الشهيد عمرو صلاح وغيبوبة الإعلام!!

نقلًا عن جريدة “المصري اليوم

من كان يشاهد القنوات التليفزيونية المصرية، أمس الأول، سوف يعتقد أننا نعيش فى (كوكب تاني).

كانت القنوات كلها تقريبا مشغولة بفرح سمية الخشاب، وبمطاردة الجن الذين أعلن عنهم رئيس نادى الزمالك باعتبارهم مسؤولين عن هزائمه المتعددة.

كل يغنى على ليلاه هذه حقيقة، وتلك هى شريعة الحياة، ولكن عندما يتعرض الوطن إلى نزيف دماء لرجال الشرطة البواسل تخرس كل الألسنة، لتصبح لدينا جميعا (ليلى) واحدة، إنها مصر المحروسة، نتابعها جميعا بقلوبنا قبل عيوننا وآذاننا.

ما حدث قبل 36 ساعة فى (الميديا) يدفعنا لكى نعيد النظر فى حقيقة الرجل الخفى الذى يحرك منظومة الإعلام برمتها، من هو وما هى كفاءاته، ولماذا يثقون فى قدراته المشكوك فيها أصلا إلى هذا الحد؟.

لا شك أن قانون الأوانى المستطرقة الذى تراه يُمسك بكل المنظومة وأعنى به توحيد سقف الانتقاد فى كل القنوات، يؤكد أن (الأخ الكبير) يتابع بعين متنمرة كل شىء، وأنهم جميعا ينتظرون إشارته، فهو الذى يملك توجيه ضوء أخضر أو أحمر، وهو الذى يحدد أيضا الجرعة المطلوبة.

كلنا نُدرك أن كل تفصيلة لا تتم الآن بعيدا عن موافقة الجهات العليا، فما بالكم بخبر مثل استشهاد هذا العدد من قيادات الشرطة، لا شك أن الذى قرر التعتيم فضائيا على نشر الخبر هو الرجل الغامض، فهو الذى يُمسك بعرائس (الماريونيت)، الخيوط فى البداية كانت دقيقة جدا وأصابعه لا نراها، الخيوط الآن تحولت إلى أحبال غليظة، ويده تتحرك عينى عينك وبكل غشومية، لم تستطع القنوات التليفزيونية المصرية ذكر أى تفاصيل، عن واقعة الاستشهاد، اكتفت بالقول بأن هناك عددا من الشهداء بين رجال الشرطة، بينما قنوات مثل (العربية ) و(الحدث) وغيرهما تنشر العدد بالضبط بدأت بـ14 ثم 16 وارتفع الرقم إلى 30 شهيدا، كل ذلك والإعلام المصرى عاجز عن ذكر الخبر، ناهيك عن المتابعة.

هناك حالة من التعطش للمعلومة يلعب فى تأججها زيادة درجة التكتم، لأنها تخلق على الفور تربة صالحة لسريان الشائعات، ممكن أن أفهم مثلا فنانا يتكتم خبر علاقة أو زواج ويبدأ الشارع فى خلق الحكايات، ولكن مع الوطن فما هو الدافع للتمويه ولصالح من؟ آلاف من النوافذ المفتوحة تتيح لك معرفة الحقيقة وقت حدوثها، سقطت كل الحواجز الممكنة، التى كانت تلعب فى الماضى دروا فى التضليل.

عندما تغيب الوثيقة لا نستطيع أن نمنع الناس من استكمال الخطوط الناقصة من عندهم، كل منا يضع الرتوش التى تروق له، ولكن تبقى حقيقة أظن أنه لا خلاف عليها، وهى أن المنظومة الإعلامية برمتها الآن تحتاج إلى رؤية أخرى، تملك إدراكا لما يجرى على أرض الواقع، رؤية تثق تماما أن الجمهور لم يعد ينتظر أن تمنحه الخبر، فى التوقيت الذى تراه أنت ملائما وأنه ناضج بما فيه الكفاية.

لا أشك لحظة واحدة أن رجالنا البواسل من (القوات الخاصة) الذين شاهدنا على الشاشة بطولتهم فى فيلم (الخلية) وشارك معهم النقيب الشهيد عمرو صلاح، بعد أن ألحقت بهم دواعش على الشريط السينمائى هزيمة فى البداية، إلا أنهم انتصروا فى النهاية، سوف نرى هؤلاء الرجال مجددا فى معركة ثأرية تتجسد على أرض الواقع وتوثقها الشاشة، نهديها إلى روح عمرو وإلى كل شهداء الوطن، (الخلية) ستهزم الهزيمة!!.