حكايات غرام فريد الأطرش

طارق الشناوي

نقلًا عن المصري اليوم

يبدو لي كأن فريد الأطرش ولد لكي يعيش السعادة واللوعة في الحب بالنيابة عن معشر الرجال، فهو يحيل بهجة الفرح وآهة الجرح إلى أنغام.

تستطيع أن ترصد تضاريس خريطة فريد العاطفية – الذي نحتفل بذكراه اليوم – من خلال أغانيه، كانت أيضًا حالته المزاجية تدفعه ليضفي على معنى الأغنية ملمحًا مغايرًا تبعًا لذلك. ففي ذروة حبه وهيامه في النصف الثاني من الأربعينيات لسامية جمال يلحن كلمات الشاعر مأمون الشناوي (حبيب العمر)، والتي كانت في عمقها تتغنى بالوطن (فتحت عينيه من صغري / على حبك وكان أملي).. فهي إذًا مصر، ولكن فريد من فرط عشقه لسامية صارت هي مصر، إلا أنه عندما اختلف مع سامية جمال ولم يرضِ أن يتزوج من راقصة، وتذكر أنه الأمير ابن الأمير وباح بمشاعره لمأمون الشناوي فكتب (أنا كنت فاكرك ملاك / أتاري حبك هلاك).

بعد أعوام قليلة، تتوجه بوصلة قلبه إلى شادية، فهو أبدًا لا يتسكع في الطرقات، اقتربا في الأشهر الأخيرة التي شهدت انفصالها عن عماد حمدي، وكانا جارين في نفس العمارة التي يملكها فريد، ولا تزال تحمل اسمه حتى الآن والتي خسرها بسبب القمار، فلم يكن فريد يتناول الخمور ولا يدخن السجائر، إلا أنه كان مدمنًا لعب الورق، كانت شادية وعماد بين الحين والآخر يقضيان السهرة في بيت فريد، وهذا ما أتاح لها أن تتعرف على نقطة ضعفه، والحقيقة أن المجتمع المصري في تلك السنوات كان يتسامح مع هذا الضعف، على شرط ألا يصبح إدمانًا.

نرشح لك: أيام الحزن والسعادة.. قصة الحب الأول في حياة زبيدة ثروت

وشاركت شادية، فريد بطولة فيلمي (ودعت حبك) و(وأنت حبيبي).. الفيلمان ليوسف شاهين، الثاني تحديدًا هو الأكثر نجاحاً، وبأكثر من دويتو غنائي جمع بينهما، (يا سلام على حبي وحبك) و(زينة)، وزاد لهيب الحب، فكان لابد أن يقدما على الخطوة الثانية ويذهبا للمأذون، إلا أن اقتراب شادية أكثر من فريد أشعرها أن تلك الحياة المفتوحة على مصراعيها لا تتوافق مع استقرار الحياة الزوجية، فهي من الممكن أن تقضي معه وقتًا في زيارة خاطفة، ولكن الإقامة الدائمة تحتاج إلى تركيبة إنسانية أخرى، وسافر فريد للخارج بسبب متاعب في القلب، وعاد فاكتشف ان شادية تزوجت.. وهكذا وكالعادة سارع مجددًا بالاتصال بصديقه مأمون الشناوي فكتب له رائعته (حكاية غرامي)، التي صارت واحدة من الأعمدة الغنائية الخمسة في مشوار فريد الغنائي، الأربعة الأخرى: (الربيع) و(أول همسة) و(حبيب العمر) و(نجوم الليل).. وكلها لمأمون الشناوي، الذي استهل الكلمات (حكاية غرامي حكاية طويلة/ بدايتها ذكرى الليالي الجميلة/ وحرماني منها ما بين يوم وليلة).

وينهي الحكاية (أنا وأنت كنا قُبل/ دبلت شفايفها/ يا دنيا عندي أمل/ نرجع ونقطفها/ ما تفرقيش فى قلوب بتحب/ ولا تحرميش حبيبين من الحب).

عندما ابتعد فريد عن مصر 6 سنوات وصارت إقامته دائمة في بيروت وقرر العودة عام، 1970 كتب له مأمون (سنة وسنتين سنة سنتين/ وانت يا قلبي تقول انا فين/ يا مصر يا أم الدنيا/ وبحب عشانها الدنيا).

وبعد رحيل الرئيس جمال عبد الناصر بأيام قليلة، ردد أيضًا بشعر مأمون الشناوي (زعيمنا يا ناصر/ يا أعز الحبايب/ بطل وإنت حاضر/ بطل وإنت غايب).. وعلاقة ناصر بفريد بدأت في منتصف الخمسينيات عندما طلب منه أن يذهب بالنيابة عنه لحضور العرض الأول لفيلمه (عهد الهوى) لاستقبال ضيوفه، لأن الأطباء منعوه من الحركة، وهذه تستحق مساحة أخرى!!.

شاهد: نجوم مصر في معرض النحاتّة مي عبد الله