طارق الشناوي يكتب: بذاءة (لا مؤاخذة) مخرج مثقف!

استيقظ نقيب السينمائيين الأستاذ مسعد فودة على رسالة من مخرج معروف عنه الانفلات في كلماته، كتب على الموبايل عبارة يعاقب عليها القانون الجنائي. كان واثقا أن النقيب المتسامح بطبعه لن يلجأ لإعمال القانون. لقد صدّر للناس أكذوبة أنه مثقف وصاحب موقف، ولا أدرى كيف، فهو لا يتحرك إلا لتحقيق مصالحه، ولا يستخدم قواه الجسدية وتجاوزات لسانه إلا فقط لتحقيق تلك المكاسب الصغيرة.

يملأ الدنيا بأحاديثه عن إيمانه المطلق بالديمقراطية، واحترامه للرأي والرأي الآخر، وأنه مستعد للدفاع عن حق الآخرين في التعبير وحمايتهم للإدلاء بآرائهم حتى لو اختلفوا معه، وكثيرا ما نراه في لقاءاته مرددا مقولة الإمام الشافعى (رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب)، أنه يبيع بضاعته الراكدة بتلك الكلمات التي يتشدق بها هنا أو هناك من أجل تمرير مصالحه، هذا الهجص تشتريه منه بعض الفضائيات والصحافة، ويظل يردد في (الميديا) كلماته التي يسوق بها نفسه، ولا أحد يجرؤ على أن يكشف زيفه، تحسبا لسلاطة لسانه، فهو مستعد لأن يخلع هدومه في ميدان التحرير، لو حقق من خلال ذلك أي مكسب. منذ أن دخل الوسط الفني، وهو يعتبر نفسه وفيلمه هو المرجعية إذا أثنيت على فيلمه فأنت حقا فنان عظيم وناقد معتبر، ويا ويلك يا سواد ليلك لو اقتربت من فيلمه، فسوف ينالك الكثير من السباب والتشنيع.

إنها ليست حكاية شخصية، ولا أريدها حقيقة أن تُصبح كذلك، لأن تلك الحالة، مع الأسف، تمثل قسطا لا بأس به من المثقفين الذين يرفعون شعارات هم أول من يخترقونها، دائما، ولا أدري كيف! فلديهم قناعة أنهم غير مفضوحين، تجدهم في اجتماعات سرية يعقدون صفقات يحصلون بمقتضاها على مكاسب من الدولة، وبعدها تخفت حدة المعارضة، وبين الحين والآخر يلاعبهم النظام، يرمي لهم جزرة، يلهثون وراءها، وهكذا تستمر اللعبة، لقد تلاعب به أحد وزراء الثقافة السابقين، عندما هاجمه في لقاء عام، فاستدعاه لمكتبه، ووعده بمنصب، فلم يكتفِ بالتوقف عن مهاجمة الوزير، بل تحول إلى (بودي جارد) للوزير، فإمكانياته الجسدية تؤهله لذلك، إلا أن الوزير أراد ان يلقنه درسا، فلم يوقع معه التعاقد، أراد فقط كشفه أمام أصدقائه ليعلموا كم هو مستعد لتغيير ذمته وموقفه في لحظات، لقد خرج في ثورة 25 يناير رافعا شعارات النقاء والثورية ضد الفساد، إلا أنه من الممكن أن يغض الطرف عنه لو كان له نصيب على طريقة (فيها لأخفيها).

بعد أن أطلعنى مسعد فودة على الكلمة البذيئة التى كتبها في حقه، وأخبرني أنه أيضا أرسل مثلها لآخرين، قلت للنقيب إن عليه أن يتوجه فورا إلى قسم الشرطة لتحرير محضر حتى يفضح هذا السلوك الشائن، فقال لي: “يعز عليّ أن أقف في ساحة القضاء، متهما زميلا بالتجاوز في حقي.. موقعي يقتضي مني أن أدافع أولا عن حقوق الزملاء جميعا حتى من أساء إلّي”. قلت له تقدم بشكوى في النقابة، وتنحَّ عن رئاسة الجلسة، واترك الزملاء يجرون معه التحقيق، حتى تضرب مثلا للجميع بأن لا أحد فوق القانون.

أوراق السوليفان الزائفة يوما ما ستسقط، الدائرة الفنية تلفظهم بعد أن فقدوا لياقتهم الإبداعية، وصاروا خارج الزمن، وكلما ازداد تراجعهم الفني ازدادوا شراسة وحنجورية في توجيه البذاءة، ومع الأسف! لا يزال بعض الزملاء يصفقون للبذاءة.