ناس ديلي.. دعوة للتعايش أم عمالة لإسرائيل؟

رباب طلعت

حرب ضارية دشنها رواد مواقع التواصل الاجتماعي ضد مؤسس صفحة “ناس دايلي” الشهيرة، نصير ياسين، الذي يسمي نفسه الفلسطيني الإسرائيلي، ويصف نفسه دائمًا بأنه نصف فلسطيني نصف إسرائيلي، وذلك اختيار قدري لا علاقة له به، فهو مسلم يحمل الجواز الإسرائيلي، مثله كاثني مليون فلسطيني، حيث اتهمه البعض بالعمالة لإسرائيل، والتحرك وفقًا لأجندة مرسومة له من حكومتها لتدليس الحقائق حول القضية الفلسطينية بعبارات رمادية، تضر بعقلية الأجيال الصغيرة التي لم تعاصر المجازر الإسرائيلية في فلسطين، إلا أن البعض قرر الدفاع عنه، مؤكدين على أن هدفه “التعايش والسلام” كما يصرح هو نفسه.

الأزمة.. اشتعال الفتيل

احتدت الأزمة في ختام الأسبوع الماضي، حيث دشن البعض صفحات بعناوين مثل “نصير ياسين صهيوني إسرائيلي”، و”احذروا من نصير ياسين”، وغيرها، مع حملات لمقاطعة صفحاته سواء “Nas Daily” الأصلية أو الأحدث منها العربية بالإضافة إلى “Nas weekly”، وصفحات أخرى تابعة لها، وجاء ذلك بسبب رفض الكثيرين لإعلان “ياسين” عن تدريبه 80 صانع محتوى عربي من خلال “أكاديمية ناس” التي أنشأها حديثًا، لأنها تضمّ عدد من الإسرائيليين ضمن طاقم التدريب والإشراف، وأيضًا لأنه يرأسها الاسرائيلي جوناثان بيلي.

نرشح لك: مشاهير لجأوا للشرطة بسبب تجاوزات متابعي مواقع التواصل الاجتماعي

 

صباح الخير ، وانت بتشرب قهوتك او النسكافيه بتاعك او لو لسه بتفوق علي سريرك ، إقري المقال ده عشان تعرف لماذا خُلقت…

Geplaatst door Hamed Eldeeb op Woensdag 12 augustus 2020

نجحت حملات المقاطعة بالفعل، في إرباك نصير ياسين، الذي قرر الرد بفيديو على صفحته العربية، وهو الفيديو الأول والوحيد له باللغة العربية بعنوان “احذر من العربي الفاشل” قال فيه إن الوطن العربي به فقر وإرهاب  وجوع، وهاجم مروجي الشائعات عنه كما وصفهم، بأنه يحب الحكومة الإسرائيلية ومدعوم منها، مؤكدًا أنه هاجمهم من قبل، لكن نجح، و”العربي الفاشل” يريد إفشال غيره بالقيل والقال، محذرًا أي أحد يريد النجاح من الانصياع لهم، مما زاد شدة الاحتقان ضده، وظهر ذلك من تعليقات العرب على هذا الفيديو، ليرد مرة أخرى بمنشور السبت، تقدم فيه بالشكر للمقاطعين بسخرية، حيث أكد أنه خلال ثلاثة أيام فقط زادت الصفحة العربية برقم قياسي، وهو ستون ألف متابع، وكافة الصفحات الأخرى كذلك، مؤكدًا أن المشروع ليس سياسيًا ويهدف لتحسين المجتمع العربي والعالمي، معلقًا: “وسوف ننتصر”، وتابع نشر فيديوهاته بشكل طبيعي.

 

احذروا من العربي الفاشل

احذروا من العربي الفاشل! الكثير من الناس يدعموني. شكرا لكم جميعا على الدعم! لن نتوقف أبدًا حتى نجعل مجتمعنا أفضل.

Geplaatst door ‎Nas Daily العربية‎ op Woensdag 16 september 2020

ما قبل الأزمة.. من هو نصير ياسين؟

بعد 6 سنوات من الفشل بدأ نصير ياسين ابن قرية عرابة في فلسطين، رحلة نجاحه في 2016، بإنشاء صفحة على “فيس بوك”، أسماها “ناس ديلي – Nas daily”، لتقديم فيديو يوميًا مدته دقيقة واحدة فقط، لمدة 1000 يوم، لتوثيق تجارب وثقافات بلدان كثيرة يزورها، حتى وصلت صفحته الأصلية اليوم إلى 17 مليون متابع و500 ألف، وصفحته العربية التي أطلقها حديثًا تجاوزت الثلاثة ملايين متابع و500 ألف.

وعن نفسه قال “ياسين” في تقرير عنه عبر برنامج “جعفر توك”، الذي يقدمه الإعلامي اللبناني جعفر عبدالكريم عبر قناة “DW” الألمانية، إن نجاحه لم يكن سهلًا أبدًا خاصة لشخص مثلة (مسلم، أسمر، عادي، قروي)، إلا أنه قرر تحقيق هذا النجاح، بعدما ترك عمله في البرمجيات، حيث إنه عمل في 4 شركات عالمية، بعد إنهاء دراسته في جامعة هارفرد، المعلوماتية والاقتصاد، وبعد إتمامه تحدي الـ1000 يوم، قرر استمرار الرحلة، التي تحمل شعار “المعايشة.. أيًا كان دينك أو عرقك أو انتمائك يمكنك تغيير العالم بطريقتك”، ولكن ببث فيديو واحد كل أسبوع.

