محمد فوزي يكتب: عبد الله السعيد.. الموهوب – البراجماتي – البارد (3)

الحلقة الثالثة: البارد

محمد فوزي
“المحلل الرياضي محمد فوزي”

ترتبط كلمة البارد في الثقافة الشعبية المصرية بالشخص متبلد الإحساس عديم المشاعر ولكن لدى جمهور كرة القدم يبدو الأمر مختلفاً تماماً؛ فاللاعب البارد هو المتمتع بهدوء الأعصاب والثبات الانفعالي والإجادة تحت الضغط، والتصرف بحكمة في المواقف الصعبة وكلها صفات حميدة يتمتع بها من وجهة نظري عبد الله السعيد.

نرشح لك: محمد فوزي يكتب: عبد الله السعيد.. الموهوب – البراجماتي – البارد (2)

طوال مشوار عبد الله السعيد الكروي لا نتذكر له مشاهد انفعال شديدة سواء في حالات الحزن أو الفرح داخل الملعب أو خارجه وحتى احتفاله بتسجيل الأهداف عادة ما يكون بسيطاً ومعتاداً يكتفي فيه برفع اليد أو شكر الله مبتعداً عن إيصال أي رسائل أخرى مثلما يفعل غيره من اللاعبين.

واجه عبد الله السعيد عدة أزمات في مسيرته الكروية ووقع تحت ضغوط جماهيرية هائلة ولكنه بقي دائماً هادئاً يدير مشاكله بعقله بعيداً عن عواطفه وهو ما أوصله لمكانته الحالية في عالم كرة القدم المصرية.

نرشح لك: محمد فوزي يكتب: عبد الله السعيد.. الموهوب – البراجماتي – البارد (1)

هاجمته جماهير الإسماعيلي بشدة عن معرفتها بقرب انتقاله للأهلي وأصبح غير قادر على السير في شوارع المدينة الهادئة فلم يهتز أو ينفعل أو يتراجع عن قراره وفي نفس الوقت لم يهاجم جماهير الإسماعيلي الغاضبة أو يتملق جماهير الأهلي التي تنتظر انضمامه.

وعندما سجل بقميص الأهلي في مرمى الإسماعيلي فريقه السابق احتفل بمنتهى الهدوء برفع يده لأعلى فلم نشاهد حالات التشنج أو البكاء او المبالغة في إظهار التأثر وعدم الاحتفال التي يقدمها لنا لاعبون آخرين في نفس المواقف.

وفي ظل أزمته مع مجلس إدارة الأهلي عندما رفض تجديد التعاقد مطالباً بزيادة القيمة المادية هاجمته إدارة النادي بشدة ووصل الأمر لإصدارها بيان شديد اللهجة اتهموا فيه عبد الله السعيد بعدم احترام جماهير الأهلي لتلتقط الجماهير الطعم وتهاجم السعيد علانية في المدرجات.

وكالعادة لم يهتز السعيد بل صمم على موقفه وكان له ما أراد بالحصول على أكثر مما كان يطلبه سواء من السيد تركي آل الشيخ أو من إدارة الأهلي قبل أن تقرر نفس الإدارة ضرورة رحيله عن الفريق وطوال هذه الأزمة لم يخرج علينا عبد الله السعيد بتصريح صحفي أوتليفزيوني واحد – بارد بارد مفيش كلام – بل ظل صامتاً يعبر عن وجهة نظره بتصرفاته وليس بتصريحاته.

حتى في الصور المنتشرة لعبد الله السعيد مع أمير مرتضى منصور وإسماعيل يوسف عند توقيعه لنادي الزمالك نجده مبتسماً بهدوء شديد ودون أي انفعال على الرغم من إدراكه أن انتقاله للزمالك سيحدث ضجة هائلة ولكن هذا لا يخيفه ولا يسبب له أي توتر.

وبعد تصميم إدارة الأهلي على رحيله لم ينفعل عبد الله السعيد ولم يستعطف الجماهير أو يهاجم الإدارة، وإنما رحل في هدوء للدوري الفنلندي ومنه للدوري السعودي، وحتى عند عودته مرة أخرى عاد هادئاً ليرتدي شارة القيادة لفريق بيراميدز أمام فريقه السابق بعد ساعات من وصوله لمصر، وكل هذا يفعله بتلقائية وكأنه تصرف معتاد يفعله كل يوم .

وحتى طريقة إحرازه لهدفه الأخير في مرمى الأهلي نشاهد خلالها هدوء شديد في توقيف الكرة داخل منطقة الجزاء ثم التسديد بقوة وليس بعصبية ثم احتفال هادئ برفع اليد نحو السماء.

المرة الوحيدة التي أتذكرها لعبد الله السعيد منفعلاً بشدة وسعيداً للغاية بعد إحرازه لهدف كانت بعد هدفه في مرمى غانا في تصفيات كأس العالم 2018 لأن هذا الهدف كان يعني اقتراب منتخب مصر بنسبة 90% من التواجد في المونديال الروسي وهو ما تحقق بالفعل.

وفي النهاية عزيزي القارئ عشنا معاً على مدى ثلاث حلقات مع اللاعب عبد الله السعيد لنصل في النهاية لحقيقة واحدة أن لاعب كرة القدم يتكون من جانبين لا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض (المهارة – الشخصية).

شاهد: أبرز أهداف محمد صلاح في 2018