مينا فريد يكتب: حبيبتي يا طنط يا وطنية

في البدء كانت طنط…

في أكونت كل منا وجدت طنط..

طنط العالمة والخبيرة ببواطن الأمور… طنط التي تحولت وجهة نظرها عن الفيسبوك من “البتاع اللي بيستخدمه العيال الصيع  اللي بهدل البلد” في 2011، إلى: “إعملي أكونت ع الفيس إشمعنا كل أصحابي” في 2012، إلى تعليق: “إنتوا مش فاهمين حاجة” في 2016…

طنط بدأت الفيسبوك بتعليقات مليئة بالزهور والأمنيات.. ربنا يفرحك يا بنتي.. ربنا يخليكو لبعض.. ربنا يرزقك ببنت الحلال.. ربنا يرزقك بابن الحلال.. عقبال عوضك… إيه الوحاشة دي.

ثم دخلت مرحلة السياسة …. بدءا من يونيو 2013 عندما تركت طنط الكنبة ونزلت الشارع… يومها رجعت لتضع صورتها في المظاهرات مع العلم والكارت الأحمر… ثم صور الرئيس.. ثم صور المشاريع.. ثم صور الشهداء… ثم صور العلم.

ثم بدأت منشوراتها تأخذ طابعا آخر… وتعليقاتها أيضا..

“ما هو أصلك من الشباب اللي نزلوا في الثورة في يناير وخربوا البلد”.

يا طنط حضرتك أنا أساسا كنت نازل في مظاهرات تأييد مبارك مع عمي في 2011 حضرتك نسيتي…

إنت مش فاهم حاجة.. شوف البوست اللي مشيراه من صفحة مخابرات مصر وإنت تعرف الحقيقة.. إنت قلبت إخوان ولا إيه؟”.

يا طنط مش محتاج أوضحلك إني مسيحي.

“ماتنتقدش الكنيسة ع الفيسبوك.. عيب كده هتشمت فينا الإخوان”.

يا طنط أنا بنتقد تصرفات أشخاص مش كيان ديني.. وده حب له مش تقليل منه.

“إنت مش فاهم حاجة”.

“إنت مش فاهم حاجة”.

“إنت مش عارف حاجة.. شوف أحمد موسى وإنت تفهم”.

شكرا ع التغيير…

“متضايق أوي إن الأسعار غليت.. ع الأقل لاقي مكان تجيب منه بأسعار غالية.. مش أحسن ما نبقى زي سوريا والعراق؟ إنت مش فاهم حاجة شفت الأسرار اللي نشرها مصطفى بكري؟”.

“صبح على مصر بجنيه بدل القعدة ع القهوة”.

صبحت مرتين…

“صبح تاني”.

 

“عاوزين نعمل حملة تبرعات ونجيب منسترال جديدة ونسميها باسم الريس… إشمعنا فيه منسترال باسم جمال عبد الناصر و السادات؟”

يا طنط حضرتك إحنا جايبين الإتنين بقروض… وعمرو أديب مقطع نفسه يلم فلوس عشان الناس تلاقي تاكل.. طب نلم فلوس ونتبرع وكل حاجة بس نبني بيها مصانع..

“ومين اللي هيحمي المصانع دي؟ مش المنسترال؟ لما أمريكا وإسرائيل تحاول تحتلنا مش لازم نستعد؟”.

يا طنط حضرتك ما إحنا ممكن يحتلونا إقتصاديا… ده الريس نفسه قال لازم نتحرر اقتصاديا عشان يبقى لينا قرار مستقل.

“إنتوا مش فاهمين حاجة.. هو إنتوا شباب الثورة هدامين كده.. إقرا مذكرات هيلاري”.

يا طنط أنا كنت في مظاهرات تأييد مبارك حضرتك… أجيبلك صور وأعمل زي علاء ولي الدين في فيلم الناظر وأقولك شهادة وفاة بابا أهي؟

 

الحقيقة إن طنط تحب مصر وتحبنا وتحب بيتها وتحب شكل الحياة الهادئة المستقرة.. ونحن أيضا.. ولكن طنط عاطفية أكثر.. تتأثر بأي حوار أو خطاب عاطفي.. طنط بدأت تُكوّن عالما موازيا منفصلا عن الواقع.. ثم بدأت تصطدم بالواقع.. طنط هذه ليست سيدة بسيطة فقط.. طنط هذه قد تكون طبيبة أو مهندسة أو مدرسة.. طنط هذه من الطبقة المتوسطة أو أعلى…

طنط هذه.. ورغم كل هذا الحب.. ورغم كل هذا التأييد.. عندما تذهب لشراء مستلزمات البيت الآن بدأت تشعر بمشكلة ما… فتحولت بوستاتها من “أد الدنيا” .. لـ “إحنا لازم نصبر”.. وبدأت تحول قناتها المفضلة من صدى البلد لتشاهد عمرو أديب وبدأت تتحدث عن المساعدات من “إحنا مش عاوزين حاجة من حد” لـ “ما إحنا ياما وقفنا معاهم لازم يقفوا معانا”.

كسيدة مصرية أصيلة.. تقف جنب شريكها حتى النهاية.. ولكنها لن تستمر هكذا للأبد..

عند دراستنا لعلم المواد في كلية الهندسة تعلمنا أن كل مادة في الكون لها حدود لإحتمال الضغوط قبل هذا الحد تتحمل الضغط بدون أن يحدث تغييرا في شكلها… ثم تتحمل الضغط مع حدوث تغيير في شكلها… ثم تنكسر…

طالع معي الرسم التالي:

%d8%b1%d8%b3%d9%85-%d8%a8%d9%8a%d8%a7%d9%86%d9%8a-%d9%84%d8%b7%d9%86%d8%b7