محمد عبدالله يكتب: يورو 2016 بين غضب الطبيعة و شبح الإرهاب

(1)

سأعود إلى الوراء قليلا وأتذكر معكم حينما قامت فرنسا باستضافة مونديال كأس العالم 1998، تحديدا أتحدث عن مدينة مارسيليا الفرنسية قبل 18 عاما، حيث لعب الإنجليز في نفس المدينة وفي نفس الشهر آنذاك، عندما شاركوا في المجموعة السابعة في المونديال برفقة تونس و رومانيا وكولومبيا ؛ إلا أن المواجة الأولى أمام نسور قرطاج في الخامس عشر من يونيو 98 شهدت كارثة بين جماهير المنتخبين قبل وبعد المباراة؛

صحيح أن إنجلترا فازت بهدفي آلان شيرر و بول سكولز؛ إلا أن أحداث ملعب فيلودروم كانت مؤسفة بعدما اشتبكت الجماهير التونسية والإنجليزية لمدة يومين كاملين؛ وأسفرت الاشتباكات عن اعتقال مئة مشجع و30 مصابا وتعرض 4 مواطنين للطعن ؛ واستخدمت الشرطة الفرنسية الغاز المسيل للدموع للتفرقة بين جماهير المنتخبين .

أتذكر وقتها أنه تم القبض على شخص يدعى “جيمس شيلر” ؛ وهو من هوليجانز المنتخب الإنجليزي ؛ بعد أن قام بحرق العلم التونسي مع آخرين؛هو نفس الشخص الذي كتبت عنه صحيفة “الديلي ميل” البريطانية أنه سيحضر مباراة إنجلترا وروسيا في يورو 2016 في مارسيليا؛بعدما تأكدت الصحيفة بأنه قام بشراء تذكرة المباراة ؛

وبالفعل حدثت الاشتباكات بين الجماهير الغاضبة من إنجلترا وروسيا ؛لكن الإنجليز لم يفلحوا هذه المرة في الفوز على الدب الروسي الذي انتزع التعادل قبيل نهاية اللقاء ؛ الأمور تصاعدت قبل أن تبدأ المباراة وتدخل الأمن الفرنسي ؛ وقام باحتجاز عدد من المشجعين ؛ الأمر الذي تفاقمت حدته باستدعاء السفير الفرنسي في موسكو من قبل الخارجية الروسية ؛ وكذلك اعلان الرئيس الفرنسي عن نيته حظر المظاهرات نهائيا هذه الأيام ..

 (2)

من المألوف أن تتشابك الأيدي وتعلو الحناجر من أجل هتاف لفريق أو تشجيع لمنتخب لكن غير المألوف هو الذي يتكرر كل مئة عام أو بضعة مئات ؛ غير المألوف هو غضب الطبيعة ؛ هو ابتلاء القدر ؛ وفرنسا منذ أيام ضربتها الفيضانات ؛ وشهدت باريس مدينة النور هطول أمطار غزيرة بشكل مكثف ومتواصل ؛ وتسببت تلك الفياضانات في انقطاع الكهرباء لأكثر من 20 ألف شخص ؛

كذلك الإضرابات التي ضربت موجتها أرجاء المدن الفرنسية سواء لاعتراض النقابات على بنود قانون العمل الجديد ؛ أو لزيادة الرواتب ؛ او حتى للتعيينات والبحث عن فرص عمل لائقة ؛ليس هذا فحسب إنما تشهد مدن فرنسا عدم انتظام في حركة القطارات وانتشار وتراكم القمامة وإضطراب العاملين في مراكز معالجة النفايات .

وكذلك شهدت فرنسا إضرابات في المطارات وبين صفوف الطيارين ؛ كل هذا يؤثر بالسلب على البطولة الأوروبية حتى وإن كانت ضربة البداية قد جاءت ناجحة ؛ فهي أمور تهدد بوضوح مدى استمرارية كأس الأمم الأوروبية 2016 حتى نهايتها .

(3)

كنت من الأشخاص الذين زاروا باريس وألتقطت صورا تذكارية قبالة قوس النصر ؛ وفي مختلف أنحاء الشانزليزيه .. إنها باريس مدينة الجمال ؛ عاصمة النور ؛ هي الحب الدافئ لمن يعشق الثقافة الفرنسية ؛ ولم أكن أتخيل أن يكون شبح الارهاب هو الذي يخيف مواطنيها هذه الأيام ..

المدينة التي عرفت معنى الحرية هي أشبه بثكنة عسكرية ؛ لا من شيئ إلا لحماية مواطنيها والحفاظ على هيبتها خوفا من تكرار أحداث باريس الدامية في نوفمبر الماضي ..

من يتابع مباريات كرة القدم يحاول جاهدا أن يجد فيها متنفسا يبتعد به عن ما يبث على شاشات التلفاز أو يكتب على صفحات الجرائد ؛ أو يدور في أروقة الاجتماعات من مخاوف محتملة ؛

الخارجية الأمريكية تحذر من وقوع هجمات إرهابية على هامش اليورو .

المانيا تحذر ؛ إنجلترا تحذر ؛ أوكرانيا تؤكد اعتقال مواطن فرنسي كان يخطط لهجمات تستهدف فعاليات البطولة ؛ الكل يقول ويصرخ “لا للإرهاب” ؛ لكن الخوف صداه أقوى والأهداف باتت واضحة :

-زعزعة الأمن

-ضرب الاستقرار

-هز ثقة الآمنين

-تمزقة أنسجة الشعوب

-ترسيم حدود جغرافية جديدة

-سفك المزيد من الدماء

-هدر الكثير من الطاقات

-الاقتناع بأن القادم هو بالطبع أسوأ ؛ والسؤال الآن ؛ هل ستصمد نسخة هذا العام من كأس أمم أوروبا لكرة القدم أمام كل تلك التحديات ؟

هل ستبقى باريس آمنة ومعها كافة المدن الفرنسية شامخة بعراقتها وصامدة أمام كل تلك الصعاب ؟

هل سيبقى الأمن مستيقظا ؟

الإجابة : آمل ذلك .. وسنرى ..

نرشح لك

أبو تريكة: هؤلاء اللاعبون ساندوني بعد التحفظ على أموالي

محمد عبد الرحمن يكتب: الجمهور لا يرحم

شارك واختار .. من أفضل ثنائي في إعلانات رمضان؟ أضغط هنـــا

بنر الابلكيشن