الصوفية (6).. الأسرة العيونية.. امتداد الجهاد ومنهل العلم وبئر البركة

محمد مصطفى عزوز

لقد تحدثنا في الحلقات السابقة عن الصوفية بطرح علمي دقيق وأكدنا أن الصوفية ليست حركة تواكل بل هي حركة جهاد وعلم وبركة وروح. وهنا نتحدث عن أسرة نبوية شريفة تمتد نسبا لسيدنا الحسن بن علي سبط الرسول وحفيده وبها تجمعت الأسرار والأنوار وفيها وعنها تناقل الناس الأخبار، فكانت كرامتهم أوضح من ضوء النهار.

تبدأ القصة بأن تلك الأسرة الشريفة فرت إلى بلاد المغرب كمعظم آل بيت رسول الله هربا من بطش الأمويين وأبناء عمومتهم العباسيين، ولكن كعادة آل بيت رسول الله حملوا لواء نشر دعوة جدهم الرسول الكريم في بلاد المغرب ونتيجة الكرامات التي أسراها الله على أيديهم دخل الناس في دين الله أفواجا واستقرت تلك الأسرة الشريفة بمدينة مجرى العيون ببلاد المغرب وكان لهم دورا كبيرا في مقاومة الاحتلال الاسباني ولقب جدهم بأبي العيون لأنه كان الأب الروحي لمدينة مجرى العيون وكانت كراماته الظاهرة والباطنة تملئ الأفاق ببلاد المغرب العربي وكانت تقام له الموالد والاحتفالات بمدينة مجرى العيون بالمغرب.

نرشح لك: الصوفية (5).. التصوف رسالة عمل أم منهج تواكل؟

ونتيجة بطش الاحتلال ببلاد المغرب ولأن آل البيت يرون أن مصر ملجأ آل البيت من زمن السيدة زينب إلى يومنا هذا، قرر السيد إبراهيم أبو العيون الهجرة إلى مصر وجاءه الأمر الرباني بالذهاب والاستقرار في العزبة التي تحمل اسمهم حتى الآن “عزبة سيدي أبو العيون” في قرية دشلوط بمدينة ديروط بأسيوط، بمسجدها الشاهق وأضرحتها المباركة والتي تعد من أشهر آثار محافظة أسيوط، لما تتمتع به عزبة السيد إبراهيم أبو العيون من طراز مغربي فريد يمتلئ بالزخارف الأثرية والعريقة.

أقام السيد إبراهيم أبو العيون – المعروف بالنازح – المسجد والبيت وبدأت كراماته التي لا تعد ولا تحصى تظهر وكانت من أبرز تلك الكرامات أن الله ألهمه بوجود بئر بها مياه مباركة بعزبته كانت ولازالت مياه تلك البئر عظيمة الفائدة جميلة المذاق مباركة المنشأ فيها الشفاء من كل داء وهي مجربة عند مريدين العزبة بصعيد مصر.

وأنجب السيد إبراهيم أبو العيون النازح السيد إبراهيم أبو العيون المعروف “بالشهيد”، الذي سمي بذلك لأن قوماً جبابرة قتلوا رجلاً أمامه فشهد عليهم فأراد أولئك القوم إرغامه على تغير شهادته فمع ظلمهم ركب معهم المركب متوجها إلى بندر أسيوط حيث المحكمة فتوضأ وهو يتوضأ سمعه القوم يناجي الله قائلاً “اللهم إن هؤلاء الظلمة يريدون أن أشهد زوراً وأنا لا أريد أن أعصيك فاقبض روحي إنك على كل شيء قدير” ففوجئ الظلمة بأن السيد إبراهيم أبو العيون قد توفى وهو يتوضأ وظلوا يتناقلوا كرامته تلك بعد موته وصلح حالهم مع الله بتلك الكرامة. ولعل الموت أثناء الوضوء هي كرامة عند جل أقطاب الأسرة العيونية فمعظمهم توفى أثناء الوضوء.

أنجب السيد إبراهيم أبو العيون الشهيد السيد إبراهيم أبو العيون المعروف بالسيد إبراهيم أبو العيون الكبير الذي كتبت كراماته في الجرائد وذاع صيته وبلغت شهرته كل أرجاء المحروسة لدرجة أن الملك فاروق عند توليه الملك استهل ولايته بزيارة عزبة السيد أبو العيون وما أن أقبل الملك على السيد إبراهيم إلا وبكى وقال له “ستكون آخر ملك على مصر”، وعرف الملك فاروق في بداية ولايته بالملك الصالح لزيارته الشيخ أبو العيون بالصعيد التي تغنت وأفردت لها الجرائد صفحات وعناوين طويلة وكان هذا قبل أن تتبدل أحوال الملك. وللسيد إبراهيم أبو العيون الكبير كرامات كثيرة سنذكر جزء من بهائها وقطعة من نورها في المقال القادم طيب الله أيامكم وإلى لقاء.