فوضى إعلامية.. "الحدث اليوم" و"LTC" و"العاصمة" نموذجًا

أحمد حسين صوان

حالة من الاضطراب تُسيطر على المشهد الإعلامي في الأعوام الأخيرة، صاحبها خروج قنوات بإمكانياتٍ ضعيفة، تضم عددًا كبيرًا من الشخصيات التي تخوض المجال التليفزيوني لأول مرة، يحاولون جذب المُشاهد من خلال الظهور أحيانًا بشكلٍ غريب لا يتماشى مع طبيعة العمل، أو إطلاق تصريحات شاذة تُخالف المهنية والموضوعية.

وسط الكيانات الإعلامية الكبرى الموجودة حاليًا، تواجه تلك القنوات مخاطر الانسحاب عن المشهد تمامًا، إلا أنها تحاول جاهدة التواجد بينهم بأية وسيلة متاحة، رغم المشاكل المُحيطة بها بداية من سياسات الإدارة وضعف الإمكانيات وقلة الموارد وغياب نجوم مُقدمي البرامج.

يتناول إعلام دوت أورج في هذا التقرير أبرز المشاكل المشتركة التي تتعرض لها تلك القنوات، من خلال رصد آليات العمل داخل قناة “العاصمة” -قبل انتقال ملكيتها لشركة “هوم ميديا”- و”الحدث اليوم” و”LTC”، وهم كالآتي:

1- غياب نجم الـ”توك شو”

صارت برامج الـ”توك شو” تفرض نفسها على الساحة الإعلامية، منذ ثورة 25 يناير، فلم تخلُ خريطة قناة تليفزيونية من هذا البرنامج الذي يستقطب قطاعًا كبيرًا من الجمهور، لاسيما في ظل وجود شخصيات إعلامية تحظى بنسبة متابعة، وقادرة على تحقيق انفرادات وتزويد المُشاهد بالمعلومة.

القنوات الثلاث السالف ذكرهم، غير قادرين منذ انطلاقهم على استقطاب إعلامي كبير يُقدم برنامج “توك شو”، وربما يكون ذلك رغبة في اتباع سياسة “التقشف”، أو افتقاد القدرة على التعاقد مع مُذيع يحصل على راتب مالي ضخم.

محمد الغيطي الذي نال قدرًا من الشهرة بعد تصريحه باعتقال قائد الأسطول السادس الأمريكي، انتقل من قناة “التحرير” إلى “LTC” ببرنامجه “صح النوم”، ليكون صاحب الـ”توك شو” الرئيسي للقناة. وعلى مدار الثلاثة أعوام الأخيرة  يحافظ “الغيطي” على مستواه الذي عرفه الجمهور، حيث إنه لم يُحقق انفرادات هامة أو يصنع حلقات ناجحة، كما أن البرنامج لم يدخل دائرة المنافسة مع البرامج الأخرى، وقال في إحدى الحلقات: “أنا بجتهد علشان أتشاف لكن في إطارٍ مهني”.

https://www.youtube.com/watch?v=ZW8JpFp563U

في شهر يوليو الماضي، انتقل المُذيع سيد علي إلى قناة “الحدث اليوم” ليقدم برنامج “حضرة المواطن” الذي كان يُقدمه على “العاصمة”، وبذلك يكون هو مُقدم برنامج الـ”توك شو” الرئيسي للقناة، وخلال تلك الفترة لم يخرج بحلقة واحدة حققت متابعة من قِبل المُشاهدين، حيث إن نسب مُشاهدة البرنامج على موقع “يوتيوب” لم تتجاوز المئات.

كان سعيد حساسين يظهر على شاشات التليفزيون في بداية الأمر كإخصائي في طب الأعشاب، حتى أطلق قناة “العاصمة” عام 2015، ليُقدم من خلالها برنامج الـ”توك شو” الرئيسي للقناة تحت عنوان “انفراد”، ليتحوّل بعدها من إخصائي في طب الأعشاب إلى مُقدم برنامج يتناول ويُحلل أبرز الأحداث التي تشهدها الساحة المصرية، كما أن اسم برنامجه لم يُساهم في تحقيق انفرادات حتى الآن.

https://www.youtube.com/watch?v=chdsmSd6chc

2- انتقال حر  

انتقال مُقدمي البرامج بين القنوات الثلاث، هو أحد العناصر المُشتركة بينهم أيضًا، فقد يجد المُذيع نفسه داخل مثلث أطرافه “العاصمة” و”الحدث اليوم” و”LTC”، يتنقل بينهم من حينٍ لآخر، فسرعان ما يُفاجئ المُشاهد بإطلالة مُذيع من شاشة إلى أخرى في وقت قصير.

