هشام المياني يكتب: هل يتعامل السيسي مع القوانين بكشف الإنتاج؟

(نقلًا عن جريدة المقال)
بالطبع شيء جيد أن يستشعر الرئيس عبد الفتاح السيسي الخطر القادم إليه شخصيا من جانب جهاز الشرطة بسبب استفحال التجاوزات التي يرتكبها بعض أعضاء هذا الجهاز وهم كثر بالمناسبة لدرجة جعلت الشارع لديه يقين بأن الرئيس يقول كلاما ويقطع وعودا عن سيادة القانون وإرساء دولة القانون بينما الأجهزة التي تخضع لولايته تضرى بكل هذا عرض الحائط.

المسألة تفاقمت وزادت عن الحد وفي كل مرة كان الرئيس يتعامل مع الأمر وكأنه لم يحدث أو لم يسمع به في حين أنه يقدم نفسه للشعب أنه المطلع على كل شيء.

جيد أن يتحرك الرئيس ولكن من المؤسف أن يأتي هذا التحرك بعد تحرك الناس أنفسهم.
فالسؤال الآن: ماذا لو لم يغضب أهالي الدرب الأحمر ويحتجون وبتظاهرون أمام مديرية أمن القاهرة ويحاولون القصاص بأيديهم من أمين الشرطة الذي قتل أحد المواطنين بسلاحه الميري؟

الإجابة طبعا معروفة وعايشناها من قبل مع أزمة أطباء المطرية الذين تم سحلهم على أيدي أمناء شرطة وظلت الدولة والرئيس في حالة صمت حول الواقعة حتى الآن رغم تنظيم الأطباء لوقفة احتحاجية محترمة بنقابتهم ضد ما حدث.

فهل القاعدة الآن أن كل من يريد أن يلتفت الرئيس لشكواه وإعادة حقه أن يفعل مثل أهالي الدرب الأحمر ويحاول أخذ حقه بيديه؟

ولكن المهم أن الآن الرئيس تحرك لكن ماذا فعل؟

السيسي انتظر ليلة كاملة بعد واقعة الدرب الأحمر ورغم نزول الناس إلى الشارع ولم يفكر في لقاء وزير الداخلية إلا بعد وصول الرئيس لشرم الشيخ لحصور مؤتمر الكوميسا.

الاجتماع وصفته أجهزة الدولة والمحسوبين عليها بأنه مفاجيء وسوقوا هذا باعتباره إنجاز وهم لا يفقهون أن المفاجيء هذا جاء بعد الواقعة بأكثر من 24 ساعة وبعد أن مل الناس من انتظار التحرك.

إلا لو كان رجال السلطة يحسبون أن مجرد لقاء الرئيس بوزير الداخلية بشأن اعتداء شرطي على مواطن وقتله هو أمر نادر وجديد ومن ثم فهو مفاجيء.

الخلاصة أن الرئيس اجتمع بالوزير وخلال الاجتماع قيل كلاما مكررا والجديد كان أن الرئيس وجه بإدخال بعض التعديلات التشريعية أو سن قوانين جديدة تكفل ضبط الأداء الأمنى فى الشارع المصرى بما يضمن محاسبة كل من يتجاوز في حق المواطنين دون وجه حق. ووجه لرئيس بعرض هذه التعديلات التشريعية على مجلس النواب خلال ١٥ يوما لمناقشتها.

وحقيقة فهذا الأمر غير مفهوم ولا نعلم من سوق للرئيس أن الأزمة ترجع لقصور قانوني؟

فهل يتم تطبيق القوانين الموجودة فعلا حتى نسعى لوضع قوانين جديدة أو تعديلات جديدة؟

فالمسألة تكمن بالأساس في عدم سيادة القانون وعدم اكترث من يتجاوزون بهذه القوانين فضلا عن أن سياسة وزارة الداخلية القائمة على الاجتهاد للنفي ومحاولات الإنكار بل والسعي لتبرئة المتجاوزين بدلا من محاسبتهم.

القوانين الموجودة رغم كل ثغراتها إلا أنه لو تم الالتزام بها وكانت هناك إرادة فعلا لسيادة دولة القانون فسيتحقق الكثير من الانضباط.

أما السعي لتعديلات قانونية ووضع قوانين جديدة مع كل أزمة فإنه يصور الأمر كما لو كان وضع القوانين أو هو الغاية وليس أثر تنفيذ تلك القوانين.

فالواضح من المعلومات المتاحة أن وفقا للعرض الذي قدمه وزير الداخلية للرئيس فقد تم اختزال المسألة في أمناء وأفراد الشرطة وأن الوزارة والضباط لم يعودوا قادرين على ضبط أدائهم بسبب إلغاء المحاكمات العسكرية لهم بحكم من المحكمة الدستورية وأن التعديلات الجديدة ستعيد تلك المحاكمات مرة أخرى.

والحقيقة إن هذا قفز على الواقع لأنه برغم إلغاء المحاكمات العسكرية إلا أن مجالس التأديب التي كفلتها التعديلات المتوالية على قانون هيئة الشرطة تتيح اتخاذ عقوبات وإجراءات غاية في القسوة ضد أي متجاوز أو مخالف ولكن لا يتم تنفيذ أي من تلك التعديلات وحتى حينما يسعى المواطن لأخذ حقه من الشرطي المتجاوز بالتقاضي فإن الوزارة تقف حائلا بين الحق وصاحبه وتجتهد لحماية المتجاوز.

ومن ثم فإن تعديل القانون بدون تغيير حقيقي في سياسات الدولة يصبح كمان لو أننا دولة تقوم على تعديل القانون وليس سيادته وتنفيذه أو كأننا نتعامل مع القوانين بكشف الإنتاج ونحسب نجاحنا بعدد القوانين التي نصدرها أو نعدلها وليس بما ننفذه منها.

اقـرأ أيـضـًا:

هشام المياني يكتب : أمين الشرطة أهم من رئيس الجمهورية عند وزارة الداخلية

هشام المياني يكتب: مصر مفيهاش دستور.. بس فيها جريدة رسمية!

هشام المياني يكتب : الأجهزة تسير بالسيسي عكس الاتجاه

هشام المياني يكتب: السيسي مش زعلان من الشباب.. بس ممكن يتقبض عليهم بالخطأ!

هشام المياني يكتب: تجديد النفاق السياسي

هشام المياني يحقق: هل كان “هيكل” وراء القبض على “صلاح دياب”؟

هشام المياني يكتب: لا عودة للوراء يا ريس لأننا في الوراء أصلا 

.

تابعونا علي الفيس بوك من هنا

تابعونا علي تويتر من هنا