المستشار الفني لمهرجان أسوان: السينما صناعة عانت من الذكورية.. ونعمل على تأهيل النساء للبرمجة

إيمان مندور
مهرجان أسوان
تشكِّل المهرجانات الفنية فرصة للتعرف على فنون وثقافات العالم المختلفة، سواء عن طريق الرقصات أو الموسيقى أو المسرح أو الأفلام أو الصور وغيرها من الفنون التي تقدم لمحات فريدة عن هوية الدول، فيكون المهرجان بمثابة ملتقى إبداعي فني لفناني الأداء، وللجماهير كذلك كما هو الحال في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة، فهو يهتم بتقديم الصورة الفنية للمرأة عالميا وعربيا، ويستهدف أيضا الوصول للمجتمع المحلي بالدرجة الأولى.

عن طريقة اختيار عروض الأفلام بالمهرجان، والاهتمام بسينما المرأة، ووظائف المكتب الفني، وما تحتاجه المهرجانات المصرية عموما، كان لـ أحمد شوقي المستشار الفني لمهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة في دورته السادسة، هذه التصريحات عبر إعلام دوت كوم..

تكوين المكتب الفني لمهرجان أسوان

تشكيل المكتب الفني لمهرجان أسوان لم يكن سهلا أو بنفس طريقة باقي المهرجانات، لأننا هنا بصدد مهرجان عن أفلام المرأة، وبالتالي ليس من المنطقي اختيار مكتب فني مكوّن بالكامل من الرجال، لكن صعوبات الواقع تحتّم على إدارة المهرجان اختيار المتاح حاليا، لحين تدريب كوادر نسائية مؤهلة لأعمال البرمجة، فقد حاول المهرجان اختيار كوادر نسائية لمهامه الفنية لكن بعضهن كن مرتبطات بأعمال أخرى في نفس الوقت، والبعض الآخر لم يكن لديهن الخبرة الكافية لتولي هذه المسؤولية، لأن أعمال البرمجة بالمهرجانات ظلّت مقصورة على الرجال لسنوات طويلة.

لذلك عندما طلبوا مني تولي مسؤولية المكتب الفني لمهرجان أسوان، قلت إن هذا المنصب من حق امرأة وليس رجلا، فلّما لما يجدوا المرأة المناسبة لهذه الوظيفة قررنا تشكيل مكتب فني أغلب كوادره من النساء، على ألا أكون مديرًا بل مستشارًا فنيا للمهرجان، حيث أستغل خبراتي في محاولة توجيه عضوات المكتب اللاتي لم يعملن في البرمجة من قبل، مثل دينا العليمي ومريم حمدي ومريم فرجاني ومنة الله عبيد، فكلهن يعملن في مجالات متعلقة بالسينما، لكن لسن مبرمجات ولم يعملن بهذه الوظيفة من قبل.

وبالتالي كان توجه المهرجان المساهمة في تدريب كوادر نسائية يصبحن مؤهلات في المستقبل لإدارة المكتب الفني للمهرجان ولمهرجانات أخرى بالطبع، فـ”أسوان لأفلام المرأة” أحد أهم أهدافه هو تدريب الكوادر من مختلف الفئات، وهو ما يظهر في الورش المتنوعة ومنتدى المرأة والجلسات الحوارية والاختلاط بالمجتمع المحلي في أسوان، خاصة أنه أكبر مهرجان خارج العاصمة يشارك فيه المجتمع المحلي.

بالطبع حجم المهرجان لم يسمح لنا بالتجريب كثيرًا، لذلك أضفنا شيئا واحدا هذا العام، ألا وهو مسابقة أفلام ذات أثر، والتي أعتبرها فكرة منطقية لأن المهرجان يقوم بالدرجة الأولى على المجتمع المدني ويهتم بتنميته، فضلا عن مناقشة قضايا المرأة والنوبة وجنوب مصر عموما.

هذا مع التأكيد على أن معايير تكوين المكتب الفني تختلف باختلاف المهرجان بالطبع، فمثلا في القاهرة السينمائي لا بد أن يكون مدير المكتب الفني لديه مؤهلات أكبر في مجال المهرجانات، فضلا عن الخبرة الواسعة في اختيار الأفلام، والقدرة على تمييز الجيد والأقل جودة، وكذلك التواصل مع الموزعين، ومهام البرمجة وخلافه.

نرشح لك: بين عيسى وسوسن بدر.. كيف اختلف جمهور مهرجان أسوان؟

 

مهام المدير الفني

“كل ما هو فني هو شغل المدير الفني”.. أي أن المكتب الفني يمثل الشق الفني لأي مهرجان، والذي يكون مركزه الأساسي هي الأفلام، حيث يتم تشكل برنامج أفلام قوي، وهذا لا يكون سهلا، بل لكي يحدث لا بد أن تشاهد الأفلام التي تم تقديمها للمهرجان، وتتراسل مع شركات توزيع وشركات إنتاج لتعرف ما لديهم من أفلام.

