بشر الظل.. كيف فقدنا عقولنا على السوشيال ميديا؟

محمد إسماعيل الحلواني

أعربت الكاتبة الأمريكية “كاثرين فلاورز” في مقال نشرته صحيفة The Daily Times عن شعورها بالفزع لتلاشي الخط الفاصل بين عالم الواقع والعالم الافتراضي، وأعربت عن شعورها بالصدمة إزاء التعليقات التي قرأتها عبر الشبكات الاجتماعية منذ إعلان البيت الأبيض، في وقت مبكر من يوم الجمعة، عن إصابة الرئيس ترامب وزوجته ميلانيا بكوفيد-19، وتقول فلاورز: “لقد حبست أنفاسي، ليس بسبب مخاوفي على سلامتهما وصحتهما، ولكنني أصبت بعسر الهضم وانقباض المرئ بسبب تفكيري فيما حدث في العالم الافتراضي حيث يُظهر الكثير منا شخصياتنا الحقيقية”.

وتعتقد فلاورز أن البشر فقدوا عقولهم على السوشيال ميديا مستشهدة بعدد الأشخاص الذين تمنوا الموت للرئيس ترامب وما تعكسه التعليقات والمنشورات من أمراض نفسية عبرت عن نفسها في شكل شماتة حادة من ترامب لأنه مصاب الآن بفيروس قاتل، وتعتبر فلاورز هذه الشماتة أمرًا مخيفًا أكثر من الفيروس نفسه.

نرشح لك: شخصيات أنصفتها قوة “السوشيال ميديا”


أما الصدمة فقد كان سببها أنهم ليسوا أشخاصًا استخدموا أسماء مستعارة لإنشاء شخصيات وهمية على الإنترنت لا علاقة لها بشخصياتهم الحقيقية، بل تقصد منشورات وتعليقات لأشخاص قابلتهم في الواقع بالفعل، أو على الأقل كانت تود أن تلتقي بهم في المستقبل.

وتقترب صداقات فلاورز على فيسبوك من حدود 5000 صديقًا، بخلاف المتابعين، وتعتقد أن أصدقاءها يشكلون مزيجًا متوازنًا من الليبراليين والمحافظين، ومن البيض والملونين والذكور والإناث، والمسيحيين والمسلمين واليهود والملحدين، وخريجي الجامعات والمدارس الثانوية، المولودين في أمريكا والمهاجرين، ومن مؤيدي صقور البيت الأبيض ومعارضي ترامب، أي أنهم يمثلون كافة التوجهات والرؤى في طول الولايات المتحدة وعرضها.

واستطردت فلاورز: “أعلم أن وسائل التواصل الاجتماعي ليست هي العالم الحقيقي، تمامًا كما أن كيم كارداشيان ليست أمي وليست أمك. لكننا بدأنا جميعًا في قضاء أجزاء من أيامنا في العالم الافتراضي، وفي حقبة ما بعد الجائحة، يقضي بعضنا معظم ساعات يقظتنا في التواصل مع الصور الرمزية والإبداعات الرقمية والكوميكس والميمز ونتحول إلى ما يمكن أن نطلق عليه اسم “بشر الظل”. لذا فإن الأشياء التي تحدث في تلك البيئة لها تأثير على صحتنا العاطفية، والطريقة التي ننظر بها إلى العالم الحقيقي”.

قد يعترض كثيرون على ما تقوله فلاورز، ولكنها ترد: “البعض يعتقدون أن وسائل التواصل الاجتماعي هي تشويه للعالم الحقيقي، كنت سأتفق مع هذا الطرح قبل أن تصبح وسائل التواصل الاجتماعي هي العالم الحقيقي للعديد من الأشخاص الذين حوصروا في منازلهم أثناء أزمة كورونا، فقد أصبحت الفصول الدراسية افتراضية للعديد من الأطفال، وقال لي أصدقائي إن إداراتهم أبلغتهم بعدم العودة إلى مكاتبهم حتى بداية العام المقبل على الأقل، لذلك تحولت طاولات المطبخ وأجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بهم الآن إلى غرف اجتماعات”.

وشكلت هوليوود جزءً من صدمة فلاورز التي قالت إن عددًا ليس بالقليل من أبرز وجوه هوليوود وأفراد سياسيون يتمنون المرض للرئيس. وأعرب أحد مديري حملة هيلاري كلينتون في الواقع عن رغبته في أن يموت ترامب من الفيروس. كانت هناك محاولات مبتذلة من قبل مقدمي بعض البرامج الإخبارية لإظهار تمنياتهم للرئيس ترامب بالتعافي والشفاء السريع ولكن هؤلاء أنفسهم أخفقوا في إخفاء سخريتهم من إهمال ترامب لارتداء الكمامة.

ويشعر منظمو استطلاعات الرأي الذين يميلون إلى الديمقراطيين بالبهجة من فكرة أن الانتخابات الرئاسية المقبلة قد حسمت. ومن المفارقات، أن جو بايدن هو واحد من الشخصيات العامة القليلة التي أعربت عن تمنيات حقيقية ملؤها الأمل والحظ والتعافي للرئيس وزوجته، حيث قام بتغريد تضامنه من منطلق اللياقة والإنسانية.

وتعتقد فلاورز أنه أمر مخزٍ أن يفتقر الكثير من أنصار جو بايدن للصفات التي عكستها تغريدات مرشحهم، في هذه اللحظة المضطربة.

نرشح لك: الوجه الآخر للسلبيات.. لا تظلموا السوشيال ميديا