بعدما ابتعدت رانيا محمود ياسين عن مجال التمثيل واقتحامها المجال الإعلامي مؤخرًا، انتقلت بين القنوات الثلاث في عامين تقريبًا، حيث كانت تُقدم “صباح العاصمة” على قناة “العاصمة”، لتنتقل بعدها إلى “الحدث اليوم” لتُقدم برنامج يحمل نفس الاسم، ثم إلى قناة “LTC” لتُقدم “وماذا بعد؟”، لتعود مُجددًا إلى “العاصمة” بـ”مساء العاصمة”.

شيماء جمال المعروفة إعلاميًا بـ”مذيعة الهيروين”، والتي بات اسمها يتردد مؤخرًا بعد واقعتها الشهيرة على الهواء، كانت تُقدم برنامج “المشاغبة” على قناة “الحدث اليوم” وبعد مرور بضعة شهور انتقلت بنفس اسم وفورمات برنامجها إلى “LTC”، ثم تغادرها بعد أزمة حلقة “الهيروين”؛ لتعود مُجددًا إلى “الحدث اليوم” ولا زالت تواصل تقديم مشاهد تمثيلية للقضايا المختلفة مثل تجارة السلاح والمخدرات.

وتستمر عملية الانتقالات، بظهور محمد موسى مُقدم برنامج “خط أحمر” على قناة “العاصمة” بعدما كان يظهر لمدة عام تقريبًا على “الحدث اليوم”، وكذلك ميار الببلاوي التي كانت تُقدم “جراب حواء” على “LTC”، لتنتقل بعدها إلى “العاصمة” بـ”حلاوة الدنيا”.

https://www.youtube.com/watch?v=2RKJ3cnJgrY

كما انتقل سيد علي من قناة “العاصمة” ببرنامجه “حضرة المواطن”، إلى “الحدث اليوم” في شهر يوليو الماضي، بالإضافة إلى محسن داود الذي غادر “LTC” لينتقل ببرنامجه “حق عرب” إلى قناة “الحدث اليوم”، في أكتوبر الماضي، كذلك انتقال محمود عبد الحليم، ببرنامج “الشارع المصري”، من “الحدث اليوم” إلى “العاصمة”.

3- دعاية

إطلاق حملات إعلانية من حينٍ لآخر، يُعد شيئًا أساسيًا للقنوات الناجحة، للإعلان عن الخريطة البرامجية والأعمال الجديدة الخاصة بها، واستقطاب أكبر عدد من الجمهور، لاسيما في ظل التطور التكنولوجي واعتماد قطاع كبير على مواقع التواصل الاجتماعي.

العنصر المُشترك بين “العاصمة” -قبل انتقال ملكيتها لشركة “هوم ميديا”- و”الحدث اليوم” و”LTC” هو غياب الدعاية لبرامجها، حيث يُفاجئ المُشاهد بإطلاق برنامج جديد دون سابق إنذار، في غيابٍ تام للدعاية على شبكة الإنترنت والحملات الإعلانية في الشوارع.

قد ينتبه المُشاهد بوجود برنامج ما على إحدى تلك القنوات، عندما يظهر مُقدم البرنامج  بشكلٍ عير مألوف أو يطلق تصريحًا شاذًا يُحقق تداولًا على شبكة الإنترنت، ويُعد الإعلان عن البرنامج في هذه الحالة، يتم بدعاية سلبية وبجهود فردية.

4- مؤشر المشاهدة

تظل نسبة المشاهدة هي العامل الأهم في كثير من القنوات، وتُعد مقياسًا لنجاح المُذيع والقناة بشكلٍ عام من عدمه، حيث إن الانتشار بين الناس يُساهم في زيادة نسبة الإعلانات، ما يعود في شكل أرباح مادية للقناة.

تفتقد القنوات الثلاث السالف ذكرهم، نسب المُشاهدة العالية، وذلك يُقاس من خلال مدى تفاعل الجمهور مع المحتوى المعروض على “السوشيال ميديا” والإعلانات، فضلا عن حجم تناول الصحف والمواقع لأخبار وبرامج تلك القنوات، فنادرًا ما نجد مقطع فيديو يُحقق انتشارًا على شبكة الإنترنت، ويكون ذلك في حال ظهور المُذيع بشكل مختلف، أو أطلق تصريحًا شاذًا.

نسب المُشاهدة لبرامج تلك القنوات على موقع الفيديوهات “يوتيوب” لا تتجاوز المئات، وعدد قليل من المقاطع التي تحتوى على تصريحات شاذة أو قضايا جنسية تصل مشاهداتها إلى الآلاف.

المواد الحصرية التليفزيونية التي تكمن في برنامج أو مُسلسل أو تغطية لمُناسبة خاصة تلقى اهتمامًا من قِبل الجمهور، تغيب عن تلك القنوات الثلاث، إذ أنها لا توفر مادة جذابة للمشاهد تعمل على استقطابه.

