مي سعيد: إعلام الريكلام

في كل مرة أستمع إلى أحد الإعلاميين وهو يحاول تحويل مواجهة مصر للإرهاب للقمة سائغة يأكلوها كل متغني باسم الوطن كذباً، وتتحول الحقيقة في أيديهم إلى بذور من الفتنة يبذرونها وتدوسها أقدامهم لتغرسها في الأرض ثم ترويها قناة تلو الأخرى وبرنامج تلو الآخر.

حاولت تشبيه ما يجري بشيء لتقترب الفكرة في ذهن القارئ فلم أجد سوى أن هذا الإعلام يشبه فتيات الريكلام في النوادي الليلية الشهيرة بشارع الهرم وتتلخص وظيفة الريكلام لمن لا يعرفهم أو لم يسمع عنهم من قبل أو من لم يسعفه وقته وقوة احتماله لمشاهدة فيلم السبكي ريكلام، دور الريكلام باختصار ودون استعمال أي ألفاظ خارجة عن حدود الآداب العامة هو التسخين، نعم التسخين، تسخين الزبون، لا أقصد المعنى المشين للكلمة لا سمح الله لكن القصد هو تسخين الزبون على شراء المزيد من قناني الخمر ورمي المزيد من الأموال (النقطة) وهو بالضبط الدور الذي يقوم به الإعلام، كل ما يحاول فعله هو التسخين للحصول على النقطة أقصد المزيد من الإعلانات والمزيد من القناني المذهبة للعقل تلك التي عليك أنت عزيزي المشاهد أن تتجرعها كاملة حتى تغيب تماماً عن الوعي ولا تلوم غير نفسك لأن وظيفة الريكلام تكمن في أن تدفع الزبون اللي هو حضرتك مع الإعلام أن يتجرع الزجاجة تلو الأخرى بإرادة كاملة، ربما يندم بعد ذلك لكن هذا لا يهم على كل حال بعد أن تكون قد استنزفت كل ما لدى الزبون من أموال، وفي حالتك عزيزي المشاهد فوظيفة إعلام الريكلام هو استنفاذ كل ما لديك من قدرة على التفكير والتحليل والنقد المنطقي وحتى النقد غير المنطقي.

فكرة أن تنقد غير مريحة بالمرة لهؤلاء الذين يقفون خلف هذه القنوات حاملين الأجندات والأيدولوجيات التي لا يصلح لتنفيذها سوى عهر من نوع خاص جداً، عهر شريف غير مدنس، هذا النوع من العهر يعتمد على مبدأ أساسي جداً وقاعدة مصرية ذهبية بتقول بالبلدي (شوَّق ولا تدوَّق) ففي كل مرة تحصل على التسخين والتشويق الكاذب لن تتذوق من وراء هذا الإعلام المليء بالمهاترات البعيدة كل البعد عن خدمة هذا الوطن، لن تتذوق سوى المرارة المحفوفة ببذور من البغض يزرعها هؤلاء بين أبناء الوطن الواحد كل يوم وفي كل ثانية ومع كل فاصل ومع كل إعلان ومع كل تحويل من قناة إلى أخرى صدقني لن تختلف كثيراً ولن تحتار كثيراً أيهم ينبغي عليك أن تدير تلفازك لتشاهده فلا تكلف نفسك عناء الانتقال بين القنوات المختلفة بحثاً عن الحقيقة ودعني أخبرك مسبقاً أنك لن تجدها وسيصبح بحثك عن تلك الحقيقة أشبه بسكران في أحد نوادي شارع الهرم يبحث بين بنات الريكلام عن عذراء.

لك الله يا مصر

اقرأ أيضًا:

مي سعيد عن الملك توت: حوش اللي وقع منك

مي سعيد: اتاخر خدني جنبك

مي سعيد : الأرض مقابل الإعلام

تابعونا على تويتر من هنا 

تابعونا على فيسبوك من هنا