"تحت الحصار".. أشباح الأرض تطارد المحتل

"نحن أصحاب هذه الأرض، نحن مثل شجرة الزيتون مهما تساقطت أوراقها فبذورها ممتدة، لا يستطيع أحد أن يحركها، الأرض هي الشرف، هي الكرامة، هي التاريخ، ومن لعنه التاريخ سيظل ملعونًا للأبد".

بهذه الكلمات اُختتم العرض المسرحي "تحت الحصار" الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان المسرح العالمي في دورته الـ 39 المقامة خلال الفترة من 27 إبريل، حتى 6 مايو على مسرح المعهد العالي للفنون المسرحية.


تحت الحصار.. فلسطين المحتلة

فمنذ الوهلة الأولى للعرض المأخوذ من 4 نصوص وهم: "نزهة في أرض المعركة، ثورة الموتى، فصيل على طريق الموت، العادلون"، تظن أنه يتحدث عن فلسطين خاصة غزة وما يحدث فيها من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وتعذيب أصحاب الأرض والذي ظهر من خلال محاولة الجنرال أن يعرف من الشخص الذي ألقى القبض عليه مكان المقاومة حتى يستطيع أن يتركه وشأنه.


بعد ذلك تجد أحد الجنود من قبل الدولة المحتلة يقف أمام المغتصب ويدافع عن أرضه مما يجعلك تتراجع في رأيك بأن العرض يتحدث عن غزة فقط، وهو ما أوضحه محمود صلاح كاتب الدراماتورج ومخرج العرض خلال تصريحات خاصة لإعلام دوت كوم، قائلاً إن النص يتحدث عن أي دولة محتلة، ولكنهم كانوا يميلون لغزة بكل تأكيد، وهو ما استنزف وقتًا ومجهودًا كبير أثناء التحضير له.

العدو لا يظهر بوجهه الحقيقي

جاء جيش العدو وهو يرتدي قناعًا ولم يظهر بوجهه الحقيقي طوال العرض، ويبرر ذلك "صلاح" قائلاً إن العدو لا يظهر بوجهه الحقيقي، دائمًا ما تحركه غريزة الطمع والجشع، ويركز على كيف يمكن أن يسلب حقوق غيره وينسبها له، لذلك اختار أن يجعل العدو بقناع.


يظهر طمع الجنرال وتحكمه في الأرض المحتلة خاصة من خلال تحكمه في شقيقه الذي لم يوافقه الرأي في احتلال الأرض، ويبحث عن السلام، ولكن بسبب تحكم الجنرال يضطر آسفًا لاستكمال الحرب، وبسبب تأثره النفسي بما يحدث تُقلب موازين الحرب فجأة، ويتم أسر الشقيق من قبل أصحاب الأرض.


قد تتعاطف مع شقيق الجنرال بسبب ضغطه الدائم عليه، ووحدته وخوفه ورغبته في السلام كمثال حي لكل شخص يجد نفسه بداخل المعركة كجندي يأخذ أوامر من القائد فقط وعليه تنفيذها بدون تفكير، وهو في أرض قام جيشه باحتلالها، وبكل تأكيد كل ذلك ليس مبررًا على الاحتلال واغتصاب الأراضي.

ورغم ذلك يترك أصحاب الأرض الجندي ويحرروه ولكنه يقوم بقتل القناص على أنغام مقطع من الترويدة الفلسطينية "شمالالي"، مما يعزز فكرة أن المحتل لا آمان له مهما أظهر أمامك رغبته الدائمه في السلام!


أشباح الأرض لن تتركها

مع مرور الخط الدرامي للعرض يستشهد كل أصحاب الأرض ولكن يأبوا أن يُدفنوا، يحاول الجنزال أن يدفنهم ولكنهم لا يمتثلون لكلامه، حيث قال لهم بكل غرور في أحد المشاهد: "إن الأمر الوحيد المؤكد في هذه الحياة هو الموت، ما فائدة البقاء على وجه هذه الأرض، تموتون من أجل عدم مغادرتها!".


كشف مخرج العمل عن سبب اختياره الموت لكل أصحاب الأرض، حيث قال بأنه قرر أن يجعل أرواحهم تراود المحتل حتى نتخلص منه في النهاية، وهو ما ظهر في آخر مشهد في العرض بعدما خرج أشباح أصحاب الأرض يدافعوا عنها ودفنوا مكانهم الجنرال.


رغم سوداوية الفكرة، وتأثر كل جمهور العرض بها، إلا أنها لم تخلو من وجود خط كوميدي بين الأحداث، ويتحدث عن ذلك المخرج محمود صلاح قائلاً: "الخط الكوميدي دايما بيكون قريب للجمهور بشكل كبير، لذلك إحنا كفريق عمل فضّلنا إن يكون فيه جزء من السخرية من قبل أصحاب الأرض، رغم كل اللي هما فيه ظهروا وهما بيحتفلوا بعيد الميلاد لأنهم مبيخافوش، وده كان الخط الدرامي الأساسي لنص (نزهة في أرض المعركة)".

لم يقتصر الحديث عن الاحتلال من خلال نص العرض فقط، بل كان الديكور أيضًا يخدم النص بطريقة كبيرة، حيث أوضح محمود أن وجوده في البانوراما يحمل مدلولاً كبيرًا، مشيرًا إلى أنهم ذكروا في النص الممالك والإمبراطوريات السابقة التي احتلت بقاعًا كبيرة من الأرض وكانت نهايتها السقوط، ليس ذلك فحسب بل ظهر في الديكور أيضًا من خلال وجود عامود يوناني وعامود روماني، وهو ما يجعل العرض كاملًا من حيث نصه وعرضه وديكوراته.



نرشح لك: تفاصيل ورشة إعداد الممثل ضمن الدورة المقبلة لمهرجان ايزيس الدولي للمسرح