إعلان العروسة المحترقة.. هبة: مع وهالة: ضد

شئنا أم أبينا، تحتل إعلانات التبرعات مساحة كبيرة بين الفواصل الإعلانية الطويلة التي يتم عرضها على الشاشات طيلة رمضان، وبالرغم من تقليل جرعة المشاهد المؤلمة والمنفرة التي دأبت على عرضها القنوات السنوات الماضية، واستبدال ذلك بإطلالة عدد من المشاهير في تلك الإعلانات لحث الجمهور على التبرع، إلا أن الأمر استفز المشاهدين أيضا، لدرجة منع شيخ الأزهر بث إعلان الفنانة دلال عبد العزيز، والذي يحكي قصة نقص المياه في الصعيد، حتى ظهرت إعلانات مستشفى أهل مصر لعلاج الحروق، ولاسيما إعلان “جميلة”، المُغنَّى على نغمات أغنية الفنان محمد فوزي، ليعيد موجة الجدل من جديد، وهو ما دفعنا إلى طرح وجهتي نظر مغايرتين لاثنتين من المحررات الأمهات.

 

هبة محمد علي: أوافق

يعتمد نجاح أي حملة دعائية على مقدار الصدمة التي تحدثها لدى الجمهور فتلفت نظره إليها، وتعلق في ذهنه، ليميزها عن بقية الإعلانات الأخرى، وفي إعلانات التبرعات يكون خطاب المشاعر هو السيد، فإما أن يؤذي المشاعر وينفرها، وإما أن يرققها ويدفعها للتبرع والدعم، وهو ما يفسر عرض الجمعيات وأماكن تلقي التبرعات لحالات المحتاجين والمرضى بصورة فجة، تخلو من أي إنسانية أو تقدير، وهو الخطأ الذي تلافته حملة أهل مصر بذكاء، حيث اعتمدت على مشاهد تمثيلية غير حقيقية ومع ذلك جاذبة ومؤثرة.

النقطة الثانية التي يجب التركيز عليها هو الدور التوعوي للأطفال، الذين يغفل أهلهم عن توعيتهم بخطورة البقاء في محيط الموقد أو أي مواد مشتعلة، فتحدث الكارثة في ثوانٍ معدودة، ولا أجد منطقا في القول بأن ذلك يصيب الأطفال بالخوف والهلع، فلا زلت أذكر حتى الآن قصص أمي وأنا صغيرة عن الفتاة التي تم خطفها لأنها لم تسمع كلام والدتها، ومع ذلك أثرت في القصة دون خوف أو هلع.

 

نرشح لك.. هبة محمد علي تكتب: ما لن يكتبه الآخرون (4)

 

هالة منير بدير: أرفض

جذبتني موسيقى الإعلان، والإهداء في بداية الإعلان للعظيم محمد فوزي، اللحن المميز لأغنية “ذهب الليل” مع مشاهد لبنت نحيلة تجري وتلعب بدمية صغيرة انتهت فجأة بصدمة عنيفة في صدري بمجرد سماعي لجملة “وِقِع الزيت على وشها حَرَقُه”، كلمات قاسية صاحبت مقلاة زيت تطير في الهواء، ولهب النيران المنتشر ببطء يعقبه تسارع في نغمات الأغنية مع مشهد سيارة الإسعاف تهرع في الشوارع للبحث عن مستشفى متخصص، وينتهي بالخبر الحزين، يأس الأطباء من شفاء جميلة لعدم توافر علاج للحروق.

قد يكون الإعلان جيدا مقارنة بإعلانات أخرى، من حيث عدم متاجرته بالمرضى وإظهارهم بشخصياتهم الحقيقية، ولكن المزعج أن كلمات “سكريبت” الإعلان كانت صريحة ومباشرة وتصور واقعة الحريق بدقة، بالإضافة إلى مشهد سكب الزيت في خلفية موسيقية لأغنية للأطفال، وكأن الإعلان موجَّه للأطفال لتخويفهم من اللهو بجانب الزيت الساخن، وليس إعلانا للكبار لحثهم على القيام بالتبرع للمستشفى ولضحايا الحروق.

أغلب المستائين من الإعلان اشتركوا في سبب واحد، وهو ما حدث لأطفالهم عقب مشاهدة الإعلان، رد فعل واحد لكل الأطفال، تأثر حد البكاء، سؤال متكرر عن مآل جميلة، عدم القدرة على النوم بسهولة وشكوى من أن ذاكرتهم لا تستطيع طرد قصة الفتاة المسكينة، الغريب أن بعض المعترضين على الإعلان كان لمجرد تشويه لحن الأغنية بطبع موقف مأساوي في ذاكرة من سيستمع لها لاحقاً، والإساءة للحن قديم من التراث الغنائي للطفولة، ولم يُسِئهم كلمات جاءت أشد قسوة وإيلاما للمشاهد!

ثم يأتي آخر مشهد من الإعلان وهو انعزال جميلة وعروستها المحروقة عن باقي أصحابها التي كانت تلعب معهم في بداية الإعلان، ونفورهم من هيئتها المشوهة بفعل الحريق، أظن أن هذا المشهد أيضاً سيكون له الأثر السيئ على نفسية المشاهدين من ضحايا الحروق وذويهم، من المؤكد أن الهدف سامٍ في التبرع لمستشفى (أهل مصر لعلاج الحروق بالمجان) ولكن أعتقد أنهم لم يوفقوا على الإطلاق بإخراجهم إعلانا على هذا النحو تسبَّب في إيلام الكثيرين والأهم أن منهم أطفالا.

 

نرشح لك: لماذا ننصحك بمشاهدة “قُمرة”؟

https://www.youtube.com/watch?v=wnDfflsZgS8