فادي عاكوم يكتب: حب الأصدقاء روح القلب

مرحبا..

خلال الأيام الماضية بعد أن خذلتني شراييني وتقاعست عن ضخ الدماء إلى قلبي وكادت أن تتسبب بتوقفه بعد ارتفاع ضغط الدم إلى أكثر من 200، عادت الروح إلى قلبي ليس فقط بسبب الأطباء والأدوية والعلاجات، لا بل بسبب كم الحب الذي أحطت به منذ اللحظات الأولى للوعكة، فـ”هنا” صديقتي الأعز كانت بجانبي طوال الوقت إلى أن اطمئن قلبها إني بخير بل هي التي تنبهت للحالة وفعليا أنقذت حياتي، لأني لم أكن سالقي بالا لما كان يجري، وكذلك أخي “أحمد” الذي هرع إلى المستشفى وبقى هو الآخر معي إلى أن أوصلني إلى البيت، ومن يومها تحول الاثنان لأطباء يقدمون النصائح الطبية والغذائية، وربما الأمر يليق بـ”هنا” لكن بالنسبة لأحمد فكان الأمر مضحكا وهو يعلم جيدا لماذا.

وبعد انتشار خبر الوعكة وصلتني عشرات المكالمات والرسائل من الأصدقاء، بعضها كان متوقعا بحكم العلاقة المتينة، ولن أقع بفخ تعداد الأسماء حتى لا أسهو عن أحد منهم فهم يعلمون عمن أتكلم، لكن المفاجاة كانت من أصدقاء لم يكونوا في دائرة المقربين لكنهم دخلوها عنوة بالاطمئنان اليومي وأحيانا لأكثر من مرة، بطريقة أخجلتني جدا ودفعتني للإحساس بالتقصير تجاههم طيلة الفترة الماضية، لكن فعلا رب ضارة نافعة، فالأزمة كشفت معدنهم الحقيقي هذا المعدن البراق الذي لا يضاهيه بريق، وهذا البريق ينتج عن فعل الحب بالقلوب ولا تصنعه القلوب.

نرشح لك: “فرحة”.. قصة حقيقية من قلب المعاناة الفلسطينية

وفي الوقت نفسه كنت أتوقع من بعض ممن أعتبرهم مقربين جدا الاهتمام الزائد عن غيرهم، هكذا خيل لي بسبب العلاقة المتينة وكثير منهم كنت بجانبه كخياله وقت أزماته من مرض وسواه، لكن العكس فرض نفسه، لن أخفي شعور الخذلان بسبب تصرفهم، لكن “فادي” الحالي سيلتمس لهم الأعذار ولن يقف عند موقفهم، فـ”فادي” الحالي غير “فادي” ما قبل الأزمة، فادي ذاك الذي كان سيغضب ويبوح بما في القلب في وجوههم، لكني أقول لهم أكيد ظروفكم منعتكم ولديكم أهم من أن تهتموا بحالة صديقكم المقرب.

منذ فترة كتبت عن الحب، وكيف أنه لا يجب أن يكون محددا بشخص ما لغاية محددة، بل يجب القيام بفعل الحب بكل وقت وبأي مكان ومع أي شخص في دوائرنا الحياتية، ولهذا أقول للجميع ممن اهتم أو أولئك الذين “طنشوا” أحبكم جميعا طالما لا يزال هذا القلب ينبض، ودعونا لا نتكلم عن الحب بالكلمات بل لنتكلم بالافعال والتصرفات والمواقف.

الجميل أن يتحول البعض من دوائرك إلى عائلة فعلية لم تفرض عليك، بل تآلفت بفعل المحبة والتعاطي الصادق والألفة والصدق والأهم بالحب، هؤلاء سيبقون إلى جانبك دائما وأبدا، في وقت عائلتك التي فرضت عليك تعطيك ظهرها ولا تبالي بأحوالك، إلا القليل منهم، ربما بسبب بعد المسافات أو بسبب الانشغال اليومي بالحياة ومشاكلها ومصاعبها ومطباتها.

وفي النهاية أقول لأصدقائي: عندما تأخذ المحبة مساحتها الحقيقية الواسعة تصبح الكلمات ذليلة وضيعة أمامها، والمحبة ليست إلا نتاجا للقلوب الصافية… أحبكم.