5- مخالفات

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برئاسة الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد، ونقابة الإعلاميين، منذ تفعيل دورهما، عدد من القرارات الخاصة بوقف أو لفت انتباه إعلاميين لفترة ما بسبب مخالفة معايير الأداء الإعلامي، وكان النصيب الأكبر من هذه القرارات لمُقدمي برامج القنوات الثلاث.

صدر قرار بوقف أحمد عبدون مُقدم “عم يتساءلون” على “LTC”، بعد استضافته صاحب فتوى “معاشرة الرجل لزوجته المتوفاة”، فضلًا عن قرار بوقف برنامج “صح النوم” لـ”الغيطي” وإنذار بسحب ترخيص القناة، بسبب توجيهه اتهامات بالفساد للمسئولين دون سند قانوني.

كما صدر قرار بوقف شيماء جمال المعروفة بـ”مذيعة الهيروين” لمدة شهرين، بسبب استنشاقها مادة على الهواء تُشبه مُخدر “الهيروين”،  وقرار بوقف سعيد حساسين مُقدم برنامج “انفراد” على قناة “العاصمة” لمدة شهر وإنذار بسحب ترخيص القناة، بسبب توجيه ضيوف إحدى الحلقات اتهامات للشعب السعودي.

6- جودة الصورة

في ظل اتجاه بعض القنوات مؤخرًا، لتحسين جودة الصورة التليفزيونية الخاصة بها، وتحويلها إلى تقنية “HD”، لا تزال قناتي “الحدث اليوم” و”LTC”، يظهران بصورة مُنخفضة الجودة، بالإضافة إلى غياب الاهتمام بالإضاءة داخل الاستديو، والذي يكون لها دورًا بالغًا في ظهور مُقدم البرنامج بشكلٍ جيد.

التقارير التليفزيونية الخاصة بالقنوات الثلاث، تفتقد للاحترافية، سواء في الصوت أو الصورة، حيث يتسبب الصوت في إزعاج المشاهد، كما أن اهتزاز الصور في معظم التقارير  يجعل المُتلقي غير قادر على التركيز.

7- سوشيال ميديا

تعتمد المؤسسات الإعلامية بشكلٍ كبير على مواقع التواصل الاجتماعي للوصول إلى الجمهور والتفاعل معهم طول الوقت، لذلك تهتم كل وسيلة تليفزيونية بصفحاتها على “السوشيال ميديا” من خلال فريق عمل مُتابع جيد للأحداث وقادر على النهوض بها واتباع أساليب التسويق كافة.

الصفحات الخاصة بالقنوات الثلاث على “السوشيال ميديا” تُعاني من مشاكل عديدة، أبرزها غياب التفاعل، وعدم تغطية الأحداث الجارية، وعدم تطبيق الأساليب الجديدة في الوصول للجمهور، إذ أن تلك الصفحات خارج إطار المُنافسة مع صفحات القنوات الأخرى.

القائمون على إدارة صفحات قناة “الحدث اليوم” يكتفون بالتنبيه عن بدء برنامج ما، وإعادة نشر فيديوهات البرامج من خلال موقع “يوتيوب”، ونقل بعض الأخبار الجارية في شكل خبري جاف دون اللجوء لتصميم صور جذابة، مما ساهم ذلك في غيابٍ تام للتفاعل، والشأن ذاته مع الصفحة الخاصة بالقناة على “تويتر” التي يُتابعها 150 شخصًا فقط، ولم تشهد تغريدة جديدة منذ شهر أبريل الماضي.

الحدث اليوم

فيما يغيب التفاعل أيضًا عن صفحات قناة “LTC”، حيث إنها تتبع نفس السياسات القائمة في إدارة صفحات “الحدث اليوم”، من خلال التنبيه عن  بدء برنامج ما، وإعادة نشر فيديوهات البرامج، كما أن الصفحة على “تويتر” التي يتابعها أقل من 600 شخصًا، لم تشهد تفاعلًا إطلاقًا.

برنامج لقمة عيش LTC

إلى حدٍ ما، تشهد صفحات “العاصمة” تفاعلًا عن قناتي “الحدث اليوم” و”إلـ تي سي”، رغم عدم وجود شيء مميز عنهما، حيث تقوم بإعادة نشر فيديوهات البرامج من خلال “يوتيوب”، دون اتباع الأساليب الجديدة التي تشهدها “السوشيال ميديا” طول الوقت، أو عدم الرغبة في معرفة ما يبحث عنه الجمهور، كما أن صفحة القناة على “تويتر” والتي يتابعها نحو 1530 شخصًا تقريبًا، لم تشهد تفاعلًا.

حلاوة الدنيا قناة العاصمة