أسود لامع بطريقة غادرة.. للموت أشكال أخرى

محمد حسن

من حصادي كقارئ وزائر لمعرض الكتاب في دورته الأخيرة، اخترت عمدًا قراءة المجموعة القصصية “أسود لامع بطريقة غادرة”، جذبني إليها الاسم الطويل، والغامض نوعّا ما، واللامع أيضًا، للكاتب حسام مصطفى إبراهيم، مؤسس ورئيس تحرير موقع “اكتب صح”، والذي صدرت له من قبل تسعة إصدارت متنوعة في مجملها، كان آخرها “لدي الكثير جدًا لأقوله لك”.

فيما يلي تسجيل لانطباعاتي بعد قراءة المجموعة القصصية:

– المجموعة القصصية تتألف من خمس عشرة قصة قصيرة –إن لم تكن أقل– مطبوعة في عدد صفحاتٍ أقل من المائة، تناولت الخيبات والهزائم والموت بأسلوب أدبي ممتع، ولغةٍ أكثر إمتاعًا.

– قصتان من المجموعة يمكن أن نطلق على كلٍ منهما “قصة قصيرة جدا”، فالأطول فيهما ثلاثة عشر سطرا! وقد يكون هذا سبب الانطباع أن عدد القصص أقل من خمسة عشر، فقراءة كل منهما لا تستغرق الدقيقة.

-خلال القراءة، لا مفر من أن يستحضر القارئ فيلمي “على جثتي”، و”الكرنك”، من خلال قصتي: ” الحصة الأولى” و” الحب الأول”، وللدقة لأحد مشاهد فيلم الكرنك الشهيرة، ولكن بمشاهدةٍ أشد تأثيرًا من الفيلم والمشهد، وإن جاز التعبير، بمعالجةٍ أوقع لفكرتيهما الأساسية.

نرشح لك – الكتب الأكثر مبيعًا في7 مكتبات خلال فبراير 2018

– تنقلك سبع قصص من المجموعة مباشرة إلى أجواء الموت، بكل جلاله وهيبته، بدرجاتٍ متفاوتة، تتناول كل قصةٍ الموت بمفهومٍ مختلف، وبإسقاطاتٍ تعبر عن ضغوط وصراعات الحياة، بنهايةٍ واحدةٍ حقيقية هي الموت، رغم اختلاف صوره وأشكاله في هذه القصص، فيرى القارئ الموت في الاستسلام بعد المقاومة مرة، وفي الغدر في مرة أخرى، ويرى نفسه وهو يتجاهل هذه الحقيقة الوحيدة في حياتنا، بل وهو يهرب من مواجهتها تارة، وتارة أخرى وهو ينتظرها، ويرى نفسه خلالها وقد اهتم بأشياءٍ مهما كبرت بدت تافهة وضئيلة، إذا ما وضعها إلى جنبٍ مع الموت، واستحضره، كما استحضرته هذه القصص.

– تحاكي بقية القصص –التي لا تتخذ الموت فكرة أساسية– خيبات وهموم وأحمال الحياة، أجملها قصة “قمر مريض يضيء مساحة على الشبرين”، والتي يمكن أن نطلق عليها اسم “الميت الحي” تأثرا بأجواء قصص “هازم اللذات”، والحالة المزاجية التي أنشأتها هذه القصص.

نرشح لك – لدينا الكثير جدًا لنقوله عن كتاب حسام مصطفى إبراهيم

– كان من الممكن أن تكون قصة “مريم” الأجمل بلا منافس بين قصص المجموعة –وهي القصة التي اختار منها الكاتب الفقرة المطبوعة على غلاف الكتاب- ولكن الوصف الدقيق للمعالم الأثرية في القاهرة الفاطمية نال من بعض جمالها، لأنه يخرج القارئ من جو القصة الرومانسي الممتع، وكأنه شرد عن شرح مرشد سياحي يشرح أثرا في نفس الوقت الذي يريد فيه أن يمتع عينيه بجمال هذا الأثر.

– غلاف المجموعة القصصية يستحوذ على أغلبه اللون الأسود، يدير في الغلاف شخص ظهره للقارئ، وهو ينظر إلى أنغام الموسيقى، بالشكل الذي  تكتب به الألحان على النوتة الموسيقية، وهو معبر عن الجو العام لمجموعة القصص.

– رغم عدد الصفحات القليل، إلا أن القارئ قد يشعر أنه استغرق وقتا طويلا في القراءة، فهي مركزة وممتلئة بالأحداث على قصرها، وتأخذك في أجواءها بـ “طريقة خاطفة”.