ما بين ناجي العلي و"شارلي إبدو".. الناس اللي تحت

فاتن الوكيل

بالرغم من أن المقارنة هنا لا تليق، وهي بالفعل ليست مقارنة، إلا أن بعض المفارقات يمكن أن تخطر ببال المواطن العربي، عندما يقرأ خبر عنوانه “هجوم مسلح على صحيفة ومقتل 12 صحفي”، هو أمر مفزع بالطبع، حتى مع النظر للتفاصيل الأخرى، من أن الجريدة سخرت للسخرية من الأديان وخصوصًا الإسلام، فمن ضمن المفارقات أن فنان الكاريكاتير الفلسطيني، ناجي العلي، استشهد بسبب قوة رسومه أيضًا، ولكن ليس لإهانة الآخرين، بل دفاعًا عن القضية العربية والحرية والبسطاء، دون أن يرسل الرؤساء العرب، مندوبيهم لحضور جنازته، وتركوه يدفن في ضباب لندن.

الحادثان وقعا في عاصمة أوروبية، قُتل ناجي في لندن، برصاصة في الرأس، ووقع الهجوم المسلح على “شارلي إبدو” في باريس، لكن ناجي عاش عمره كله مهدد، بقطع الرزق مرة، وقطع الرقبة مرة أخرى، على عكس صحفيي “شارلي إبدو”، الذين باغتهم الموت، بقتل لم يكونوا في انتظاره، لم يتخيلوا أن يُغتالوا عن طريق مسلحين تجولا بكامل حريتهما في شوارع باريس.

ناجي العلي - رسوم

أعداء ناجي كانوا كُثر، على رأسهم الكيان الصهيوني، وأمريكا، ومن والاهم من أنظمة عربية، وتجار القضية من الفصائل الفلسطينية، كان يحارب أنظمة بريشتة، وشخصية “حنظلة”، الذي رافقه حتى آخر يوم في حياته، حاربا معًا الراكعين لأمريكا، أعداءًا لم يسع ناجي إلى اكتساب عداوتهم، بل هم من احتلوا، وقتلوا، وقمعوا، وبالتالي استحقوا العداوة، على عكس صحيفة “شارلي إبدو”، التي دخلت بتطرفها الفكري، في صراع مع المتشددين، وحرب أبعد ما تكون عن تفاصيل الحياة اليومية للمواطن.

لم يبث ناجي الكراهية بين الشعوب، لم يسب ديانة أحد، حتى اليهود لم يرسمهم في صورة مسيئة لكونهم يهود، ظل واضحًا، فهو ضد الصهيونية والاحتلال والقمع والفقر، أو كما قال: “أنا متهم بالانحياز، وهي تهمة لا أنفيها، أنا منحاز لمن هم “تحت”، بينما استفزت “شارلي إبدو” مشاعر الملايين من المسلمين والمسيحيين، برسم المقدسات الدينية بشكل ساخر ومهين في أغلب الأحيان.

ناجي العلي - رسوم

لم تنتظر رسومات ناجي نبأ استشهاده حتى تشتهر بين القراء، بل كانت على كثرتها، تزيد نهم القارئ ولا تشبعه، على عكس “شارلي إبدو” التي وزعت ملايين النسخ على حس مقتل صحفييها، بعد أن كانت قد أوشكت على الإفلاس، ربما ليس إيمانًا بأفكارها أكثر من كونه “شراء كيدي” ضد العملية الإرهابية.

ناجي العلي - رسوم

وعلى نقيض “مظاهرة باريس” التي اجتمع فيها رؤساء العالم، استغلالًا منهم للحدث، ليظهروا بـ”ماسك” المناضلين ضد الإرهاب، بقينا نحن على موعد مع جنازة تليق بناجي العلي، لم يحن موعدها بعد، ظلت حياته “مؤقتة”، خروج مؤقت من فلسطين حتى العودة بعد تحريرها من النهر إلى البحر، عمل مؤقت حتى يأتي غيره، جنازة مؤقتة، ودفن مؤقت في لندن، بعد استحالة دفنه في بلدته “الشجرة” بفلسطين المحتلة، وبعد رفض القيادات الفلسطينية دفنه في مخيم “عين الحلوة” بلبنان، حتى لا تندلع انتفاضة  ضدهم قبل الاحتلال، وحدها مبادئه وحنظلة، من رافقاه طوال حياته.

ناجي العلي - خبر اغتياله

اقرأ أيضًا:

12 معلومة و12 صورة من حفل توقيع كتاب آثر النبي

إسعاد يونس x منى الشاذلي : شاشة واحدة والفرق كبير

تابعونا على تويتر من هنا 

تابعونا على فيسبوك من هنا