ياسر أيوب يكتب : قمة عربية لكرة القدم

نقلًا عن “المصري اليوم”

بعد انتهاء أعمال القمة العربية الثامنة والعشرين التى استضافها الأردن على شطآن البحر الميت.. وبعدما ألقى أحمد أبوالغيط بيان القمة الختامى أمس الأول باعتباره الأمين العام للجامعة العربية.. وبعد كل هذا الكلام الكثير الذى قيل داخل قاعة الملوك والرؤساء والكلام الآخر.. الأكثر صخباً وتكراراً ومللاً.. الذى قيل على شاشات تليفزيونات وكمبيوترات وتليفونات فى مكاتب وبيوت واستديوهات عربية.

فكرت فى التقدم باقتراح للسادة الملوك والرؤساء العرب، يتلخص فى دعوتهم لعقد قمة عربية من أجل كرة القدم.. وأعرف أن كثيرين جدا سيسخرون من هذا الاقتراح، وسيعتبرون الدعوة لقمة عربية كروية بمثابة حماقة أو استظراف وعبث وجنون.. لكننى سأحاول إقناع هؤلاء بما أدعو إليه وإثبات أننى أتكلم بمنتهى الجدية ومنتهى الاحترام أيضا.. فهذه القمم العربية الكثيرة التى انعقدت عبر كل السنين الماضية لم تسفر عن أى تغيير حقيقى فى حياة العرب سياسيا واقتصاديا.. تمت الدعوة إليها ثم أُسدل الستار عليها دون أى جديد أو تغيير حقيقى فى الفكر والحوار والقرار.

والبيان الذى ألقاه أحمد أبوالغيط هو نفسه البيان الذى قيل فى قمم سابقة، وسيقال نفسه فى قمم جديدة لاحقة.. أما لو انعقدت قمة عربية لكرة القدم.. فبالتأكيد سيكون هناك جديد يقال.. سيكون هناك على الأقل اهتمام حقيقى بهذه القمة إعلاميا وشعبيا فى كل عاصمة ومدينة عربية بدلا من اللامبالاة الحالية التى تصاحب كل وأى قمة سياسية عربية.. سيكون هناك شغف وترقب وانتظار لما سيقوله ملوك ورؤساء عرب عن كرة القدم.. كما أن الاتفاق والتنسيق الكروى عربيا سيكون ممكنا وأسهل كثيرا من أى تنسيق سياسى أو عسكرى.

صحيح أن هذا التنسق الكروى قد يتعارض مع سلطات وحدود فيفا الذى يرفض التدخل الحكومى.. لكن هذه القمة قد تكون فرصة لأن تتعلم بلدان عربية قليلة الحيلة كروياً كيف تتعامل مع المؤسسات الرياضية الدولية مثل بلدان عربية أخرى دون أن يطولها أى عقاب وتجميد.. وبالتأكيد سيتضمن جدول أعمال هذه القمة مناقشة الخلافات الكروية العربية، وكيف يمكن مواجهتها بعدما أصبحت أحيانا أكبر وأخطر من الخلافات السياسية.. وسيتحرر القادة العرب فى هذه القمة من أى ضغوط وارتباطات وتهديدات سياسية واقتصادية، فيصبح بإمكانهم مناقشة ملفات كروية، أشواكها أقل خطورة وحساسية.

ولأنها ستكون قمة جديدة فى نوعها ومجالها، وبالتالى لن تكون هناك أفكار معلبة وخطابات روتينية محفوظة، وهكذا ستسبق هذه القمة بحوث ودراسات تؤكد سخف وعبثية البطولات العربية التى يريدون إقامتها للمنتخبات والأندية.. فهذه البطولات لن تؤدى لوحدة عربية كما يتخيل أو يزعم أصحابها.. فحساسية اللعب لم تعد صالحة فى زماننا لأن تصنع الحب والمحافظة على الود والاحترام.. لكن يمكن لهذه القمة الكروية العربية أن تسفر عن قرارات حقيقية فلا تتعامل البلدان العربية بعدها مع أى لاعب عربى باعتباره لاعبا أجنبيا فى مسابقاتها المحلية.. كما يمكن لهذه القمة أيضا مناقشة أزمة البث التليفزيونى الكروى والتصدى لكل هذه الممارسات الاحتكارية والاستغلال السياسى للحقوق الكروية.