مروى جوهر تكتب: هذا الرجل أحبه (5).. "أبي الحبيب"

“أبى الحبيب”..

أعلم بالفطرة أنني أحبك ولا شك في هذا، لكننى الآن ادرك مدى عمق هذا الحب ومعناه، كم المعاناة التي عانيتها فى تربيتنا، تحمل صعاب الدنيا من أجلنا دون شكوى، الكفاح في أصعب المواقف وأضيقها عليك دون أن تخبرنا، والأهم من ذلك كله أنك ربيتنا رجالاً يعتمد عليهم، نعم.. لأبي رؤية نادرة في التربية وخاصة للبنت، دائماً ينصح من حوله بأن حال الدنيا لا يدوم، وأن البنت لابد أن تكون على أتم الاستعداد لمواجهة أي تغيير يطرأ على حياتها، هكذا نشأت، علمتني الكثير يا أبي عن الدنيا وعن الأشياء والأشخاص، علمتني الكثير عن الوجع وعن كتمانه، عن الصداقة وتقديسها، عن القراءة ومتعتها، علمتني كيف أتعامل مع أقسى الظروف وأحلكها سواد، علمتنى أن أنظر إلى السماء دوماً وأسأل الكريم من فيضه، لأن الغني عنده مفاتيح خزائن الدنيا والآخرة، علمتني أن اليأس خيانة وأنه “لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون”.

نرشح لك.. مروى جوهر تشاهد 4 مسلسلات في رمضان 2018

تمر سنة وراء سنة دون أن نشعر بأهمية من حولنا، نكبر لكن لا نُدرك أهمية الوقت إلا بعد مروره، أهمية وجود الأهل، أهمية الصحة في الحياة، أهمية النعم المُسَلم بها إلى أن نفقدها، الآن أدرك الكثير مما سبق، أو هكذا أعتقد، أتعرف من جديد على الحقيقة في كتاب الله “لقد خلقنا الإنسان في كبد”، طالما رددها “أبي” كلما شكيت له حال الدنيا، رأيت الآية تتجسد أمامى فى مولود ضعيف يأتى إلى الدنيا، يعانى ويتعب ويتألم بعد أن كان مُستقراً فى رحم أمه دون عناء، لكن هكذا حال الدنيا ” لا توجد بها ثوابت”، الأصل نطفة لا تعلم شئ، ثم تمر هذه النطفة بمراحل الخلق التى كتبها الله علينا إلى أن نصبح نحن، نتحمل الكثير من الآلام في مراحل نمونا المُختلفة، لكننا ولحكمة إلهية لا نتذكرها عندما نكبر، ويظل الإنسان يعاني ويتعب في الحياة في كل مراحلها، كُلما إنتهى من مرحلة ظن أنها نهاية التعب، فيصطدم بالأصعب ثم الأصعب، إلى أن يصل إلى ما بدأ عليه من ضعف، هكذا هي رحلتنا، ضعف ثم قوة ثم ضعف.

تعرفت معك يا أبي على كل هذه المراحل، لم أملك إلا إحترام كل مرحلة، فنحن لا نملك من أمرنا شيئاً كما علمتنى، فى حبك أرى الدنيا مطمئنة وإن لم تكن كذلك، وفى رحلتنا سوياً وبعد أن كبرت يا أبي وتبادلنا الأدوار، رأيت تعبك وصبرك يتجسد أمامي فلم أقدر أن أتحمل منه إلا القليل، وأتساءل كيف فعلت هذا، كيف واجهت الكثير من صعاب الدنيا، كيف تحملت المسئولية مُبتسماً، مُتوكلاً على الله في يقين ورضا.

نرشح لك – مروى جوهر تكتب: هذا الرجل أحبه (4).. فتحي عبد الوهاب

تحية من قلبى لك يا أبي، وتحية لكل أب أعطى الكثير من الحب، الكثير من التضحيات لكى يجعلنا نحن كما نحن عليه الآن.