محمد مصطفى أبو شامة يكتب: تبرع من أجل فنك.. #انت_المنتج

في ليلة ساهرة.. حائرة الأفكار، طاردتني (يا إسكندرية) قصيدة الفاجومي أحمد فؤاد نجم التي تجلى بها الكينج محمد منير عام 1990، من ألحان أحمد منيب، في ألبوم حمل اسم القصيدة، وكان علامة فارقة في تاريخ منير الغنائي بما حواه من أغانٍ كتبها أهم شعراء العامية في مصر(جاهين ونجم والأبنودي).

كنتُ قد ألقيت شبكة دماغي المزدحمة في بحر (الفيس بوك) وأنا أردِّد كلمات منير همسًا، لعلني أصطاد ما ينير الليلة: »يا إسكندرية بحرك عجايب/ ياريت ينوبني م الحب نايب.. تحدفني موجة على صدر موجة/ والبحر هوجة والصيد مطايب.. يا اسكندرية فيكي الغلابة/ ع الرزق يسعوا ولا يناموش.. نزل شبكهم في بحر طامي / طلع شبكهم على فاشوش«.

«الفيس» برضه رزق، لهذا توقَّفْتُ عن استكمال الأغنية بعد أن شعرت بالقلق من مصير «رزق الغلابة».. وحمدتُ الله عندما خرجت شبكتي مليانة (ومش على فاشوش).. وكان نصيبي إعلانًا (مموَّلًا)، يتصدره هاشتاج خاطف.. #انت_المنتج (يخليك تدفع على طول).. شاهدت الفيديو الترويجي الرائع، وقرأت الـ»بوست« الموضَّح من صاحبة الصفحة يسرا الهواري: »إحنا عايزين نعمل ألبومنا الأول، ومش هنقدر نعمل دا من غير مساعدتكم ودعمكم. الألبوم محطة مهمة في تطور مشروعنا الموسيقي وإيماننا بحلمنا، وكمان تسجيل حقيقي لتجربتنا اللي عمرها حوالي أربع سنين بنعافر فيها ونتعلم ونتطور ونطلع شغل مختلف يمثلنا وعلى ذوقنا. لو يهمكم الألبوم يطلع للنور تشجيعًا للموسيقى المختلفة وتنوع المشاريع الفنية، أو حبًا في تجربتنا الخاصة، أو يهمكم إن أغانينا تبقى عندكم وتسمعوها بجودة عالية في الوقت اللي تحبوه، ادعموا مشروعنا وساعدونا الألبوم يطلع للنور، تقدر تتبرع للحملة عن طريق اللينك«.

انتهى كلام يسرا وإعلانها، وكانت هذه أول مرة أسمع اسمها.. شكلها «جدع».. شعرت أنني أعرفها من زمن، عملت «سيرشاية» سريعة، وسمعت بعض أغانيها (السور، العلم، في الشارع)، إنتاجها قليل.. لكنها تغني كلامًا مهمًّا (من أشعار وليد طاهر وأمينة جاهين).. الموسيقى ماهزتنيش.. بس صدقتها، وحبيت شغلها، يمكن لأنها عامله استايل يتحب.. بتغني وهي بتعزف أكورديون (أظن هي أول حد يعمل كده)، بصراحة يسرا مشروع فنانة ممكن تحقق حاجات حلوة (وجهة نظري).

أكتب عنها على سبيل السعادة وليس المساعدة، سعادة لأنها جعلتني أسترجع تجربة قديمة خُضْتُها بنفس الحماس، كان ذلك قبل 20 عامًا، عندما فكرت أن أقدم عرضًا لمسرحية من تأليفي، حَصَلَتْ على جائزة أفضل نص مسرحي في مهرجان الجامعة عام 1997، وكنت أحلم بعرضها جماهيريًّا لأكثر من ليلة عرض، ووُفِّقْت في حجز مسرح وزارة الشباب (أمام نادي الزمالك)، وكانت إمكانياته تفوق خيالي، وقد حصلت عليه مجانًا، لكن بقي السؤال: من أين لي بمصاريف الإنتاج (ديكور وموسيقى وملابس وخلافه)؟!

فكرنا في بيع تذاكر للعرض، واكتشفنا استحالة ذلك، لأن المسرح حكومي، وهو ما يتطلب إجراءات معقَّدَة جدًّا، حتى جاءتني فكرة طباعة دعوات لزملائنا وأصدقائنا ومعارفنا في كليات الجامعة المختلفة لدعم المسرحية، وكل يوم كنت قبل بروفات العرض أتوجه للجامعة وأبدأ بكليتي (كلية الإعلام)، ثم أتحرك في باقي كليات الجامعة، لإقناع كل من أقابله بمساندة دعوتنا لدعم العرض المسرحي، ولا أنسى مساعداتٍ كثيرة من أشخاص محترمين دعموا المسرحية التي أخرجتُها ومثَّلت فيها (ترشيدًا للنفقات).
وعرضت مسرحية (الحالمون) بنجاح في مايو 1998، وكانت محطة بارزة في حياتي وحياة كل من شاركوا فيها، ورغم أن الحياة باعدت بين الفريق الذي قدمها، فإن ذكريات هذه التجربة الرائعة ما زالت تجمعنا، وتسعدنا.

ولأنني لا أنوي أن أكون مثل العواجيز، أجترّ ذكرياتي بحسرة مع كل ما يشجع على استدعائها، دعوني أكُنْ إيجابيًّا، وأطرح على مجتمعنا (المتحضر) فكرة للنقاش، وعلى زملائي الإعلاميين والصحافيين دعوة للعمل، والفكرة والدعوة يختصرهما سؤالي التالي: لماذا لا تُوجَّه أموال الصدقات والتبرعات لصالح الأعمال الفنية؟

لن أستطرد في قيمة الفن وأهميته، كما أنني لن أجادل أيضًا في «حلال وحرام» الفكرة، لأن هناك دارًا للفتوى في مصر، عليها أن تدلو برأيها في ذلك (لمن أراد)، وبعدها وقبلها لي ولكم الحرية الكاملة في أن نقرر ما نريد.

أطالب فقط من يشاركني الرأي بأن يشجع ويدعم ويتصدق ويتبرع لأي مشروع فني يراه جميلًا وصادقًا من وجهة نظره، كلما أمكن ذلك. لعلَّنَا بفكرة بسيطة وتجربة نبيلة، مثل تجربة يسرا الهواري وغيرها من تجارب عشاق الفن الحقيقيين الذين لم يُصِبهم تلوث السوق ومحدداته، نحفر طريقًا لعمل خيريٍّ يدعم مشروعات الفن من أموال الصدقات، فالفن لا يقل أهمية عن الصحة التي تلتهم هذه الأموال وحدها، الفن دواء يشفي أسرع من أدوية كثيرة نضيع عليها أموالًا، ولا نحصد منها أي شفاء.. #الفن_حياة.

الحياة حلوة بحماسنا وأحلامنا، وبالناس اللي بتدينا طاقة وأمل..
الحياة بتبقى حياة.. بالفن، الفن اللي يلمس قلبك ويرقص الحاجات جواك..
شجّعْ يسرا الهواري.. وانشر #انت_المنتج

#تبرع_من_أجل_فنك
#الفن_حلال
#مصر_جميلة