مسلسلات منقرضة (1).. البرادعي ورشدي والذي منه

مؤمن المحمدي

لما بدأ اسم البرادعي يتردد في الأجواء قبل 2011، فيه أجيال بدأت تردد، أو تكتب على “فيسبوك” و”تويتر” جملة: “أنا البرادعي يا حسني”. بس فيه أجيال مكنتش فاهمة الجملة دي يعني إيه بـ الظبط.

السياسة خدتنا فـ أحداثها، ومحدش من جيل العواجيز، جيلي واللي قبله، قال لـ الجيل الجديد، اللي قرب دلوقتي يدخل دايرة العواجيز، هو إيه حكاية الجملة دي، ثم الجملة اتنست حتى في السياسة، ثم البرادعي نفسه قرب يتنسي، ثم جت أجيال بـ النسبة لها 25 يناير بقت ذكرى بعيدة، وكمان كام سنة، هـ ييجي جيل، نحكي له عنها، فـ يسمعنا بـ الظبط زي ما آباءنا كانوا بـ يحكوا لنا عن 18 و19 يناير، أو 52 أو الثورة العرابية ذاتها.

يالا، حكم الزمن.

إنما إيه حكاية البرادعي دي؟

سنة 82، التلفزيون المصري عرض مسلسل اسمه “وتوالت الأحداث عاصفة”، وقتها مكنش شرط المسلسلات تيجي فـ رمضان، كان التلفزيون بـ يعرض مسلسل جديد كل يوم الساعة سبعة وربع، على القناة الأولى، ومسلسل تاني على القناة التانية الساعة ستة، بس دايما مسلسل القناة الأولى كان بـ يبقى الأحلى والأشهر.

كانت المسلسلات كبيرها 15 حلقة، فيه مسلسل ممكن يبقى عشرة أو حداشر، ولما كان مسلسل 17 حلقة كان بـ يبقى حدث.

مدة الحلقة عادة نص ساعة، ومن غير إعلانات، والتتر بـ ييجي كامل، ومفيش إعلانات حتى بين التتر وبداية المسلسل، فـ كانت مصر كلها بـ تقعد تتابع المسلسل اليتيم، وتاني يوم الموظفات، والموظفين والله، يقعدوا في الشغل يحكوا لـ بعض المسلسل، اللي كلهم شافوه بـ الليل إمبارح.

مسلسل “وتوالت الأحداث عاصفة” كان تأليف إبراهيم مسعود، وإخراج حسام الدين مصطفى، اللي عمل حاجة مش مألوفة وقتها، وهي إنه يعمل دراما فيها إثارة وأكشن وجو بوليسي، ودا مكنش معتاد أياميها، كان العادي إن المسلسل يبقى اجتماعي أو صعيدي، وفيه جو صعبانيات ومظلوميات، والبطل اللي الدنيا بـ تشيل فيه وتهبد، لـ حد ما ينتصر فـ الآخر، وأحيانا يروحوا لـ الكوميديا، بس كان ليها أوقاتها، والأغلب كان رمضان جو مناسب ليها.

المسلسل كان بـ يدور حوالين ظابط اسمه رشدي، بـ يطارد مجرم عتيد الإجرام، اسمه البرادعي، الظابط كان عبد الله غيث، أما البرادعي، فـ مكناش نعرف هو مين، كان البرادعي بـ يتصل بـ رشدي تليفونيا، أيام التليفون الأرضي، ويقول له: “أنا البرادعي يا رشدي”. والله الواحد كل ما يفتكر يموت من الضحك، ويتكسف من نفسه، الجملة دي كانت بـ تكهربنا، وتحبس أنفاسنا، ونحس كـ إننا بـ نتفرج مثلا على فيلم “سبيد”.

بـ أحاول أفتكر إيه في الجملة دي يخلينا نحس بـ كدا، مش فاكر، واحد اسمه البرادعي، بـ يتصل بـ واحد اسمه رشدي، يقول له: أنا البرادعي يا رشدي. يا سلاااام. طب أنا مؤمن يا أسامة، أنا حسين يا فتحي، أنا إبراهيم يا سعاد.

المكالمات دي كانت بـ تبقى صوت، وحسام الدين مصطفى استعان بـ صبري عبد المنعم، اللي مالوش دور في المسلسل، وصوت صبري مميز، فـ كان فيه جدل إذا كان البرادعي في الآخر هـ يطلع هو صبري عبد المنعم ولا لأ.

كل حلقة أو حلقتين، كان رشدي يقبض ع البرادعي، بعدين نكتشف إن دا مش البرادعي الحقيقي، وكل واحد كان بـ يطول عن اللي قبله، وأكتر واحد اتلخبطنا فيه كان أحمد توفيق، اللي كان واخد دور واحد اسمه “عبد الستار”، وكان السؤال: عبد الستار هو البرادعي ولا لأ؟

قبل نهاية الأحداث بـ يومين، خالي جه من الخليج، وكانت مراته قاعدة مع أمي، وجه المسلسل، فـ مرات خالي قالت لـ أمي: إيه دا؟ دا مسلسل البرادعي.

إنت تعرفيه؟

طبعا، دا اتعرض عندنا من زمان، والبرادعي هـ يطلع حسن مصطفى صديق رشدي الصدوق، وجاره، وأبو ليلى علوي، اللي مش فاكر دورها كان إيه، وأطيب واحد في المسلسل.

أمي وإخواتي اتغاظوا جدا من مرات خالي اللي حرقت لهم المسلسل، وتاني يوم مصر كلها طلع لها قرايب فـ الخليج، وكل الناس عرفوا النهاية، لـ درجة إن جرنان الجمهورية كتب الحكاية دي في اليوم اللي اتعرضت فيه الحلقة الأخيرة.

ومع ذلك، وسبحان الله، اتفاجئنا برضه، لما عرفنا إنه حسن مصطفى هو البرادعي.

السؤال دلوقتي:

لما استعرنا الجملة دي قبل 25 يناير

ازاي ما خدناش بالنا

إن رشدي هو الظابط الشريف

والبرادعي هو المجرم عتيد الإجرام؟

ازاي؟