سور الأزبكية.. بين مافيا تزوير الكتب ومحاولة إفشال معرض الكتاب

إسلام وهبان

أثار اعتذار تجار سور الأزبكية، عن المشاركة في اليوبيل الذهبي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب -الذي سينطلق في 23 يناير المقبل، ويستمر حتى 5 فبراير 2019-، جدلًا واسعًا في الأوساط الثقافية، خاصة بعد إعلان عدد من تجار الكتب القديمة عن نيتهم تدشين معرض للكتاب بالسور في فترة إجازة منتصف العام، بعد ما وصفوه بتحفز الهيئة العامة للكتاب واتحاد الناشرين المصريين ضدهم، وعدم الموافقة على مشاركة عدد كبير منهم باليوبيل الذهبي.

لا شك أن سور الأزبكية أحد المناطق التي لها تاريخ طويل في إثراء الحياة الثقافية بالكتب التراثية والنادرة، لكن الملاحظ خلال السنوات الأخيرة أنه تحول لبؤرة لتزوير الكتب خاصة الجديدة، والتي تؤثر بشكل كبير على صناعة الكتب في مصر، مما دفع الهيئة العامة للكتاب بوضع ضوابط لمشاركة تجار سور الأزبكية، فيما كان قرار التجار عدم المشاركة وفق هذه الضوابط والدعوة لمعرض للكتاب داخل سور الأزبكية بالعتبة.

نرشح لك: هل سيُقام معرض موازِ للكتاب بسور الأزبكية؟ التجار يجيبون‎

من جانبه يرى رئيس اتحاد الناشرين المصريين، سعيد عبده، أن معرض القاهرة الدولي للكتاب هو معرض للناشرين وليس للموزعين أو تجار الكتب، بحسب القانون الذي تم تفعيله هذا العام، مضيفًا أن سور الأزبكية للأسف أصبح منبعًا للكتب المزورة، ويقدم صورة سيئة عن مصر بعدما أصبحت من أكثر الدول في العالم التي يتم بها عمليات تزوير للكتب.

نرشح لك: العدد الأول لـ”الثقافة الجديدة” في 2019 بشكل جديد

أوضح “عبده” أنه عرض عليهم أن تكون لهم شعبة باتحاد الناشرين المصريين، وأن يكون لهم العديد من المزايا بشرط وقف عمليات التزوير، ولكنه لم يجد منهم نية لذلك، مشيرًا إلى أنه وافق على توفير أماكن لأكثر من 30 مكان لبيع الكتب التراثية تحت مظلة الاتحاد، إلا أنهم رفضوا ذلك ويرغبون في مشاركة 108 تاجرًا، ثم أعلنوا اعتذارهم عن المشاركة.

أضّاف أن دعوة بعض التجار لعمل معرض موازي ليس لها قيمة أو تأثير على معرض الكتاب، فالمكتبات لا تغلق في معرض الكتاب ولا يؤثر ذلك على معرض الكتاب، مؤكدًا أن القارئ سيجد تخفيضات كبيرة باليوبيل الذهبي وستكون دورة مميزة.

في سياق متصل يرى الكاتب أحمد مدحت سليم، مدير النشر بدار نهضة مصر، أحد أعرق المؤسسات في مجال النشر، أن سور الأزبكية له تاريخ مميز في سوق الكتب خاصة الكتب النادرة والقديمة، والطبيعي أن عدم مشاركتهم قد يؤثر في عدد الزوار الباحثين على هذا النوع من الكتب، لكن يجب التفرقة بين تجار الكتب القديمة ومافيا تزوير الكتب، الذي يؤثر بل ويدمر صناعة النشر، مشيرًا إلى أن فكرة عمل معرض في نفس توقيت معرض الكتاب لن يكون له تأثير كبير على معرض بضخامة “القاهرة للكتاب”، مؤكدًا أن نهضة مصر لديها تجهيزات وخصومات كعادتها كل عام وستكون بشكل أكبر هذا العام من خلال الباقات المخفضة.

الكثير من تجار سور الأزبكية أصبح لديهم خبرة بدور النشر وأسماء الكتاب التي يقبل عليها القراء بشكل كبير، مما جعلهم يقومون بتزوير عدد هائل من الكتب فور صدورها وحتى قبل رواجها بالسوق، وهذا يؤثر بشكل كبير على الناشرين، بحسب رأي سيد شعبان مدير النشر بدار تشكيل، والذي يعتبر مزوري الكتب بسور الأزبكية خطر على الصناعة كلها وليس على معرض الكتاب فقط، مضيفًا أن هناك حملة في الوقت الراهن على معرض القاهرة الدولي للكتاب، تحاول تصدير فكرة أن المعرض سيكون للأغنياء فقط أو لسكان التجمع وما حولها، وأن الطبقات المتوسطة والفقيرة لم يعد لديها سوى سور الأزبكية، وهو ما يعتبره مفهوم غير صحيح، فالمعرض لكل مصر بمختلف الطبقات والمحافظات، وهناك جهود كبيرة لتوفير المواصلات والإمكانيات والخصومات للتسهيل على الزوار وجذبهم للمكان الجديد.

حسام حسين صاحب دار نون للنشر، يرى أن سور الأزبكية فقد مضمونه بعدما أصبح وقرًا لتزوير الكتب، وأنه أضر مصلحة الناشرين بمصر والوطن العربي كله، معتبرا دعوتهم إقامة معرض موازي لمعرض الكتاب هو تحد للدولة وقوانينها ويجب الرد على ذلك بكل حسم، مضيفا أن المعرض يحفظ لمصر صورتها الثقافية بالعالم، مضيفا أن الجيل الجديد بسور الأزبكية أساء لمكانة السور التاريخية.

وحول تأثير عدم مشاركة سور الأزبكية باليوبيل الذهبي لمعرض الكتاب على عدد الزوار، يرى موسى علي، أحد المسئولين بإدارة التوزيع بالدار المصرية اللبنانية، أنه لن يكون له تأثير كبير على الزوار، لأن الكتاب كأي سلعة “له زبونه”، مشيرًا إلى الأعداد الكبيرة التي كانت تسجل في الدورات السابقة لم تكن تصب جميعًا في خانة المبيعات، لكن هذا العام سيكون مختلف، فلن يأتي إلى المعرض سوى الراغبين في شراء الكتب، والمهتمين بالفعاليات الثقافية، لافتًا إلى أن هذه الدورة ستكون استثنائية ويجب دعمها من كافة الجهات.

على صعيد آخر أكد الناشر محمد السحار، صاحب دار “زيرو وان”، وحفيد الكاتب الكبير عبد الحميد جودة السحار مؤسس مكتبة مصر، أن فكرة وجود معارض موازية لمعرض الكتاب أصبحت قائمة بشكل واضح، مضيفًا أنه يجب على القائمين على معرض القاهرة الدولي للكتاب دعم الناشرين المشاركين بالمعرض، وتقديم تسهيلات عديدة لجذب الزوار.

هذه الآراء تؤكد أن هناك استعدادات كبيرة لدى دور النشر لهذه الدورة، وأن عدم مشاركة تجار سور الأزبكية لن يؤثر بشكل كبير على اليوبيل الذهبي، بل سينعكس بشكل إيجابي على صورة مصر وتقديم معرض للكتاب بشكل احترافي ومميز أكثر.

شاهد: أبرز الأحداث التي شغلت الوسط الثقافي خلال عام 2018