مينا عادل جيد يكتب: الجماعة بتوع "الجماعة 2"

وحيد حامد

لا أعلم كيف ضفر وحيد حامد كل هذه المراجع التاريخية في حوار غني وشيق وسلس ورشيق ومظبوط بالمسطرة بين شخصيات مسلسل الجماعة ٢، اللي صاببها وظابطها وحيد حامد بمعلقة قهوجي محترف وحريف وصنايعي ومثقف، وصاحب رؤية ثاقبة للتاريخ، وتشم في جمل وحيد حامد الحوارية رائحة الموهبة والخبرة والثقافة ووجهة النظر الضروري تواجدها في أي كاتب، وتجد وحيد حامد في مسلسل الجماعة ٢ مابيكروتش، مابيخسعش في النص، مابيعبيش حلقات وخلاص.

ولكني أجد اختلاف جذري وجوهري بين شخصية سيد قطب التي كتبها وحيد حامد وشخصية سيد قطب في رواية “قمر على سمر قند” للكاتب والروائي محمد المنسي قنديل فجسده الأول رجل ثقيل واثق من نفسه ومغرور في بعض الأحيان، وجسده الثاني في روايته رجل صعلوق، ولا أعلم من أين أتى كل هذا التباين بين السيدين قطب.

شريف البنداري

مخرج جيد يعي جيدا أهمية العمل الذي يقوم بإخراجه، وتوقفت حتى الآن أمام ثلاث مشاهد للمخرج شريف البنداري:-

المشهد الأول: عندما كانت تحكي زينب الغزالي لنساء جماعة الإخوان المسلمين عن أول مرة قابلت فيها حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وفي هذا المشهد غزل البنداري بمهارة وموهبة بين الحاضر الذي تقص فيه زينب الغزالي اللقاء الأول، وبين استدعاء روح البنا من الماضي عن طريق مخيلة زينب الغزالي في نفس المشهد، بأسلوب محترف وزوايا تصوير وقطعات كاميرا وإضاءة مؤثررين للغاية، جعلت من المشهد مشهدًا عالميًا.

المشهد الثاني: وهو مشهد بسيط ولكنه عميق، وهو انعكاس صورة الهضيبي مرشد الإخوان المسلمين في المرآة وهو يصافح الملك فاروق في نهاية لقاء تعاهدوا فيه الإثنين معا على التحالف، وانعكاس صورة الهضيبي في المشهد إشارة إلى أن الإخوان بألف وجه، وهو ما ستظهره وتؤكده الأحداث فيما بعد.

المشهد الثالث: وهو مشهد اتفاق الهضيبي مع القائمين على عملية اغتيال عبد الناصر في المنشية، ويدور المشهد في غرفة مكتب المرشد في منزله أثناء الاحتفال بعودته من الخارج، ويظهر في الغرفة المرشد وهو يجلس على المكتب وأمامه مباشرة أفراد تنظيم الإخوان المخططين لعملية الاغتيال، كل واحد منهم على حدة، ويسألهم المرشد عن تفاصيل العملية الدقيقة، وعند نهاية آخر سؤال لكل شخصية تخرج هذه الشخصية من المشهد ويأتي شخص آخر من الأفراد المخططين للعملية ليجيب السؤال الأخير للشخصية السابقة، ويبدأ معه المرشد أسئلة جديدة وهكذا، وخلفهم باب المكتب الزجاجي مغلق ومن خلف الباب يظهر باقي أعضاء الجماعة يتحركون ويضحكون بدون صوت.

المرشد حسن الهضيبي

أعتقد أن دور حسن الهضيبي مرشد الإخوان المسلمين هو أحسن دور لعبه عبد العزيز مخيون على الإطلاق، وأرى أنه لو لم يجد نفسه قادر على أداء دور قادم بنفس هذه الكفاءة والجودة، فالاعتزال الآن هو أسلم شيء وعليه أن يترك لنا هذه الشخصية في ذاكرتنا كمباراة اعتزال له صعب أن تتكرر.

الرئيس جمال عبد الناصر

قدم لنا الممثل الأردني ياسر المصري جمال عبد الناصر بشكل رائع ومختلف، وأعتقد أنه أفضل من جسد الشخصية من شبه وصوت وعمق في الأداء ليس لهم نظير حتى الآن، وأعتقد أيضا أنها فرصة عمرنا كمشاهدين للتخلص من مجدي كامل في شخصية عبد الناصر إلى الأبد .

زينب الغزالي

اجتهدت صابرين جدا في أداء شخصية زينب الغزالي، ولكني أرى أن وجه صابرين الملائكي الذي يشبه أمهاتنا الطيبات لا يتناسب مع مثل هذا الدور، حتى مهما اجتهدت صابرين في اقناعنا بأن نكرهها.

سيد قطب

من الصعب على محمد فهيم المنولوجست المضحك في فرقة أيامنا الحلوة الغنائية، تقديم شخصية صعبة معقدة مثل شخصية سيد قطب، ولكنه اجتهد جدا في هذا الدور، ونراه يتحسن من حلقة لآخرى، ولكن يجب أن نتذكر شيء هام وهو أن سيد قطب ليس له فيديوهات متوفره حتى نراه ونعرف تفاصيله، ولم يتم تجسيد شخصية قطب تقريبا قبل ذلك على الشاشة حتى نتعلم منها ومن أخطائها، فكانت المهمة صعبة جدا على الفنان الشاب وهي استحضار شخصية كاتب من خلال قراءة كتاباته فقط.

وأنا قابلت محمد فهيم وكان متجهم ومتقمص الشخصية التي لم تريد أن تفارقه حتى في حفل اجتماعي عام ٢٠١٧، وتعتبر شخصية سيد قطب نقطة انطلاق هامة وفرصة عمر فهيم التي لا تأتي إلا مرة واحدة، وعليه أن يأخذ ذلك في الاعتبار خلال خطواته الفنية القادمة