هل يدخل إبراهيم نصر الجنة؟

نقلًا عن المصري اليوم
طارق الشناوي

كان نداء (تمثال شكوكو بازازة) الذي عرفته مصر في الأربعينيات هو الأشهر لتعلق الناس بنجمهم المحبوب.. بعد نحو نصف قرن، عرفت مصر والعالم العربي في التسعينيات دمية (زكية زكريا) لتصبح هي الشخصية الأشهر في الشارع، صار هو الأيقونة التي يضعها الناس في بيوتهم ليعتدل مزاجهم ويقبلون على الحياة.

نرشح لك – شاهد مقلب إبراهيم نصر.. زكية زكريا ضيف ثقيل على المائدة

كان إبراهيم هو عنوان بهجة وضحكة رمضان، صار مثل المسحراتي وصحن الطرشي وسطل العرقسوس، ومع إطلالته في برنامج ( الكاميرا الخفية) تجمعت حوله الأسرة المصرية. صحيح كان يناله أحيانا اتهامات بالفبركة، إلا أنه ظل في صدارة المشهد، كانت مصر كلها في التسعينيات على موعد مع إبراهيم نصر، تحولت (الإفيهات) التي يرددها إلى (تريند) قبل عصر اختراع (التريند)، (كشكشها ما تعرضهاش) و(يا نجاتي انفخ البلالين)، و(لما أقولك بخ تبخ).. وغيرها. واكب إبراهيم عشرات من برامج (الكاميرا الخفية)، ولكن ظل زكية زكريا هو الأصل، والباقي مضروب.

عرفت إبراهيم في بداياته، وكان دائما أنيقا في ملابسه مترفعا معتزا بكرامته، قبل نحو عامين كان يقلب في أوراقه، فوجدت اتصالا تليفونيا منه وهو يسمعني إشادتي به في فيلم (شمس الزناتي)، فلقد كان حريصا على حفظه في أرشيفه، تناولت في المقال الممثل الموهوب إبراهيم نصر، فأنا أراه ممثلا كبيرا يجيد التقاط التفاصيل، صاحب (كاريزما)، وهو ما كتبته عنه مجددا في فيلمه (إكس لارج) للمخرج شريف عرفة، قلت بالحرف الواحد (ويبقى هذا الفنان الكبير الذي سرق مشاعرنا في مشاهده القليلة، كان اختيارا ذكيا من المخرج شريف عرفة، لأن إبراهيم في هذا الدور لا بديل له، لقد شاور على الممثل الموهوب داخل هذا الفنان الذي أبكانا وأضحكنا بهذا الأداء البسيط والهامس).

هل أصبح النجاح هو العائق ضد استكمال إبراهيم المشوار؟.. أتصور أن هذا هو بالضبط ما حدث، كان من المنتظر مثلا بعد (إكس لارج) أن تتعدد أعماله، ولكننا نكتشف أنه شارك بعدها في فيلم واحد فقط (الكهف)، وسوف يعرض له هذا العام آخر أفلامه (صاحب المقام) إخراج ماندو العدل. حصيلة قطعا ضئيلة جدا لا تتناسب مع عمق واتساع موهبته مترامية الأطراف.

أتذكر في مطلع الألفية الثالثة رشحه الكاتب والمخرج داوود عبد السيد لأداء دور (المخبر) في فيلمه الرائع (مواطن ومخبر وحرامي)، ولكن حدثت معوقات، فأسند بعدها داوود الدور إلى صلاح عبد الله ونال عنه صلاح جائزة مهرجان (قرطاج ) السينمائي كأفضل ممثل.

هل سألنا عن ديانة إبراهيم نصر؟ لا أحد في حياته، اهتم بالتفتيش في رقمه القومي، وغالبا كانوا يعتقدون أنه مسلم.. بعد الرحيل وأمام دعوات المغفرة والرحمة والجنة التي ملأت (السوشيال ميديا) والتي نالها من الملايين، تابعنا البعض وهم يتعجبون هل يدخل الجنة مسيحي وهل تجوز الرحمة لمسيحي؟ نعم، وجنة ربنا تتسع للجميع من كل الأديان والأجناس، كل من أتى الله بقلب سليم له الجنة، وإبراهيم نصر هو أطيب قلب وله الجنة!!