السيناريست بثوب الروائي.. فخ الثرثرة

ماهر منصور

ينصح روبرت مكي مستشار القصة في أستوديوهات هوليوود، بالهبوط درجة أو درجتين من الأدب النقي الخالص عند تحويل رواية إلى مسلسل تلفزيوني، وذلك لا يعني أن الدراما التلفزيونية بدرجة أقل من الرواية، ولا يعني أن على الرواية والروائيين التعالي على الفن التلفزيوني، وإنما معناها أن يعي كتاب الرواية والدراما التلفزيونية أن لكل وسيط أحكامه التي لا ينفع معها فرض أحكام الوسيط الأخر عليه دائما.

المشكلة أن هناك من كتاب الدراما من بات يتقمص أسلوب الروائي في كتابة مسلسله التلفزيوني، وذلك ليس عيبا من حيث المبدأ إذ لطالما اعتبرنا اتكاء الدراما التلفزيونية على النصوص الأدبية لإنجاز نصوص تلفزيونية هو الأسلوب الأمثل للخروج بأعمال درامية تقدم بنى درامية متماسكة، تستفيد من أسلوب الرواية في بناء حكاياتها، وطرق موضوعات جديدة، والارتقاء باللغة والاستفادة من مُثل الرواية وقيمها.

نرشح لك: شروط وخطوات التقدم لمسابقة “إعلام” لأفضل غلاف لعام 2020

 

غير أن المشكلة تبدأ حين يقوم كاتب السيناريست باقتفاء أثر الرواية وأسلوبها في السرد قائم في المستوى الداخلي للصراع الذي تخوضه الشخصية، حيث يدور الصراع في ذهن الشخصيات، الأمر الذي يجعلها شخصيات تتكلم لا تفعل، رغم أن الدراما فعل بالضرورة.

وهنا يبرز سؤال مهم، هل كل سرد قائم في المستوى الداخلي للصراع لا ينفع في السيناريو الفني؟
باختصار يصير هذا النوع من السرد غير نافع، حين يستخدم حدودا لغوية كما يفعل اليوم بعض كتاب السيناريو في تقفيهم أسلوب الرواية، متجاهلين حقيقة أن العمل الدرامي يختلف عن العمل الروائي بالوسيط الذي يتولى سرد حكاية كل منهما.

ففي العمل الروائي، يعتمد الوسيط بشكل رئيسي على الوصف والسرد، أكثر من الحوار، أما في العمل الدرامي فالوسيط يتألف من الصورة ولغة شفهية وفوق شفهية والموسيقى التصويرية والمؤثرات، الأمر الذي يجعل من الاستحالة تحويل الثرثرة اللغوية التي نشهدها اليوم في الدراما، إلى صورة وحركة وحوار، ولن يكون أمام المخرجين سوى البحث عن حلول لتلك المونولوجات الطويلة التي تجعل الممثل قارئ رواية لا مجسدا لها.