محمد غنيمة يكتب: ممنوع الاقتراب أو التصوير

قد تجد ما أكتبه غربيًا، حينما أقول بأن أحد أهم أهداف صناعة التكنولوجيات في العالم  هو الهدف العسكري؛ في السطور القادمة سوف أقوم بإطلالة سريعة على بدايات العصر التكنولوجي الذي أتخيله منذ أن صنع “الأخوان رايت” أول طائرة شراعية، بعد أن كانت  فكرة الطيران مجرد أساطير، لعل أشهرها الأسطورة اليونانية “ديدالوس وولده أيكاروس”،  وبعد أن فشلت مساعي الكثيرين للتحليق في الفضاء، ولعل عباس بن فرناس أول من دُون في التاريخ بممارسة صناعة الأجنحة ومحاولة الطيران، ولا أطلق القول هنا بشكل صريح بأن الأخوان رايت كان هدفهما عسكري، ولكن دعني أقول أن نجاح تجاربهما في الطيران دفعت أمريكا لأن تنظر إلى هذا الأمر بشكل مختلف، فقد أمدتهما بكاميرا فوتوغرافية لتصوير المنطقة التي حلقوا بها وبالتدرج السريع أصبح التصوير أحد ثوابت الطيران.
 
 
وبنجاح فكرة الطائرة، بدأت شركات الطيران الأمريكية في الظهور ومنها ما زالت قائمة حتى وقتنا الحالي ومن أشهرها ” كوريتس رايت” و”بوينج” وغيرهما وظهرت شركات أخرى في فرنسا وبريطانيا، ومن هنا ظهرت اهمية الطيران في التصوير الجوي للمناطق المعادية للدول وتعاظمت أهميتها أثناء الحرب العالمية الأولى، وبدأت طائرات التجسس في الظهور وتطور الأمر إلى طائرات استطلاع وما خفي كان أعظم… ولما كانت هذه الطائرات تمد دولها بالصور الجوية بالغة الأهمية؛ الأمر الذي دعى الجنرال الألماني “فيرنر فون فريتش” أن يقول بأن الدول التي تمتلك استطلاعا جويا أفضل سوف تكسب الحرب القادمة.
 
 
 
كان لفكرة التصوير الجوي دعما كبيرا وتفوقا للولايات المتحدة مما جعلها تمتلك اليد العليا على العالم في ذلك الوقت حتى أفاقت في يوم 24 اكتوبر عام 1957، بصعود أول قمر صناعي من إنتاج الاتحاد السوفيتي السابق باسم “سبوتنيك” وكان هدفه الأساسي هو بحث إمكانية صعود الإنسان على الفضاء إلى جانب إثبات تفوق الاتحاد السوفيتي في هذا المجال الوليد ردا على استفزازت الولايات المتحدة لها، وقبل أن تفيق الولايات المتحدة الأمريكية من صدمتها السابقة إذا بالاتحاد السوفيتي يرسل قمرا صناعيا آخر على متنه أول كائن حي يصعد للفضاء “الكلبة لايكا”، وبهذا أدركت الولايات المتحدة أنها أصبحت في مهب الريح حيث أنها لم تكن تمتلك تلك التكنولوجيا بعد.
 
سارعت الولايات المتحدة بالبحث عن هذه التكنولوجيا إلى أن وصلت إلى “براون” ذلك الضابط الالماني الذي كان قائمًا على تطوير صواريخ مضادة للطيران التي استطاعت أن ترهق الجيش الأمريكي سابقًا بشكل واضح وكبدت أمريكا خسائر جمة؛ منذ هذا الحين وعلمت الولايات المتحدة أن براون هذا هو خلاصها وسر تقدمها القادم فاستخدمته للتطوير الصاروخ f2 الذي حمل أول قمر أمريكي يدعى إكسبلور وفي أول أكتوبر 1958، تم إنشاء الهيئة القومية للطيران والفضاء “NASA ناسا” ليكون أول نواة بها.
 
وتطورت الأقمار الصناعية ليصبح منها ما يعرف بأقمار التجسس أو الأقمار الاستخباراتية التي تم الأعتماد عليها بشكل كامل في حروب الخليج الأولى والثانية ولعل أشهر أقمار التجسس في العالم هي أقمار افق الخاصة بالكيان الصهيوني.
كل ما أبغي قوله من هذه الأطلالة هو التأكيد على أنه رغم تغير وتطور التكنولوجيات لكن يبقى الهدف العسكري هو الأهم وإذا كانت الصورة الجوية المصورة من الطائرات والفضائية من الأقمار الصناعية تستخدم للنظام العسكري أو لإفادة مالكي هذه التكنولوجيات، فدعوني الآن أطرح أمامكم سؤالا، هناك أقمار صناعية عبارة عن منظومة متكاملة تعمل على تصوير الكرة الأرضية بشكل يومي تسمي أقمار GPS انت كفرد تستطيع الاعتماد عليها بشكل كامل ويومي بأي طريقة بالموبايل أو غيره، وإذا كانت هذه التكنولوجيات متاحة لك الآن فما هو المخفي منها؟! وإذا كان العالم وصل لهذه المرحلة من التقدم أين نحن منها ونحن ما زالنا نضع لافتة” ممنوع التصوير”؟!

نقدم لك| الحلقة الثالثة من الخلاصة.. حزب أعداء حمو بيكا