كما تشارك وتتابع المهرجانات الدولية لتتعرف على أحدث الأفلام المعروضة، فتجد منها ما يمكنك عرضه في مهرجانك، فضلا عن متابعة الأفلام التي يجري إنتاجها في ذلك الحين ومعرفة مواعيد الانتهاء منها، بحيث يتم الاتفاق قبل عرضها.

كذلك المراسلات والاتفاقات والتفاوض على أجر العرض، فهناك صناع أفلام يحصلون على أجر مقابل عرض أفلامهم. هذا بالإضافة لعمل مادة كتالوج المهرجان، واختيار لجان التحكيم ومتابعة عملها.

المرأة في الصناعة السينمائية

في العالم كله، وعبر تاريخها الممتد، نجد السينما صناعة ذكورية بامتياز، حيث كان يتم تهميش المرأة وتعمّد حصرها في مجالات معينة مثل العمل كـ مونتيرة أو مساعدة مخرج، فقط عدد قليل جدا من السيدات استطعن أن يكن مخرجات ناجحات.. “قد إيه الصناعة دي ككل فيها تحيز طول عمرها للرجال.. الغريب إن في المنطقة العربية ومصر نسبة المخرجات للمخرجين لغاية وقت قريب كانت أكتر من العالم كله، يعني عدد اللي بيصنعوا أفلام في الوطن العربي من الستات كانوا كتير”.

ورغم ذلك، نجد السيدات ممكّنات في المجتمع السينمائي المصري بشكل كبير، ولديهن قوة وقدرة ربما أكثر من السيدات في قطاعات أخرى من المجتمع المصري. لكن هذا لا ينفي كون الصناعة الفنية ككل منحازة للرجال، ويظل من الواجب على المهرجانات الفنية منح مساحات أكبر للسيدات.

مجالات “مفقودة” للمهرجانات

تفتقد مصر لأمرين مهمين في الصناعة السينمائية، ولا يصح بالأصل عدم وجودهما، أولهما مهرجان القاهرة لسينما الطفل، والذي توقف عقب ثورة يناير ثم عاد مرة واحدة، وتوقف تماما منذ ذلك الحين رغم أهميته الكبيرة، فهو مهرجان عريق ومهم، وكانت إدارة المهرجان تعمل لمدة 8 أشهر في السنة لتنظيم مهرجان القاهرة، بينما تكون الأربع أشهر المتبقية لتنظيم مهرجان سينما الطفل.

أما الأمر الثاني فهو وجود مهرجان للسينما العربية، إذ لا يصح أن تكون مصر مركز الصناعة السينمائية العربية ومصدر تاريخها وثقلها، ولا يكون بها مهرجان مخصص للسينما العربية.. “كل المهرجانات بتعرض سينما عربية لكن مفيش مهرجان عندنا مخصص لمناقشة السينما العربية”.

ماذا تحتاج المهرجانات المصرية؟

لا بد أن يكون كل مهرجان مدركا لأهدافه الحقيقية، فليس شرطا أن تصبح أهم مهرجان فني، لكن لا بد أن تكون “مهما” ومحققا لأهدافك التي يجب أن تحددها من البداية.. “لازم الإدارة تسأل نفسها هل أنا مهرجان بيعرض سينما مختلفة ولا مهرجان بينمي المجتمع المحلي ولا أنا مهرجان متخصص في نوعية أفلام لا تعرض غير عندي ولا أنا مهرجان ضخم زي القاهرة فلازم ألبي كل الاحتياجات ولا أنا مهرجان ضخم زي الجونة هدفه الأساسي دعم الصناعة.. طول ما انت عندك بوصلة مخلياك عارف أنت عاوز ايه ومش مدخل نفسك في مقارنات وهمية مع مهرجانات تانية هتبقى مهرجان قوي وناجح ومؤثر”.

مطبوعات المهرجانات

بعض المطبوعات الصادرة عن المهرجانات الفنية تحقق الهدف المرجو منها والبعض الآخر ليس كذلك، فلا يصح أن تصدر كتابا عن مبدع لمجرد كونك ملزما بإصدار كتاب عنه، يجب أن يكون لديك ما تضيفه.. “يعني مهرجان هيكرّم النجم الكبير فلان فلازم يبقى عندي حاجة أكتبها عنه، فهو يفخر إنه يقرأها ويهديها للناس وتبقى إضافة للأدبيات الثقافية والسينمائية.. لأن لو أنا بكتب أي كلام هبقي بسيء للراجل ده مش بكرمه”.

وبالتالي لا بد أن تنتبه المهرجانات الفنية لأهمية وتأثير المطبوعات الصادرة عنها، فإما أن تكون ذات إضافة وأثر أو يتم الاستغناء عنها من باب أولى.