محمد سلطان محمود يكتب: بعيدًا عن الإسطوانات المشروخة.. هذا ما يحتاجه الزمالك القادم

الكثيرون من مشجعي كرة القدم في مصر يتساءلون؛ ما هو سبب تراجع مستوى فريق الزمالك خلال الموسمين الماضيين بعد تحقيق ثنائية الفوز بالدوري الممتاز وكأس مصر؟

هل هو بسبب كثرة تغيير الأجهزة الفنية؟ أم نتيجة للضغوط الموضوعة على لاعبي الفريق من إدارة النادي؟ أم أن كل ذلك يرجع إلى إمكانيات اللاعبين المتواجدين في قائمة القلعة البيضاء؟

بالتأكيد لكل تلك العناصر السابق ذكرها دور وتأثير، لكن بنسب متفاوتة، والثلاثة عناصر مرتبطة ببعضها ووجود أي خلل في أحدها يؤثر على العنصرين الأخرين.

البرامج الرياضية والإستوديوهات التحليلية تميل كلها إلى نظرية لوم إدارة نادي الزمالك متمثلة في رئيسه بسبب كثرة تغيير المديرين الفنيين، فهي نظرية سهلة لا تحتاج إلى محللين رياضيين بقدر ما تحتاج إلى أشخاص يجيدون الحديث لفترات طويلة وترديد كلام محفوظ وسهل التكرار بداعي الحرص والقلق على مصلحة نادي الزمالك، ويساعدهم على ذلك تصريحات رئيس النادي التي لا تخلو من الاتهامات لكل خصومه وأطراف اللعبة سواء اتحاد كرة أو قنوات ناقلة للمباريات أو مديرين فنيين تمت إقالتهم.

لكن العنصر الذي يتناوله الإعلام دائمًا على استحياء هو عنصر اللاعبين، وهوالعنصر الأهم في كرة القدم بكل تأكيد، لكنه يتطلب تحليل فني وإبداء الرأي في مستوى اللاعبين ومميزاتهم وعيوبهم الفنية، وهو يتطلب إمكانيات لا تتوافر لدى العديد من المحللين في الإستوديوهات التحليلية.

الأمر لا يتعلق بمدى تألق اللاعبين مع فرقهم السابقة قبل انضمامهم إلى الزمالك أو مهاراتهم وقدراتهم على مراوغة المدافعين، فكلها عناصر ثانوية مقارنة بالقيمة الأهم وهي عقلية وشخصية اللاعب.

بعض اللاعبين ينتهي طموحهم بارتداء فانلة الزمالك، والبعض الأخر يبدأ طموحة بارتداء تلك الفانلة. انظروا إلى قائمة لاعبي الزمالك المنضمين إلى منتخب مصر في موسم 2014/2015 وانظروا إليها الآن، وقارنوا بين تأثير هؤلاء اللاعبين في الملعب وقتها وتأثيرهم الآن، لتدركوا الفارق.

قارن بين قوة جبهة الزمالك اليسرى التي تكونت لفترة من أحمد عيد عبد الملك وحمادة طلبة -وكلاهما كان في منتصف الثلاثينات- وبين جبهته الحالية التي أصبحت نقطة الضعف التي يستغلها خصوم الزمالك للضغط على الفريق وصنع الهجمات.

الزمالك يحتاج إلى لاعب مقاتل يمتلك شخصية القائد، لاعب صاحب خبرات يحترمه زملاؤه ويخشاه منافسوه ويستمع إليه حكام المباريات؛ الزمالك يفتقد تأثير شخصية أحمد عيد عبد الملك المعروف بصرامته وجديته الشديدة داخل الملعب، كما يفتقد الدور الإيجابي للقائد خارج الملعب في تجميع اللاعبين والحفاظ على روح التناغم بينهم.

أحمد عيد عبد الملك هو من قرر الرحيل عن الزمالك، ولا يمكن لوم إدارة النادي على ذلك، لكن عدم إيجاد اللاعب البديل الذي يتحلي بشخصية القائد في الزمالك تسبب في إحداث حالة من الشللية داخل الفريق، تستطيع أن تراها في المشادات المتكررة داخل الملعب، أو في الخلافات التي تسمع عنها في التدريبات، حتى أصبح من المعتاد أن تقرأ خبرا عن وجود حالة من المشاحنة بين لاعبين داخل فريق الزمالك، وترى ذلك في عدم منح الكرة من لاعب لآخر لأنه ببساطة لا يحبه.

قارن بين المستوى الفني لمصطفى فتحي وباسم مرسي في موسم الإنجاز 2014/2015 وفي الموسمين التاليين؛ باسم مرسي يبدو كشبح لمهاجم واعد تألق لموسم واحد قبل أن يخفت بريق موهبته فجأة، بينما أصبح مصطفى فتحي لاعبا خفيا يظهر لدقائق قليلة كل مباراة من أجل تذكير وكلاء اللاعبين أنه مازال يلعب في فريق كبير، وهو ما جعل رحيله معارًا إلى نادي التعاون السعودي بمثابة خبر سار لشريحة كبيرة من جماهير الزمالك التي ملت من مشاهدة أداءه السيئ لفترة طويلة.

قائمة الزمالك الآن بها ما لا يقل عن 15 لاعبا لا يصلحوا لتمثيل الزمالك حتى في مباراة ودية، وليس في فريق يفترض به المنافسة على 3 بطولات سنويًا، ومن المتوقع رحيل عدد كبير من اللاعبين لينضم بدلًا منهم عدد مماثل، لكن الزمالك لايحتاج إلى 10 صفقات جديدة بقدر ما يحتاج إلى 3 أو 4 لاعبين يمتلكون شخصية اللاعب المقاتل الذي يلعب من أجل الفريق وليس مجده الشخصي أو من أجل استعطاف الجماهير دون مقابل وجهد مبذول في الملعب.

أحضر السير أليكس فيرجسون أفضل مدرب كرة قدم في التاريخ وإدارة نادي بايرن ميونخ المستقرة وامنحهم قائمة الزمالك التي تضم لاعبين مثل محمد ناصف وإسلام جمال وأحمد توفيق وإبراهيم صلاح وأحمد جعفر ومايوكا، وتأكد أن الزمالك لن يحصل على بطولة، ولن يقدم كرة قدم تختلف عن تلك اللي قدمها مع محمد صلاح ومحمد حلمي.

لكن أحضر مجموعة لاعبين يمتلكون روح القتال حتى الثواني الأخيرة، ومديرا فنيا تقليديا ورئيس نادٍ سريع الغضب، وامنحهم تحكيما متوسط المستوى وإعلاما لا يعاملهم كفريق أجنبي يلعب في مصر، واستمتع بكرة القدم الحقيقية من فريق معروف منذ عشرات السنين بلقب “مدرسة اللعب والفن والهندسة”، فريق يعيد للجمهور متعة مشاهدة مباراة القمة مع الأهلي، ويجعل من مباراة الإسماعيلي مهرجان للمهارات الكروية والأهداف المهارية.