محمود خليل يكتب: البلطجة حلال شرعا.. و"الأسطورة" ما بتكدبش..!

27 يونية 2016 | 07:00 مساءً

تعرف أيه عن شريعة الغاب، هي حالة من الفوضى، يتصرف كل شخص كما يريد، ويأخذ حقه بيده، والأسباب مختلفة، على رأسها ضعف الأمن أو سوء السلطة..
إجابة صحيحة..

هل شريعة الغاب مطبقة في مصر، أم لدينا قانون يحمي المواطنين؟

بصراحة مش عارف؟

طيب تعال نشوف مع بعض..

في صيف 2014 وقعت حادثة صادمة في قرية بالشرقية، الأهالي يفتكون بشاب قالوا إنه لص ومسجل خطر ويروع الآمنين، وجفت حلوقهم من الشكوى المريرة لرجال الأمن، ولا حياة لمن تنادي، فقرروا ينالوا حقهم بإيديهم، كتفوه على عمود نور وانهالوا عليه بالضرب المبرح حتى الموت، وفي الخلفية نساء القرية وأطفالها ينشدون “تسلم الأيادي”.

الصدمة وقتها تحولت إلى ذهول بتكرار نفس الحادث وإن اختلفت طريقة الانتقام، وحظيت محافظة الشرقية وحدها بأكثر من 18 حادث متتالي، مرة سحلا، وأخرى رجما بالحجارة، وثالثة حرقا، والضحية في كل مرة ممن يطلق عليهم اصطلاحا لفظ “البلطجي”.

هؤلاء لم يتحرجوا من تلوث أيديهم بالدماء باعتبارها دماء تستحق أن تراق جزاء ما اقترفته من جرائم بحقهم وبحق أهاليهم، وهو نفس المنطق الذي شاهدناه في مشهد مقتل عصام النمر على يد ناصر الرفاعي في مسلسل الأسطورة، رمضان بصوت جهوري لضحيته الراقدة أرضا: عمرك شفت واحد يقتل واحد في عز الضهر وما يدخلش الحجز دقيقة واحدة.. أحب أعرفك بيه..

اسمه ناصر الدسوقي”، وتنطلق 3 رصاصات تنهي حياة عصام النمر، أمام عائلة الدسوقي من السيدات اللاتي ذقن مرارة ارتداء اللون الأسود على يديه حينما حرض على قتل رفاعة الدسوقي شقيق ناصر الأكبر.

تنظر في وجوههن، وكأنك تسمع سيدات قرية بالشرقية وهن يهتفن تسلم الأيادي حين قتل رجال القرية بلطجي روعهم ليالي طوال.

مشهد الفرحة على وجوه نساء قرية الشرقية، وحالة التشفي التي حاولنا وقتها الإجابة عن أسباب حدوثها، تراها واضحة أكثر في مشهد سيدات منطقة ناصر الرفاعي في مسلسل الأسطورة، وهو يطلب منهم تصوير “مرسي” بعد أن ألبسه قميص نوم ظهرت به زوجته في مقطع فيديو تداوله موبايلات الأهالي.

ناصر الرفاعي ينتقم من الشاب الذي حاول تشويه صورة زوجته قائلا: “لما واحدة بتتصور بقميص نوم لجوزها وكانت بتقيسه له.. كل الناس هتنسى يا مرسي.. إنما لما راجل يتصور بقميص نوم ما فيش كلب في المنطقة هينساها.. صوروا.. صوري يا منطقة”، وبالفعل خرجت موبايلات النساء من البلكونات تصور المشهد مع ابتسامة على كل الوجوه بلا استثناء، إنه الانتقام والتشفي والراحة النفسية.

إنها شريعة الغاب إذا التي تتوغل داخلنا دون أن ندري، وبديهيا في مجتمع كهذا أن يجرؤ شباب على تدشين صفحة على الفيس بوك تحت اسم “السراج لأعمال البلطجة واستخلاص الحقوق”، تدعو صراحة كل من تعرض لظلم أو لديه حق من الحقوق، أن يرسل لهم شكوته، وسيحققون رغبته في الانتقام وإعادة الحق المسلوب مقابل أجور محددة سلفا على صفحة الفيس بوك.