أوضح “ياسين”، أنه قرر تقديم فيديوهاته بالإنجليزية عوضًا عن العربية، نظرًا لأنها والصينية أهم لغتين في العالم لكثرة عدد ناطقيها، الذي يتفوق على عدد الناطقين بالعربية، لأنه يريد أن تصل للعالم بأسره، وبعد ذلك قرر ترجمة المحتوى للناطقين بالعربية.

وعن ما قبل الـ24 من عمره، أي قبل نجاحه وشهرته الواسعة، قال إنه ولد فلسطيني مسلم، لكن والديه قررا منحه الجنسية الإسرائيلية، ما خلق عنده نوع من “الكبت” وعدم القدرة على الإفصاح عن رأيه فكان انطوائي وخجول، إلا أنه قرر الهجرة إلى أمريكا، بالإضافة إلى تقديم محتوى للناس ليعيش من أجلهم.

فيما كشف “نصير” من قبل أنه بعد تخرجه عمل في شركة “باي بال”، ووصل راتبه إلى 120 ألف دولار شهريًا، إلا أنه قرر الاستقالة منها لعمل مشروعه الخاص، وهو “ناس ديلي”، الذي استطاع تأمين 60 ألف دولار كبداية له، لإنتاج فيديوهات عن السفر، وقد حقق عام 2019 هدفه -1000 فيديو كل يوم في دقيقة واحدة- حتى وصل إلى أن أصبح الفيديو الخاص به إلى “show” ثابت على “فيس بوك” بعدما التقى بمؤسس المنصة مارك زوكربيرج، وقرر العيش في سنغافورة، والتقى برئيس وزرائها بسبب شهرته الكبيرة على مستوى العالم في اليوم 1001، أسس شركته، ثم أطلق كتابه “دول العالم بألف دقيقة” عن رحلته حول العالم في اليوم 1200، وفي اليوم 1451 بدأ أكاديمية خاصة باسم “ناس أكاديمي”، لتعليم إنشاء الفيديوهات، وبحسب موقع الرسمي “https://www.nasdaily.com/” فقد وصل اليوم بـ32 عضو في مشروعه إلى 3.2% من سكان العالم -6 بليون- وتفاعل على فيديوهاته حوالي 28 مليون متابع.

فلسطيني أم إسرائيلي؟

إجابة على هذا السؤال، أشار “نصير” في حواره المذكور سالفًا مع جعفر عبد الكريم إلى أنه اختار شعارات التعايش وتقبل الآخر، نظرًا لما عايشه في فلسطين، حيث يكره الإسرائيليين الفلسطينيين، والعكس، فمنذ ولادته يرى حروب في فلسطين، وسوريا وغيرها من الدول، فأصر على إظهار الجانب الآخر “السلام والتعايش”.

وعن سبب إظهاره في بعض الفيديوهات فكرة التعايش بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قال: “الإنسان بيحب الإنسان التاني.. أريد أن أري العالم نسبة الـ95% الجيدة من العالم بعيدًا عن الـ5% السيء الذي تركز عليه الأخبار والسوشيال ميديا”، وعن الانتقادات الموجهة له بخصوص الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأنه لا يُظهر ما يحدث بالفعل بين الفلسطينيين والإسرائيليين من نزاع، أجاب: “لا يصح أن يخبرني شخص من مصر أو الخليج ذلك، لأنني عشت 20 سنة من حياتي بقلب الصراع بين الدولتين”، مضيفًا: “الناس تريدك أن تبين أن اليهود سيئين، وذلك ما يريده الحكام العرب الذين يستغلون أزمة فلسطين لإلهاء شعوبهم”، معلقًا على إظهاره الجانب الجيد من إسرائيل: “كل العالم رمادي ليس أبيض وأسود، فهناك يهود سيئين ويهود طيبين، وكذلك الفلسطينيين، المشكلة أن المشاهد العربي يريد إظهار أن كل اليهود سيئين وذلك ليس صحيح”، وأكد أن المجتمع العربي أيضًا ليس كله “أبيض” بل “رمادي” فهناك الكثير من الأمور السيئة في الوطن العربي.

الجدير بالذكر أنه خلال ظهوره مع جعفر عبدالكريم، قد ظهر على الشاشة تعريفًا له أنه “فلسطيني – إسرائيلي”، فيما ظهر أيضًا في حوار له مع “الفصلة” أثناء زيارته لمصر، بتعريف أنه إسرائيلي، من عرب 48، ويحمل الجواز الإسرائيلي.

