عمرو شوقي يكتب: مؤامرة CNN لهدم «نظريةالمؤامرة»

خلال قراءة ما نُشر أمس في موقع “سي إن إن” بالعربية، تحت عنوان “مراسل CNN بن ويدمان يكتب من القاهرة: نظريات المؤامرة تتصاعد بعد سقوط الطائرة الروسية“، لاحظت كم الغضب والسخرية الكامن بين سطور مراسل الشبكة الأمريكية من استخدام المصريين لما يُعرف بـ”نظرية المؤامرة” في تحليل أزمة “الطائرة الروسية”.

بن وايدن سخر في مقاله من المصريين لافتًا إلى أن “الكثير منهم يأكلون من وعاء شعبي واحد هو حساء المؤامرة”! ولا أعلم ما الذي يضايقه إذا كنا كشعب نحب “شوربة المؤامرة”!

المراسل الأمريكي لم يعجبه ما قاله عم ناصر –بائع الصحف ذو الزراع الواحد في المهندسين- عن أن “الأجانب يتآمرون ضد مصر لسنوات عديدة”. لا يعلم أن منطق عم ناصر -الذي ربما لم يتجاوز تعليمه الابتدائية- قد يكون أعمق من رئيس تحرير CNN شخصيًا!

المهم أن بن وايدن اعترف بـ”شعبية” تلك الطريقة في التفكير، ونحن شعب يؤمن بأن الجمهور دايمًا على حق، والزبون دايمًا على حق، وأمريكا دايمًا على باطل! وبخبرتنا مع التدخل الأجنبي علمنا كيف كانت “نظرية المؤامرة” تحكم علاقة الغرب بنا، وهي حقيقة لا يجرؤ قارئ جيد أو سيء للتاريخ على إنكارها.

أعتقد أن بن وايدن لو كان يعيش إبان تقسيم المنطقة العربية لدويلات خلال وعقب الحرب العالمية الأولى، وسمع جد عم ناصر يقول إنها مؤامرة، لسخر منه كذلك، فأغبياء ذلك العصر أيضًا انتظروا حتى قامت الثورة البلشفية في 1917، و”خزقت عينهم” بنشر وثائق “سايكس – بيكو” التي كشفت استفحال “نظرية المؤامرة” بين الدول العظمى.

مراسل CNN قال إنه بينما يستمر المحققون في سيناء بالبحث في حطام الطائرة الروسية التي سقطت في الـ31 من أكتوبر، وأودت بحياة 224 شخصًا، فسر الكثيرون في العاصمة المصرية الأمر وفقًا لنظرية المؤامرة. بن وايدن هنا يُلمح إلى أن المصريين –الذين يراهم بالتأكيد مرضى بعقدة الاضطهاد- استبَقوا التحقيق ليرووا عطشهم إلى النظرية إياها، وتناسى أن بريطانيا هي التي استبقت التحقيقات وأعلنت أن سبب سقوط الطائرة “قنبلة” زُرعت على متنها! من المتسبب إذن في ظهور نظرية المؤامرة؟

في مقاله، وقع بن وايدن في خطأ شائع بين الكتاب المبتدئين، وهو عرض وجهة النظر الأخرى في أسوأ أشكالها وأكثرها تطرفًا، فلكي يدلل على أن نظرية المؤامرة خبل وجنون، لم يلجأ مثلًا للحديث المعتدل للإعلامي عمرو عبد الحميد، بل لجأ لعرض آراء توفيق عكاشة وبسمة وهبة “خليفة ريهام سعيد” ودندراوي الهواري! آلهة “الأفورة” في الإعلام المصري، بل إنه ذهب للهواري في عقر داره بـ”اليوم السابع” لينقل رؤيته عن النظرية إياها، ويقول للقارئ: “شوف بتوع نظرية المؤامرة بيقولوا إيه؟”.

كذلك عرض رأي يوسف الحسيني، عندما قال إن أمريكا وبريطانيا وإسرائيل يريدون إلحاق الضرر بالعلاقات المصرية الروسية، ولا أعلم ما الذي أثار استغرابه في ذلك، هل تتمنى أمريكا دوام الصحة والسعادة والاستقرار لعلاقة مصر بروسيا، أم أن الأمر لا يخلو من نظرية المؤامرة؟

في نهاية المقال أتى دور من سيتفق مع كاتبه في الرأي، أو من وصفه بن وايدن بـ”ناشط المجتمع المدني المخضرم هشام قاسم”. المراسل الأمريكي سأل المسئول عن إعادة هيكلة “المصري اليوم”: “لماذا يسارع المصريون إلى احتضان الظلام والمؤامرات الشريرة؟”، ليرد قاسم قائلًا “هل سبق لك أن زرت ألبانيا؟ على مدار 60 عامًا قيل لهم إن العالم كله كان يتآمر ضدهم.. وهو الطريق السهل، فكل شيء على ما يرام ولكن القوى الشريرة الخارجية تحاول عرقلة هذا البلد”.

وقع قاسم في نفس خطأ المبتدئين، انتقد من يلجأون لنظرية المؤامرة لإثبات أن كل شيء على ما يرام، فاختار النقيض، أن يلغي نظرية المؤامرة تمامًا على اعتبار أن كل شيء ليس ما يرام، وكلا المنطقين خطأ.

لكن بن وايدن كان ذكيًا في اختياره لقاسم ليدحض تلك النظرية، فالأخير لن يألو جهدًا أو حماسًا في الانتقام من نظرية تعادي أمريكا في المقام الأول.. أمريكا التي ينفذ سياستها الرأسمالية بحذافيرها الآن في “المصري اليوم”، وأمريكا التي أعطته جائزة الديموقراطية الصادرة عن الوقف القومي الأمريكي لعام 2007.

وختامًا.. إن عالَمًا فيه “أمريكا”، غالبًا ما تكون نظرية المؤامرة هي الأصلح لتفسير أحداثه، وسخرية الغرب من عدمها لن تفسد من تلك الحقيقة في شيء!

للتواصل مع الكاتب عبر “فيسبوك”

للتواصل مع الكاتب عبر “تويتر”

اقرأ أيضًا:

عمرو شوقى يكتب: هل يكره الزملكاوية حسن شحاتة؟

عمرو شوقي يكتب: هل حصل “عفيفي” على مكافأة الدوري؟!

عمرو شوقي يكتب: أغنية “التالتة يمين” التي أزعجت نادي القرن

عمرو شوقي يكتب: انبهرت بإعلانات رمضان.. والنتيجة؟؟

عمرو شوقي: حارة اليهود.. والهطل الإسرائيلي

 

تابعونا علي تويتر من هنا

تابعونا علي الفيس بوك من هنا