طارق الشناوي: نقابة الممثلين والفضيلة الزائفة

قبل نحو 7 سنوات عندما أصدر النقيب أشرف زكى قراره العنترى بتحجيم وجود الفنان العربى بعمل درامى واحد فى العام، التقينا بعد ساعات قليلة فى التليفزيون المصرى على الهواء فى البرنامج الأشهر «البيت بيتك»، وقلت بالحرف الواحد إن هذا القرار يحمل فى داخله أسباب موته، لأنه ينطوى على رؤية قاصرة تتغافل عن حق الناس فى الاختيار، الذى يعكس بدوره رؤية السوق للنجم الأفضل، فلم يعد أحد قبل التعاقد مع فنان يلقى نظرة على جواز السفر. وقتها كان قطاع وافر من المنتمين إلى النقابة سعداء بالقرار، على اعتبار أنه سيعيد إليهم مجدهم الغابر، وهو بالطبع ما لم ولن يتحقق، ومات القرار فور إصداره.

هذه المرة عندما وصف بيان النقابة عددا من الأعمال الفنية بـ«الوقاحة»، أرضى قطاعا لا بأس به من الممثلين والكتاب والمخرجين، الذين أصبحوا خارج نطاق الخدمة، هؤلاء بطبعهم يشعرون أن مَن أزاحهم عن مقدمة الكادر، هم هؤلاء المارقون الذين يهينون الفضيلة والشرف الفنى بتلك المسلسلات، ولهذا سيجدون فرصتهم فى هذا البيان، الذى سيعيد إليهم مجدهم الغابر، تلك واحدة، أما الثانية فهى أن المناخ فى الأسرة المصرية مهيّأ تماما لهذا القرار بكل ظلاله وأبعاده، ورغم ذلك فإن السبب الكامن هو قراءة متسرعة للسلطة السياسية. البعض يرى السلطة ممثلة فى الرئيس عبد الفتاح السيسى وأنه لديه نظرة متحفظة إلى الفن، وأنه يريد أحكاما أخلاقية مباشرة على الفيلم والمسلسل والأغنية، وهم يريدون أن تصل إليه الرسالة بأنهم «على الخط يا ريس».

النقابة من خلال مجلس إدارتها منحت كل أعداء الفن (وهم كثر) سلاح البطش بأى عمل فنى، تخيلوا أن محاميا يقيم دعوى لمصادرة مسلسل يذهب للمحكمة وهو يتأبط بيان النقابة، ويأتى نقيب الممثلين أشرف زكى، وهو على الجانب الآخر متأبط هذا البيان، يقول المحامى إن بيان النقابة يقول إن هناك بعض الأعمال بها وقاحة، وهو يرى أن هذا المسلسل هو الوقاحة بعينها، بينما يقف على الجانب الآخر أشرف زكى، وهو ويقول إنه بالفعل وصف بعض الأعمال بالوقاحة، لكن هذا المسلسل تحديدا هو من البعض الطيب الكويس الذى يراعى ربنا، ولا تخرج منه أبدا العيبة!

إنه مع الأسف القصور الفكرى الذى عشنا فيه قبل ثورة 25 يناير، عندما كان أشرف يقود النقابة ويسعى كعادته ليقرأ ما تريده السلطة السياسية، ويزايد فى تنفيذ أكثر مما هو مطلوب، وكانت الدولة على المقابل تمنحه الكثير من المناصب، حتى تزداد قبضته على الحياة الفنية، وبالتالى يستطيع أن يضمن ولاء الفنانين للدولة. هل لا نزال نعيش فى ظل نفس تلك الأجواء التى تتيح لمندوب الدولة التحكم فى كل شىء؟ لقد منحت له الدولة وقتها مقابل الولاء العديد من المواقع مثل رئيس قطاع المسرح ومساعد وزير الإعلام لشؤون الدراما، وبالفعل وقف على الجانب الآخر من ثورة 25 يناير، وكان من نجوم ميدان مصطفى محمود الذين رفعوا شعار «آسفين يا ريس»، وبعد نجاح الثورة حاول أن يتقدم مجددا للنقابة فكان التيار الرافض له قويا فتراجع، هذه المرة كانت الفرصة مهيأة أمامه، حيث يعيش الناس فى ظل انكسارات الثورة، وهكذا أطل مرة أخرى على المشهد، وحصد أغلب الأصوات، لأن البعض يرى فيه القادر على تشغيلهم وطرد كل منافسيهم من الفنانين العرب، كما أنه لن يكفّ عن مداعبة السلطة السياسية بتقديم بعض الأفكار التى ترضيها، مثلا بأن تقتصر الأعمال الفنية لمدة عام على تقديم وجه مشرق لمصر فقط لنصدّره للعالم، وهو اقتراح تستطيع أن ترى فيه منطقا ما لإرضاء النظام، لكن أشرف كأستاذ أكاديمى يعلم أنه من المستحيل تنفيذه، لكن لا بأس من نفاق السلطة، لنعيش فى زمن الفضيلة الزائفة.

نقلًا عن جريدة “التحرير”

اقرأ أيضًا:

لهذه الأسباب لم ننبهر بإعلان بيبسي

10 فروق بين “قوتك في عيلتك” و “هنكمل لمتنا”

20 ملاحظة على إعلان بيبسي الجديد

أهداف الأهلي والزمالك التي لم تشاهدها بسبب المسلسلات

5 ملاحظات على أضخم حملة إعلانات لـ”أم حسن”

إسراء النجار تكتب: 9 أسباب لتميز “تحت السيطرة”

 .