أيمن عبد الرحمن يكتب: ماسبيرو المفترى عليه دائمًا

نقلًا عن “جريدة المقال”

منذ ثورة يناير والحديث عن هذا المبنى العتيق المسمى ماسبيرو لا ينقطع، تقريبًا هو أكثر مكان مكروه فى مصر، الكل يهتك عرضه وعرض من يعملون فيه ليل نهار، ويتبرؤون منه وكأنه ابن للخطيئة.

وبعد طول انتظار صدرت القوانين المنظمة للإعلام، وأعلن إنشاء الهيئة الوطنية للإعلام بديلًا عن اتحاد الإذاعة والتليفزيون.

أعتقدت أن هناك أملًا، أو نورًا فى نهاية النفق لتصحيح أوضاع ماسبيرو، ولكن حتى كتابة هذا المقال لم يحدث جديد سوى غزوة الدور التاسع ومعركة المكاتب.

وطلب منى أن أكون إنسانًا إيجابيًّا وبدلًا من أن ألعن الظلام أن أضىء شمعة، وأكتب عن تصورى لمشكلات المبنى والحلول.

بداية حسب القانون فإن الهيئة الوطنية للإعلام تتمتع بالاستقلال فى ممارسة مهامها واختصاصاتها ولا يجوز التدخل فى شؤونها.

وهذا يطرح لدى تساؤل لا أعرف له إجابة: هل طبقًا لهذا النص ستغل يد المجلس الأعلى من التدخل فى شؤون الهيئة أم لا؟ أتمنى أن تكون نهاية التدخل هى معركة مكاتب الدور التاسع وسيارات الوزارة فقط لا غير.. «قضا أخف من قضا».

والسؤال الثانى: هل سيتم التعامل مع ماسبيرو على أنه مؤسسة تهدف إلى التربح أم تقدم إعلامًا للخدمة العامة أم ستمزج بين الصنفين؟ لا أعلم حتى الآن!

وحتى تصدر اللوائح المنظمة والتى من المفترض أن الهيئة الجديدة تعمل عليها دعونا نفكر فى ما طرح من أزمات فى ماسبيرو.

بداية أول أزمة كثر الحديث عنها هى عدد العاملين.

ماسبيرو كان جزءًا من وزارة الإعلام وليس كل الوزارة، ويحوى تحديدًا على ما يأتى فقط لا غير: قطاع الإذاعة، قطاع التليفزيون، قطاع الإقليميات، قطاع المتخصصة أو قنوات النيل كما يسمى الآن، قطاع الأخبار، قطاع الإنتاج، قطاع الهندسة الإذاعية، قطاع الأمن، قطاع الأمانة العامة، القطاع الاقتصادى، بالإضاقة إلى مجلة الإذاعة والتليفزيون، وقطاع الرئاسة التابع لرئيس الاتحاد.

أما مثلًا شركة صوت القاهرة فهى شركة يملكها ماسبيرو، ولكن تخضع لقانون الشركات ولها ميزانية وهيكل مستقل.

لذا عند الحديث عن العاملين فى ماسبيرو فلا يجوز الخلط بين الاتحاد وشركة صوت القاهرة أو حتى مدينة الإنتاج الإعلامى أو شركة سى إن آى أو النيل سات، فهم ليسوا جزءًا من الاتحاد حتى لو كان الاتحاد شريكًا فى رأس المال أو الأسهم.

عدد العاملين فى ماسبيرو طبقًا لآخر إحصاء منذ عام 2014 كان 34 ألف موظف فى الاثنى عشر قطاعا، وسيصل العام القادم فى حدود 22 ألف موظف نتيجة توقف التعيينات وخروج المعاشات؛ لذا فما يشاع على أنهم 45 ألفًا هو رقم خاطئ تمامًا.

ولكن لا يجب النظر للرقم الكلى فقط، فالعاملون فى ماسبيرو ينقسمون إلى برامجيين، وفنيين، وإداريين، وعمالة وخدمات مساعدة.

والرقم الكبير ليس للبرامجيين، ولكن للإداريين والفنيين، وسنجد أن أكبر رقم للعاملين فى ماسبيرو هو فى قطاع الهندسة الإذاعية والذى يتجاوز 10.000 موظف أى ما يقرب من ثلث الاتحاد بالكامل.

وعند الحديث مثلًا عن قطاع الإذاعة سنجد بها ما يقرب من 5000 موظف، ولكن كم يبلغ عدد البرامجيين منهم؟! سنجد أنهم فى حدود 25% والباقى إداريون وعمالة وخدمات مساعدة.

لذا عند الحديث عن الأرقام يجب النظر إليها بشكل نوعى وليس إجمالًا.

أتمنى أن تقوم الهيئة الجديدة بتحديث أرقام العاملين وتصنيفهم؛ لأن هذه الأرقام مرت عليها 3 سنوات وتغيرت كثيرًا.

حل تلك المشكلة ستكون فى تحديد أماكن الكثافات العالية، وإعادة تأهيلهم لينضموا إلى الأماكن الأكثر احتياجًا.

إعلان تلك الأرقام بشكل رسمى ودقيق سيسكت تلك الألسنة التى تتشدق بأرقام خاطئة بغرض إثارة الرأى العام ضد ماسبيرو بحجة عدد موظفيه.

لو فكرت الهيئة فى الهيكلة فيجب أن تكون لديها أرقام موثقة فعلية تستطيع أن تبنى عليها لتطوير الأداء وتنمية المهارات، حتى لا يخرج علينا من يدعى أن أبناء ماسبيرو قليلو الموهبة والكفاءة وهو لا يعلم أن أصغرهم يستطيع أن يدير مؤسسة إعلامية كاملة ناجحة لو أعطيت له الفرصة والإمكانات.

وللحديث بقية.