وبغض النظر عن حالة الذهول التي انتابت غالبية من دخلوا أو شاهدوا الصفحة، لكنك بمزيد من الفحص وقراءة البوستات والتعليقات، ستبصم بالعشرة أن زبائن الصفحة بالمئات وربما بالآلاف لدرجة دفعتهم لإغلاق الرسائل مؤقتا نظرا للإقبال الشديد على خدمات البلطجة وإعادة الحقوق المسلوبة.

يقول مؤسس الصفحة: لو فيه جار ليك بيبلطج عليك ومش عايزك تركن العربية بتاعتك أو بيبوظلك أي حاجه في الشقه أو العماره دلوقتي تقدر تاخد حقك منه، لو فيه حد خبطلك عربيتك وما رضاش يصلحهالك, سواق ميكروباص خبطك شتمك سرقك أي حاجه تقدر تبعت لنا واحنا هناخد لك حقك في وقت أقل من أسبوع، لو دكتور جامعة أو مدرس بيستقصدك وبيسقطك علشان مشكلة، أو ما بتاخدش عنده درس، تقدر تبعتلنا وناخدلك حقك، لو عربيتك اتسرقت ممكن تبعتلنا وإن شاء الله هنرجعهالك وناخدلك حقك من الحراميه، لو حد مش راضي يدفع الفلوس الي عليه سواء ديون , جمعية , مأجر منك شقه ابعتلنا..

أما شعار الصفحة: من النهارده مفيش حد هيبات مظلوم خلاص , كل الناس هترجعلها حقوقها، إحنا قررنا نرجع حقوق الشعب.
الطريف إن فيه طريقة للدفع الآجل، فمؤسس الصفحة كاتب نصا: لو معكش فلوس ابعتلنا هناخد حقك وابقى ادفع وقت لما ربنا يفتحها عليك.

هل تسأل عن الشرطة، الداخلية، الحكومة، الدولة، أين هي مما يحدث على الفيس بوك، أحيلك ببساطة شديدة إلى صفحة “شاومينج بيغشش ثانوية عامة”، صفحة تتحدى دولة بأجهزتها ودواوينها وتجبرها على إلغاء امتحانات الثانوية العامة وتأجيل مواعيدها، لينفجر غضب الطلاب ويثورون على أبواب وزارة التعليم مطالبين بحقوقهم التي ضاعت، والطريف أن شاومينج وضعت دليل للهتافات على صفحتها من نوعية: “علي وعلي وعلي الصوت.. صوت الطالب مش هيموت، وعلي وعلي وعلي كمان، فاضحينكم بالألوان”، “يالى ساكت، ساكت ليه، عندك واسطة ولا إية”، “يا كلية فينك فينك، التنسيق بينا وبينك”.

حكومة خسرت معركتها مع صفحة تسرب امتحانات الثانوية العامة، هل تنتظر منها مقاومة صفحة تدعو صراحة لأعمال البلطجة واستخلاص الحقوق؟ أزيدك من الشعر بيتا، الصفحة خفضت أسعار أعمال البلطجة بمناسبة شهر رمضان، ضرب وتكسير سيارة سواق ميكروباص أو تاكسي حرامي بـ 1500 جنيه، ضرب سايس بلطجي وطرده من المنطقة بـ1000 جنيه، ضرب دكتور جامعة مضايقك بـ500 جنيه، ولو عايز تكسر عربيته هتبقى الفيزيتا 1000 جنيه.

لكن هل سيرضى المواطنون الذين ضاقوا باللجان الشعبية التي كانت تحميهم وقت ثورة 25 يناير، بسلاسل بلطجة جديدة تعيد إلى الشوارع المصرية عصر فتوات حارة نجيب محفوظ، ويتوارى العسكري خلف عمود الإنارة على أول الحارة مناديا صيحته الشهيرة: ها مين هناك؟

الإجابة تقرأها واضحة في التعليقات على صفحة شركة السراج لتقديم خدمات البلطجة، وتشاهدها واضحة في تقارير تليفزيونية نقلت فرحة رجال ونساء من كافة الأعمار لمشهد انتقام ناصر الدسوقي من عصام النمر وقتله في عز الضهر دون أن يبات في الحجز دقيقة واحدة، ويمكنك بمزيد من الجهد أن ترى بعينك كيف تحول ناصر الدسوقي إلى قدوة عطرة للشباب، سواء في حلاقة شعرهم بنفس الطريقة، أو بارتداء تي شيرت ناصر الأسطورة الذي يباع على أرصفة العتبة، وقريبا في المولات!

63463
عرفت بقى يعني أيه شريعة الغاب؟