محمد عبده بدوي يكتب: عن عيون فاطمة

         -1-

أعرف

أن موعد رحيلك قد أقترب، وأنها مسألة وقت لا أكثر

أعرف

أن ابتسامتك الصافية لن تدوم

فالحياة لن تمنحك وقتا أطول

… ستغيبين وسيغيب النور !

أعرف جيدا ….

أن هذا المرض اللعين، ما ترك انسانا من قبل الا ورفع رايته السوداء على جسده المنهزم

….. لكن ما لم أكن أعرفه أنني سأحزن عليك – كل هذا الحزن – يا فاطمة !!

            -2-

إنه الموت …. يا فاطمة

كم هو قاس وموحش

ضيف ثقيل ومستبد، لا يقبل الحوار ، ولا ينهزم أبدا، ستتعطل بلاغتك، وتضيع كل أسئلتك أمامه.

لا تطلبي منه شفاعة

ولا تطلبي من أحد أن يبكيك حين يجيئك رافعا سيفه

أو من يحمل لك بعض الزهر

ويتبعك حتى تدفنين

ويحفر لك شبرين في الأرض

ويقول: ليرحمها الله

فقط لتبتسمي في هدوء

ولتفتحي عيونك الواسعة الجميلة عليه !!

فالموت الآخذ بالأنفاس

لم يأخذ مبلغ ما أخذ الانسان

في هذه الأرض !

 

                    -3-

تجلس فاطمة على ديسك الأخبار بكامل زينتها، تقرأ نشرتها ، كما يليق بمذيعة محترفة، زادتها خبرات السنين تألقا ومهارة، تقرأ |أخبار العالم، ولا أحد يقرأ خبرها الحزين، فالمرض ينهش جسدها، يطعن خلاياها بلا هواده، بخبث يراوغها وينتقل من مكان لمكان معلنا انتصاره.

… يتساقط شعرها ورأسها مرفوعة دون انكسار أمام الكاميرا !

لكل صوت شخصية ، وفاطمة صاحبة – الصوت الشخصية -، صوت عذب يحنو عليك ولا يقسو، صوت لا يشبه أحدا، يخيل اليك، أنها تربت به على الأشياء من حولها  في وداعة وصفاء، صوت متزن حكيم ، حين تسمعها تشعر أنك داخل بيت تنبعث من أركانه الموسيقى

….. تكمل فاطمة نشرتها

… ولا تنتبه لموتها القادم على باب الاستديو !

 

              -4-

             لا تبك الموتى

               ابك الأحياء

    ناديت فاطمة ….. وما وصل النداء !!!