع أن يحقق المركز الثالث في إحدى مفاجأت الكرة الغريبة. أما الشيء الأغرب فهو فشل المنتخب التركي في الوصول لكأس العالم منذ تحقيقه لهذا الإنجاز الفريد من نوعه، وما زال الأتراك ينتظرون مشاركاتهم الثالثة بالمونديال، والتي ستسبقهم مصر إليها في العام القادم بروسيا. على أي حال أرجو ألا تفهم من كلامي هذا، أنني أحاول إقناعك بإمكانية فوزنا بكأس العالم، فأنا نفسي غير مقتنع على الإطلاق بشيء كهذا، فكيف سأنجح في إقناعك بشيء، أنا أحتاج أكثر منك لمن يقنعنى بإمكانية حدوثه. فأنا لست إلا مجرد مشجع لمنتخب بلاده، وفقط أحلم وأتخيل، والحمد لله أن الأحلام لسه “ببلاش” والخيال ما زال متاحًا للجميع، والكلام “ماعليهوش جمرك”.

المجموعة السابعة.. كل الطرق تؤدي إلى روما

تنتظر جماهير الكرة في مصر على أحر من الجمر قرعة المونديال والتي ستقام في أول ديسمبر المقبل، وبما أنني قررت أن أركب حصان خيالي فلا داعي للانتظار، وسأخبرك الآن بأننا سنقع في مجموعة صعبة عكس ما نتوقع أو نتمنى، وهى المجموعة السابعة مع منتخبات بلجيكا وإيطاليا وأستراليا. ولأن كل الطرق تؤدى إلى روما، ففي أول مشاركة مونديالية لمصر خارج الأراضي الإيطالية، ستكون مباراتنا الأولى في روسيا أمام الطليان، في مباراة سيتخلى فيها هيكتور كوبر عن حذره الدفاعي بعض الشيء، وسنقدم أداءً مشابهًا لما قدمناه أمام هولندا في مونديال 90 بل سيكون سيناريو المباراتين تقريبًا متشابهًا، وستفاجئنا إيطاليا بهدف مع بداية الشوط الثاني، رغم سيطرتنا على مجريات اللعب، وقبل النهاية بعشر دقائق، وفي نفس لحظة سقوط حسام حسن في منطقة جزاء هولندا، ستحتسب لنا ضربة جزاء ليسجل منها محمد صلاح هدف التعادل للمصريين. وبعد نهاية المباراة ستتوارد أنباء عن إصابة الكابتن مجدي عبد الغني بأزمة قلبية، ولن نعرف أبدا إذا كانت بسبب فرحته الزائدة بهدف صلاح، أم حزنًا على هدفه في شباك هولندا والذي ظل صامدًا لـ 28 عاما كهدف مونديالي أخير للفراعنة. في مباراتنا الثانية أمام منتخب بلجيكا القوي، سنستعيد أمجاد ما فعلناه أمام أيرلندا، وسيستحضر هيكتور كوبر روح الجنرال القدير محمود الجوهري، ويدافع كما لم يدافع من قبل، لينجح في الخروج من المباراة بما يريده وهو التعادل السلبي، وسط لعنات الصحافة العالمية ومدرب بلجيكا وبعض جماهير الكرة في مصر رغم فرحتها بالتعادل. بدءً من مباراة استراليا ستتخذ مشاركة مصر بمونديال روسيا مسارًا مغايرًا تمامًا لما حدث لمنتخب 90 الذي اصطدم بمنتخب انجلترا العريق في مباراته الثالثة، فخسر بهدف وخرج من الدور الأول، أما في 2018 فسنفعل العكس ونهزم استراليا بهدف لنصعد للدور الثاني، كثاني للمجموعة خلف بلجيكا المتصدرة والتي ستنجح في الفوز على إيطاليا وإقصائها خارج المونديال مبكرا.

محمد صلاح

 

وداعًا ميسي .. وداعًا كريستيانو

بنسبة كبيرة سيكون مونديال روسيا هو المونديال الأخير للنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، الذي سيصل عمره لـ 37 عامًا وقت إقامة المونديال بعد القادم عام 2022 وسيجد صعوبة كبيرة في الاستمرار بالملاعب في مثل هذه السن، وإن كان كل شيء واردًا بالنسبة لنجم كبير مثل رونالدو. نفس الأمر ينطبق على ميسي وإن كان بدرجة أقل لأنه ما زال على مشارف الثلاثين، وإن كانت نتائجه المحبطة مع منتخب التانجو تجعلنا نتوقع أن يفاجئنا في أي لحظة بقرار اعتزاله للعب الدولي مكتفيًا بعطائه مع برشلونة. عمومًا هذان النجمان الأسطوريان سيكونان على موعد مع مفاجأة غير سارة في مونديال روسيا، والبداية مع رونالدو ومنتخب البرتغال الذي سيواجه مصر في دور الـ 16 وسيتقدم صلاح للفراعنة، ويتعادل رونالدو، ليلجأ كوبر في الوقت المتبقي من المباراة لطريقة “ركن الاتوبيس” وهو التعبير الشائع عن اللعب الدفاعي الصريح، لنصل إلى الوقت الإضافي، ثم ركلات الترجيح التي ستبتسم لمنتخب مصر، ليصعد لدور الثمانية ويصطدم بالأرجنتين، ليعيد صلاح الكرة ويتقدم بهدف، ويتعادل ميسي، ليصبح الوقت المتبقي من المباراة، عبارة عن هجوم كاسح من ميسي بمفرده، ودفاع مستميت من كل لاعبي المنتخب، والعارضة والقائمان، لنصل إلى الوقت الإضافي، وقبل النهاية بدقيقة وبينما الجميع ينتظر اللجوء لضربات الجزاء مرة أخرى، يستغل محمد صلاح سرعته، والمساحات الشاسعة فى دفاعات الأرجنتين، ويقوم بهجمة مرتدة مارقة، يسجل منها هدفًا قاتلاً يصعد بمصر للمربع الذهبي، وسط ذهول العالم، وصدمة ميسي، وانهيار مجدي عبد الغني. فلا أحد يصدق أن خروج أعظم موهبتين في العالم من المونديال جاء على يد نجوم “الإيجيبشان ليج” وبالطبع هم معذورون فى ذلك، رغم أن الدوري المصري معروف بقوته وبجبروته.

