الصحفي الروبوت.. هل أصبحت مهنة الصحفي مهددة بالانقراض؟

حسام عبد القادر

في ورشة عن “استشراف الإعلام العربي” حضرتها منذ عدة أشهر في دبي، لفت نظري تنبيه الدكتور محمد شومان وتحذيره لنا كصحفيين من “الصحفي الروبوت ” وقال ضاحكا: “نهاية الصحفي قريبة فاحذروا”.

نرشح لك: مواعيد المباريات الودية لمنتخب مصر قبل كأس العالم

لم أنس هذه الكلمات، وتأملت كلمات د. شومان، وقلت أطمئن نفسي “إن الصحافة مهنة إبداع، فكيف يمكن لإنسان آلي أن يبدع ويكتب بدلا من الصحفي”.

صحيح أن التكنولوجيا لها تأثير قوي وسريع على الصحافة وغيرت ملامح الصحافة بالكامل، لكن هل يصل التأثير والتغير للصحفي نفسه، وهل يمكن أن تستغنى المؤسسات الصحفية عن الصحفي وتصبح مهنة منقرضة؟!.

أكتشفت أن كل هذا ممكن مع الأسف، ومع ما اقرأه من تداعيات هائلة ومخيفة من التطور التكنولوجي، الذي لم أعد شخصيا ملاحقا عليه، وفوجئت أن هناك صحف في أميركا لديها روبوت بالفعل، والأهم أن روبوت الواشنطن بوست حرر العام الماضى 850 مقالا.

وتخيلت الوضع إذا دخلت مؤسستي الصحفية ووجدت صالة التحرير مليئة بالروبوتات الزملاء الذين يساعدون ويكتبون بهمة القصص الصحفية، فماذا سيكون موقفي من هؤلاء الزملاء الجدد وقتها؟

وإذا كان الوضع لي أخف قليلا من الزملاء الأصغر سنا، فأنا متبقي لي أكثر قليلا من عقد من الزمن وأخرج للمعاش، ولكن قلبي على زملائي الذين سيواجهون تحدي الروبوتات في المرحلة القادمة.

والبداية كانت من عام 2017، حيث تم نشر العديد من الأخبار عن الروبوت الصحفي، وهو ما أثار قلقا في الأوساط الصحفية عن المهنة، وذكرت المصادر وقتها أن الروبوت بإمكانه كتابة 300 كلمة في الثانية الواحدة، مما قد يهدد وظائف الصحفيين في المستقبل القريب.

نرشح لك: نورا مجدي تكتب: أنا أحب حسني مبارك!

واستخدمت وكالة أسوشيتد برس الأميركية أيضا الذكاء الاصطناعي لتغطية خسائرها، فى حين استخدمت صحيفة USA Today خاصية الفيديو المتطورة لإنشاء مقاطع مصورة قصيرة دون تدخل بشري.

كما كشفت أسوشيتد برس العام الماضي أن معدل الأخطاء تراجع حتى مع زيادة حجم الإنتاج أكثر من عشرة أضعاف.

ويجب أن نعترف أن الصحفي الروبوت لن يشعر بالتعب، لن يطالب بعلاوات، لن يطالب بالتعيين، لن يقوم بمظاهرات أو إضرابات، لن يطلب أجازة وضع، وطبعا يستطيع العمل 24 ساعة، وفي النهاية ليس له طلبات.

وتعللت وسائل الإعلام أسباب اعتمادها على تقنية الذكاء الاصطناعي في مكاتب التحرير الخاصة بها، بأنها تستهدف تفرغ الصحفيين لأداء مهمات صحفية ذات القيمة العالية، بالإضافة لتوفير الوقت.

وهي رسالة توجهها بوضوح المؤسسات الصحفية للمحررين أن من لن يطور نفسه سيموت، والروبوت أكثر إنتاجا وأكثر دقة منكم، لا نريد منكم الأخبار، فها هو زميلكم الروبوت سيتكفل بهذه المهمة.

وقرأت أيضا أن جوجل تحضر لمشروع ضخم سوف ينتهي خلال 2018 لإنتاج 30 ألف قصة صحفية شهريا باستخدام الذكاء الاصطناعي، من خلال تطوير معالج صحفي إلكتروني يجمع البيانات والمعلومات ويحللها، وتستثمر جوجل في هذا المشروع 800 مليون دولار، وهو ما نشرته “النيوزليتر” التي يعدها الزميل الصحفي خالد برماوي.

المفاجأة، أن هذا المشروع الضخم، يضم 5 صحفيين فقط لتعريف المبرمج على قاعدة البيانات.

نرشح لك: بعدما تسبب في تعيينه.. كيف حاول “عبد الوهاب” رفد “الشناوي” من روزاليوسف؟

أي أن مشروعا صحفيا استثماراته 800 مليار دولار سيعمل فيه 5 صحفيين، وسيعملون لدى الروبوتات، يساعدونها ويمدون الروبوت بمصادر البيانات المفتوحة الرسمية.

وسيفعل فيس بوك ما هو أخطر من ذلك، حيث سيكلف الروبوت بجمع كل ما تم نشره ويحلل المعلومات وينتج خلال بضع دقائق من الحادث خبرا صحفيا موثقا بالصور والفيديو وأكثر دقة، كل هذا خلال دقائق، كل هذا سيتم قبل أن ترسل الصحف محرريها لتغطية الحادث، من سينتبه وقتها للصحف.

إن مهمة الصحفي في القريب العاجل لن تقتصر على التغطية فقط، بل سيكون عليه بذل جهد أكبر يليق بالمهنة، ولن تتحمل المؤسسات تكلفة أنصاف المواهب، ستفرغ الصحفيين لمهمات ذات القيمة العالية، والنصيحة الموجهة بدقة “من لن يطور نفسه طبقا لقواعد السوق لن يبقى.. والصحف إذا لم تطور نفسها لن تبقى”.

والصحف وهى تعيد هيكلة نفسها لن تتحمل عبء وتكلفة هؤلاء الذين يقفون فى الظل والذين ستكون الروبوتات قادرة على أداء مهامهم، فهيكل المهنة سيكون الصحفيون ذوو القيمة العالية بمرتبات ضخمة.

أما الروبوتات فستحل محل متوسطى الموهبة أو الموهوبين ممن لم يطوروا أنفسهم.، أما محدودى الموهبة فربما يكونون هم الأدوات المساعدة للروبوتات، هذا لن يحدث بين عشية وضحاها ولكن الروبوت يدق ناقوس الخطر.