نبراس حميد يكتب: بناء العلامة التجارية للقنوات التلفزيونية الاخبارية وعملية التغيير(2)

ما الذي يحتاجه المشاهد و كيف يمكن للقنوات الاخبارية أن تلبي الاحتياجات هذه بفاعلية وصدق؟

‎ من يعمل في القنوات التلفزيونية يالاخبارية يسأل باستمرار هذا السؤال. من المهم جدا ان نعرف ماذا يريد الجمهور منا كعاملين في هذا المجال وعن ماذا يبحثون اصلا‫.

‎ من المفترض آن تساعدنا اجابات المشاهدين والمهتمين بمتابعة القنوات الاخبارية على تطوير طرق صناعة وطرح الأخبار.

‎معظم القنوات الاخبارية تلجأ الى عمل دراسات واستطلاعات للرأي بشكل متكرر ومنتظم للحصول على نتائج تساعدهم في معرفة بعض الحقائق التي تخص احتيجات الفئة المستهدفة من الجمهور وبالتالي يحصلون على الاجابات المرجوة‫ لتلبية الاحتياجات.

‎هذه الدراسات في غاية الاهمية و لكن المشكلة ليست هنا، حيث ان معظم العاملين في القنوات الاخبارية هم على دراية في اغلب الاحيان بهذه الاحتياجات دون اللجوء الى البحوث، التحدي الاكبر يكمن في كيفية تحويل وترجمة هذه الاجابات‫/الحاجات وتطبيقها على شاشة التلفزيون بشكل حيوي وفعال بحيث ينقل تغطية الاخبار وعرضها الى مستوى اخر اكثر تميز‫ا.

‎عندما يتعلق الامر بالعلامة التجارية , لانجد هنالك اي اختلاف او تاثير لهذه الدراسات والابحاث مهما كانت الاجابات‫، لآن الجرافيك والتصاميم تتميز بآنها مرنة وقابلة للتكيف الى الحد الذي يمكنك فيه ان تفسر او تربط آي تصميم أو فكرة باي تصميم خصوصا عندما يتعلق الامر بمواضيع عامة وواسعة المدى كالأخبار. و هذه نقطة مهمة جدا ولكنها بنفس الوقت لاتساعدنا ابدا‫.

‎لتفسير هذه النقطة أكثر٫لنفكر كم قناة اخبارية تستخدم الخريطة مثلا في شعارهم أو في مقدمة نشرتهم الاخبارية سواء كانت خريطة العالم بشكل الكرة الارضية أو كانت صورة مستوية أو ثلاثية الابعاد أو حتى استخدام شكل كروي فقط من غير خريطة للدلالة على الكرة الارضية.

‎هذا يعني أنه بالرغم من كل الاختلافات في اجندات قنوات الاخبار و جمهورها المستهدف و ثقافتهم المحلية و نمطههم الخاص الا أن فكرة التصميم و البراندينج تشبه بعضها الى حد كبير، ليس فقط بشأن شعار القناة و انما مكونات العلامة التجارية الاخرى مثل عناصر الجرافيك او كل عناصر ومكونات الشاشة بشكل نمطي وتقليدي جدا قد يصل الى درجة النسخ.

‎نعم قد يكون هناك بعض الاختلافات في الألوان و الرسومات المتحركة و التصاميم ولكن هذا ليس مبررا ان تنسخ القنوات الاخبارية عن بعضها البعض وتكرر نفسها‫.
‎ اليس كذلك؟

من يعمل في مجال صناعة الاخبار التلفزيونية فهو على الارجح قد مر على مسمعه مصطلح مدرستي التصميم والعلامات التجارية‫. الاولى هي المدرسة الامريكية والتي تتبع نمط الابعاد الثلاثية الضخمة والمعقدة بعض الشيء، بالاضافة الى الرسوم المتحركه السريعة وشاشة مليئة بعناصر غير ضرورية، و هناك من الناحية الاخرى المدرسة الاوروبية والتي يغلب عليها الطابع الثنائي الابعاد البسيط بخطوطه المستقيمة وباقل قدر من العناصر والرسوم المتحركة والتي تشير الى الاسلوب الاخباري الواضح والبسيط لهذه المدرسة.

‎نحن نميل لتقييد انفسنا بهذه التقاليد ونتجنب فتح الباب لافكار ومفاهيم جديدة ومبتكرة‫. ويعود ذلك الى عدم توفر الثقة الكافية لاحداث تغير بالاضافة الى التمسك بالقواعد القديمة والبقاء ضمن دائرة الامان والاهم من ذلك عدم وجود الدعم الكافي من المدراء القائمين على انتاج الاخبار التلفزيونية‫.

لهذا نحن لسنا قادرين على ‫تلبية الاحتياجات التي نتجت عن الدراسات واستطلاعات الراي بطريقة مبتكرة وترجمتها على الشاشة ‫. الجمهور المستهدف اليوم يختلف عن الجمهور قبل عشرة اعوام. جمهور اليوم يبحث عن كل ماهو متنوع وسريع في القصص الاخبارية، كما يريد معلومات وحقائق وليس فقط وجهات نظر شخصية. هم يبحثون عن الاخبار التفاعلية والديناميكية في ستوديوهات الاخبار المليئة بالاجهزة الحديثة والتقنيات المتجددة

‎هذه المتطلبات تحتاج أن يتم تحويلها بطريقة خلاقة و مبدعة على الشاشة و أن يتم التعامل معها بطريقة مختلفة عن السابق.

لهذا يجب ان يتم تصميم العلامة التجارية أو البراندينج في التلفزيون بطريقة تتماشى مع هذه المتطلبات و الحاجات. علينا التخلص من القواعد التي وضعتها مدرستا التصميم السابقتا الذكر؛ حيث أن ليس كل التصاميم الثلاثية الابعاد ضخمة الحجم و البساطة لا تعني بالضرورة الوضوح والمباشرة بل على العكس يمكنك استخدام التصاميم الثلاثية الابعاد بشكل بسيط و أنيق في الوقت نفسه كما ويمكن استخدام التصاميم الثنائية الابعاد بشكل سريع واكثر تعقيدا ‫.

‎لتحديد المسار الذي تود ان تتبعه عند تصميمك لعلامة تجارية جديدة او حتى إعادة تجديدها عليك ان تفهم تماما حاجة السوق والجمهور المستهدف ومتطلباته بالاضافة الى اجندة القناة وسياستها التحريرية وماهي الممارسة المثلى للخروج بفكرة تصميم ياخذ بعين الاعتبار كل المعايير السابقة من غير ان يقيدنا بقواعد واساليب تقليدية بالية‫.

‎ ستناقش المقالات اللاحقة بعض النقاط التي قد تساعد بكيفية اتحاذ قرار بشأن ابتكار علامة تجارية جديدة ومبدعة لقناة اخبارية مختلفة‫.

كاتب المقال هو نبراس حميد رئيس قسم الابداع في قناة العرب الاخبارية. وهو حاصل على جائزة الابداع ولديه خبرة 20 عاما في العمل في قطاع التلفزيون والبث الاذاعي في منطقة الشرق الأوسط وبريطانيا.

نرشح لك : 

نبراس حميد يكتب : بناء العلامة التجارية للقنوات التلفزيونية الاخبارية وعملية التغيير(1)