عندما هزم أوفه "هديد المصريين"!

حميدة أبو هميلة

على مائدة الإفطار الصغار والكبار ينتظرون “أوفه.. اللي محدش عامله حساب” يتعاطفون معه وقد يتماهون في شخصيته الصامتة المنسية، دائما، الشاب لا يهنأ أبدا بنشاط خاص ولا حتى كوب عصير.. لا أحد يعرف أوفه ولكن المؤكد أنه أقل مللا بكثير من حدوتة تامر حسني وشيرين عبد الوهاب غير المنطقية، ومن دلال ليلى علوي الزائد والزائف لتقنعنا أن نشتري حبيبها أو بوتجازها!

دون شك أصبحت الإعلانات سوقا متوازيا تماما مع سوق الدراما في رمضان، لذا من غير المفهوم أبدا أن تنفق المؤسسات ملايينا من أجل عرض شريط مدته دقائق لا يقول شيئا ولا تعلق جملة واحدة منه في الذاكرة، وهو بلا فكرة أساسا، وإعلان شيرين عبد الوهاب وتامر حسني وغادة عادل وغيرهم التابع لشركة فودافون والفقير جدا جدا ليس هو النموذج الأوحد، فأغلب إعلانات مجموعة معينة من المؤسسات أصبحت تعتمد على تجميع أكبر قدر من النجوم ووضعهم في أي سياق ليرددوا أغنية تتغزل بأي موضوع فيما عدا المنتَج، وكل هذا اللمعان وكل هذه الأسماء لا تضمن أبدا نجاحا لافتا، ففي النهاية لا تنتصر سوى الفكرة، بالتالي أصبح الجمهور منشغلا بأوفة المحاسب الذي لم يحترف التمثيل والغناء يوما.

الشركات العملاقة التي تتسابق فقط لحشد النجوم في مكان محدد متباهية بهم دون فكرة ذات قيمة، فشلت هذا الموسم حتى في تحقيق الهدف الأبسط لمنتجها وهو الترويج والانتشار، وبعد أيام قليلة لم يبق مثلا من إعلان “أول مرة” سوي “رِجل شيرين” التي تلوح في الهواء في سقطة عجيبة جدا لشريط مصور منذ فترة تمت مراجعته عدة مرات لنكتشف أنه خطأ في مونتاج إعلان تكلف كل تلك الأموال.

في حين تلقائية سلسلة إعلانات ” EG bank” حققت انتشارا وتماست فعلا مع الجمهور نظرا للفكرة اللامعة وبساطة التنفيذ وعفويته، وهو أيضا نفس ما تحقق في سلسة إعلانات “تكييف ميديا” حيث الفكرة مبتكرة للغاية، والأداء طبيعي جدا ومضحك، مما يجعله من أفضل إعلانات هذا الموسم.

الخطأ هنا ليس في اللجوء للنجوم بالعكس فهذا هو الشائع في العالم كله، ولكن الأزمة في أن الحشد أصبح فارغا للغاية، وخاليا من أي مجهود ويحمل قدرا كبيرا من الاستسهال كأن يقول أصحاب الفكرة، نكتفي بهذا القدر من النجوم وليس مهما ماهو السياق؟، فيخرج الإعلان بلا طعم، وفي المقابل لا يهتم النجم بالبحث عن شكل فني متماسك له معنى يظهر به.

ففي الوقت الذي ظهر فيه محمد رمضان بفكرة بسطية وملائمة وناجحة في إعلان “اتصالات” وكذلك أحمد عز في إعلان “أي سيتي”. ظهر عمرو يوسف وكندة علوش وليلى علوي ورمضان صبحي في إعلانات ثقيلة وغير مفهومة كأن يحتفي اللاعب الشاب بأنه “أول مرة بعيد عن أهله”، لأن “مفيش زي فرحة أول مرة” بحسب ما يؤكد شعار الإعلان، وأن يحتفي كوبر مدرب المنتخب بأول رمضان له في مصر وهي مناسبة غير معني بها أصلا، فهل كان كوبر معتادا على أداء طقوس الشهر الكريم في الأرجنتين كل عام؟

هذا طبعا غير كارثة إعلان حديد المصريين، فأن تأتي بلاعب كرة عالمي مثل كريستيانو رونالدو تعطيه أجرا ضخما ليقدم لك إعلان منتجات رياضية أو إعلان عطور أمرا مقبولا، ولكن ما علاقته بسلعة مثل حديد التسليح وكيف نصدقه وهو يتكلم عن منتج لا يفهم فيه أصلا، فهو ليس مقاول بناء، فالأمر أشبه بأن تأتي برجل أصلع ليعدد لك مزايا نوع شامبو معين وقدرته الفائقة على تمليس الشعر، فكان الأولى بتقديم إعلان يمجد في الصناعة الوطنية ويحمل بعدا قوميا، نجما مصريا ليكون الأمر أكثر إقناعا.. مرة أخرى يربح أوفه ورفاقه ويخسر كريستيانو أو من فكروا أصلا في أي رابط بين كريستيانو و “هديد المصريين”.