كريستيانو رونالدو

 

باي باي فرنسا

سيراهن الجميع على أن مسيرة المنتخب المصري ستتوقف عند هذه المرحلة، فالتاريخ يقول أن بطولة كأس العالم تسمح بحدوث بعض المفاجأت حتى الدور قبل النهائي، وليس أبعد من ذلك، فطرفي المباراة النهائية دائمًا ما يكونا من الكبار، بينما كوبر سيبدو واثقًا من الوصول للمباراة النهائية، كما تعود دائمًا طوال مسيرته التدريبية أن يصل إليها ويخسرها. ستواجه مصر في قبل النهائي منتخبًا فرنسيًا قويًا مليئًا بالنجوم أمثال مبابي وجريزمان، سيبقى المدرب الأرجنتيني مخلصًا لطريقته الدفاعية الصارمة، بل سيبالغ في ذلك لدرجة أن لاعبي المنتخب المصري لن يغادروا نصف ملعبهم إلا مرات تعد على أصابع اليد الواحدة، وهو ما سيجعل التعادل السلبي هو النتيجة الحتمية لهذا اللقاء، بوقته الأصلي والإضافي، وقبل اللجوء لضربات الجزاء لتحديد الفائز والمتأهل للنهائي، سيفقد مدرب فرنسا أعصابه ويشتبك مع كوبر لاعنًا طريقته الدفاعية المستفزة. توتر المدرب الفرنسى سينتقل إلى لاعبيه، مما سيجعلهم يهدرون أول ركلتي جزاء لتفوز مصر فى النهاية، ويحبس العالم أنفاسه غير مصدق أن مصر أصبحت بالفعل طرفًا في المباراة النهائية وستواجه البرازيل.

لا تبكي يا نيمار

منتخب السامبا الذي سينجح في الثأر من هزيمته المذلة على ملعبه أمام ألمانيا في المونديال السابق، سيقهر الماكينات الألمانية ليجد نفسه في النهائي أمام خصم لا يتوقعه وهو ما سيجعله يشعر بالارتباك. سينزل المنتخب البرازيلي إلى الملعب وهو متيقن من أن منتخب مصر لن يفعل شيئا سوى الدفاع، وهو ما سيجعل مدربه يقرر أن يهاجم بكل خطوطه منذ اللحظة الأولى للمباراة. على الجانب الآخر سيجد هيكتور كوبر أنه لم يعد لديه ما يخسره، فبالنسبة للمصريين الوصول للمباراة النهائية حلم مستحيل تحقق وإنجاز ليس بعده إنجاز، وبالنسبة إليه فخسارة المباراة النهائية ليس أمرًا جديدًا، وهو اعتاد على ذلك، لهذا سيقرر كوبر أن يغامر للمرة الأولى في حياته، ملقيًا كل قناعاته التدريبية خلف ظهره، ومفاجئًا البرازيل بطريقة لعب هجومية لا تتوقعها، وهو ما سيجعل المنتخب المصري يتقدم بثلاثة أهداف في أول 20 دقيقة من المباراة، تفيق البرازيل من صدمتها مع نهاية الشوط الأول بهدف لنيمار، يتبعه هدف آخر لكوتينيو مع بداية الشوط الثانى، وبينما الجميع ينتظر حفلة أهداف آخرى للبرازيل، يعود المنتخب المصري للتماسك، ويخطف صلاح هدفًا رابعًا فى الدقائق الأخيرة، لينهى الحكم المباراة معلنًا فوز مصر بلقب كأس العالم، وسط دموع نيمار الذي سيبكي كالأطفال، بينما كوبر سيتعرض لإغماءة من شدة الانفعال والفرحة، ولن يجد من يهتم لأمره، فالكل في حالة فرحة هيستيرية. أشياء كثيرة ستتغير بعد فوز مصر بكأس العالم، سيعود العرب للالتفاف حول مصر الشقيقة الكبرى، ستجرى مصالحة بين مصر ودول الخليج ودولة قطر، ومصالحة أخرى تاريخية بين النظام وجماعة الإخوان، ستعيد السعودية إلينا جزيرتي تيران وصنافير احتفالاً بالانتصار التاريخي، سيختفي مجدى عبد الغني في ظروف غامضة، ستسود روح جديدة في الشارع المصري مع شعور المصريين بأن بلادهم تستحق مكانة أفضل في مختلف المجالات، وليس كرة القدم فقط. أشياء كثيرة ستتغير ولكن شيئًا واحدًا سيظل ثابتًا، وهو مطالبة بعض الفلاسفة والخبراء برحيل هيكتور كوبر من منصبه من أجل مصلحة المنتخب، ولأنه -من وجهة نظرهم- أثبت فشلاً ذريعًا…