 

وقد شرح ذلك قائلًا إن جنسيته إسرائيلية، لكنه فلسطيني، فهو جزئين الأول فلسطيني مسلم والآخر إسرائيلي، وذلك ليس بيده بل إنه قدره، واصفًا ذلك بأنه: “ماتحكتش إني اتولدت إسرائيلي، ومنيح إني اتولدت هناك لأني بقدر أشوف الوجه الفلسطيني والوجه الإسرائيلي، وبقدر أتكلم عربي لأني عربي مسلم”، مضيفًا: “أعتقد أن الطريق للسلام هو أن تضع نفسك محل الآخر.. محل عدوك.. وأنا عدوي وعدوي أنا جزء من الاثنين الأعداء!”، لافتًا إلى صعوبة دخوله إلى مصر، وعدم حصوله على التأشيرة بسهولة نظرًا لجنسيته الإسرائيلية، وذلك يتكرر في العديد من البلدان الممنوع عليه زيارتها مثل دبي وبنغلاديش وباكستان وإيران وغيرها الكثير.

في حوار مختلف مع “مكان” المنصة التابعة للقسم العربي العامل تحت هيئة البث الإسرائيلي، منذ عدة أيام، ظهر على إنه مواطن إسرائيلي، صاحب تجربة ملهمة وناجحة، وقد انقسم الفيديو الذي امتدت مدته إلى 50 دقيقة، بينه وصديقته في سنغافورة، وأسرته في قريتهم بفلسطين.

في الحوار المذكور أجاب “نصير” على سؤال “لم لا يحدد موقفه هو مع فلسطين أم إسرائيل” قائلًا: “لأن فلسطين تفعل أشياء خطأ وكذلك إسرائيل والوقوف مع جانب واحد خطأ لأن الحياة رمادية”، موضحًا: “أنا لا أكترث لقطعة أرض، الإسرائيليون يهمهم ذلك لأنها أرضهم، الفلسطينيون يهمهم الأقصى لأن هذا هو الدين، وما يهمني نفسي، وصديقتي”.

عمالة أم تعايش؟

التهمة الأساسية التي توجه دائمًا لنصير ياسين هي العمالة الإسرائيلية، وإجابته على الدوام أنه التعايش والسلام، فكثيرًا ما يشير في محتوى فيديوهاته ولقائاته، إلى إن كلا الطرفين -إسرائيل وفلسطين- يتنازعان على الأرض، إلا أنه لا يهتم إلا بنفسه، كما أنه ضد الحروب والصراعات، وقد أشار في فيديو سابق له بالانتهاكات الإسرائيلية ضد فلسطين، إلا أن ذلك لا يتكرر كثيرًا، ويكتفي فقط بأنه يكره الحكومة الإسرائيلية، مثل حكومات باقي الدول، نظرًا لأخطائها، إلا أنه لا يكره الشعب، بل دائمًا ما يؤكد على فكرة التعايش بين الطرفين، ويؤكد أيضًا على أنه يجب أن يتوقف الجميع عن كره بعضهم، مقتصدًا في وصفه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على إنه قطعة أرض.

هذه ليست أوقات عادية.من الصعب أن أريكم جمال الشاطئ بينما العالم بأسره يعاني من كوفيد-19 والمظاهرات.هنا أفكاري الصريحة حول هذه القضية وكيف أرتبط بها.أتطلع إلى قراءة تعليقاتكم.

Geplaatst door ‎Nas Daily العربية‎ op Zaterdag 6 juni 2020

اتهامات أخرى.. 

من أكثر الاتهامات التي وجهت لنصير بعيدًا عن عمالته لصالح إسرائيل، كانت بخصوص “ألين” صديقته الإسرائيلية، التي تظهر معه في الكثير من فيديوهاته، ويعيش معها دون زواج، وعنها قال في لقائه مع “مكان” إنهما يعيشان حالة من الحب، منذ عامين ونصف، وعندما اصطحبها إلى قريته لأهله قالوا إنها جيدة كصديقة، لكن كزوجة لا، لأنها مطلقة وأكبر منه وليست مسلمة، مثله، فيما علق والده على رفضهم قائلًا: “لم أرفض البنت نفسها، رفضي لأنني أؤمن أن الإنسان يجب أن يركز في عمله ومستقبله أولًا ثم يتزوج، على العكس كان رفض والدها عقائدي، وديني، لأنهم يهود ونحن مسلمين”.

وإجابة عن الانتقادات الموجهة له عن ظهور صديقته وسفرها معه، وإذا ما كانت زوجته أم صديقته فقط، قال في “جعفر توك” إنه مرتبط بها منذ ثلاث سنوات ولا يعلم هل سيتزوجان أم لا، وتلك حرية شخصية فهو من حقه أن “يصاحب” لمعرفة المرأة التي سيكمل معها حياته، وعن كره البعض له، قال: “المهرج وحده هو من يحبه كل الناس لأنه يضحكهم، لكنه ليس كذلك لأنه يريد تغيير العالم، ولا يوجد قائد يجتمع عليه الناس، فللجميع محبين وكارهين، حتى غاندي أكثر الأشخاص سلامًا قُتل من قبل كارهيه”، مؤكدًا أن الكره يأتي دائمًا لمن يحب أن يغير، مشيرًا إلى أن الهدف من “ناس ديلي” هو أن يكون أنت.