طارق الشناوي يكتب: ديانة فايزة كمال

نقلا عن المصري اليوم

في الاجتماع الوحيد الذي حضره يحيى الفخراني للرئيس الأسبق حسني مبارك قبل تنحيه بأربعة أشهر قال له: (يا ريس عايزين نلغي خانة الديانة من الرقم القومي)، فلم يجب، اعتقد الفخراني أنه لم يسمع، كرر السؤال مرتين، فتكرر الصمت مرتين، ووصلت الإجابة للجميع، هذا خط أحمر، وتم تغيير دفة الحوار.

نرشح لك: بسبب صورة ابنها.. جدل حول ديانة فايزة كمال

كثيرا ما أقرأ وأتابع تلك الرغبة، مدركًا قطعًا نبل قائليها، رغم أني أراها أشبه بعناق الشيخ والقسيس. كلما لاح في الأفق شيء ما يعكر الصفو، ألقينا بصورة نرى فيها وحدة الهلال مع الصليب، لتهدئة الخواطر في لحظات عابرة، إلا أنها لا تطفئ أبدا النيران، وكذلك إلغاء خانة الديانة، ستصبح مجرد كلمة محذوفة وسيبحث البعض عنها بكل الطرق الشرعية وغير الشرعية، الطائفية إحساس (يعشش في الرأس قبل الكراس)، لن نواجهها بحذف تلك الخانة، فهي- مثلا- غير متوفرة في جواز السفر، فهل تغير شيء؟!

في الأيام الماضية كثر الحديث عن يوسف ابن الراحلة فايزة كمال والمخرج مراد منير، نشرت له صورة برفقة عمته الفنانة ماجدة منير وهي مسيحية الديانة وبدأ (الفار يلعب في عبهم)، هل فايزة مسيحية أم تزوجت مسيحيا؟ حتى أوضحت الفنانة ماجدة ما اعتبروه لغزا.

هل تفرق معك ديانة فايزة كمال؟ فايزة ممثلة موهوبة، ومن أحلى الوجوه التي عرفتها الشاشة، إنجازها الفني لم يتوافق مع موهبتها لأسباب متعددة ليس الآن مجال الحديث عنها، أحبت فايزة، المخرج المسرحي مراد منير وأحبها، وفضلته على كثيرين من الأثرياء الذين طلبوها للزواج، فأشهر إسلامه وتزوجها.

أغلب أسمائنا تشي مباشرة بالديانة، وإذا لم تجد ذلك واضحا في الاسم الأول أو الثاني قد تعثر عليه في الرابع، وإذا كان ما يؤرقك هو حصولك على تلك الإجابة ستبدأ في تقصي الحقيقة، وقد تكتشف الناس الديانة عند الرحيل، مثلما حدث مع الفنان الكوميدي إبراهيم نصر، صلوا على جثمانة بالكنيسة، فاكتشفوا أن من كان في حقبة التسعينيات يسعد قلوبهم في رمضان بالكاميرا الخفية ورددوا له (يا نجاتي انفخ البلالين) و(كشكشها ما تعرضهاش) و(نذيع ولا مانذعش)، وغيرها واقتنوا له في بيوتهم دمية (زكية زكريا)، اكتشفوا أنه مسيحي، وبدأ البعض يسأل: هل تجوز عليه الرحمة والدعوة بدخول الجنة؟.

ما يسكن في الرأس وليس ما هو مدونًا في الأوراق الرسمية، متى نلغيها من عقولنا، وما الذي تعنيه لك في تعاملك مع الآخرين؟ المأساة تبدأ من البيت، ثم المدرسة، فهما يحددان لنا بوصلة المستقبل، هل أنت مشغول بمعرفة ديانة رامي مالك الحاصل على (الأوسكار) ورامي يوسف الحاصل على (الجولدن جلوب) أم يكفي شعورك بالفرح أن مصريين حتى لو كانا بالجذور فقط حققا لنا هذا الإنجاز التاريخي؟!

لم يجب مبارك عن رغبة الفخراني ولم يلغ من الرقم القومي خانة الديانة، حتى لو كان قد فعلها، فما هي الجدوى، إذا كانت الخانة لا تزال مشتعلة في رأسك!!