محمد فتحي: اللي مايدورش عن الحق .. مالوش خير في مصر

(1)

“لا تجزم ولا تستبق الأحداث ولا التحقيقات ”
هم لا يريدونك أن تجزم بأن الشرطة قتلت شيماء الصباغ ..
حاضر ..
لكنهم (يجزمون) بأنها ليست الشرطة !!!!!
أفلا تكبرون ؟؟

(2)
لا فرق بين الإخوان وبين الواقفين على الشاطئ الآخر من النهر، فكلاهما يبصق في اتجاه هؤلاء الذين اختاروا البقاء في النهر ..
الإخوان الذين شمتوا في السوشيال ميديا من كل الأموات ، أو كل من قتل، أو من شهداء الشرطة ، يقابلهم فصيل مؤيد للدولة يسأل : إيه اللي وداها هناك ، ويكرر : كانوا عايزين إيه من مظاهرتهم ، ويقرر : يغوروا في داهية .. الله لا يرحمها !!!!!!
والغريب في الأمر أنهم من خلفية سياسية واحدة .. أفكارهم تقريباً واحدة .. وأغلب صور بروفايلاتهم تحمل شعار : تحيا مصر.
كلاهما يحب مصر أو يكرهها، أكثر من مصر نفسها ومن أعدائها، وأكثر من كل الدماء التي ستلعنهم وتطالهم ولو بعد حين

(3)
سأتخيل أنني الآن محمد بك فتحي
وكيل نيابة مكلف بالتحقيق في الواقعة ..
قبل أن تسخر تذكر أن عمل كل صحفي حقيقي يعمل في قسم التحقيقات الاستقصائية يشبه إلى حد كبير عمل وكيل النيابة، لكن بدون سلطات أو سيارات بدون (نِمَر) .. ترى ماذا سأفعل ؟؟

سأضع كل التفاصيل أمامي ، وألجأ لاستبعاد أكثرها عبثاً ، أو ما أتأكد أنه غير مفيد أو غير متورط في الحادثة ، قبل أن أستقر على خيوط تجعلني أصل للحقيقة، متذكراً أنني حين أسعى لتحقيق العدل ، فإنني أسعى للتأكيد على أن الله موجود .

سأستدعي فوراً كل المشاركين في التظاهرة للاستماع إلى أقوالهم، سأفرض حماية على الطبيب الشرعي لضمان روج تقريره نزيهاً سليماً، سأذهب في تفتيش مفاجئ بإذن النائب العام للاطلاع على دفتر الأحوال الأمنية ومراجعة الأسلحة التي اصطحبتها القوات، وسأطلب إيقاف كل القوة التي شاركت في فض المسيرة عن العمل لحين انتهاء التحقيقات، لأنهم في نظري ، وبكل قواعد المنطق: متهمون .. صحيح أنهم أبرياء حتى تثبت إدانتهم، لكنهم في النهاية يظلون متهمين

سأعاين كل الصور الفوتوغرافية التي التقطها المصورون، وانتشرت على السوشيال ميديا، وسأقوم باستدعاء كل من نشر شهادته على السوشيال ميديا للحصول على شهادته واستجوابه وعقابه في هذه اللحظات العصيبة لو لم يكن صادقاً فيما نقل وكتب وتسبب في إثارة الرأي العام.

سأفرغ كاميرات المرور وكاميرات الشركات المحيطة بمكان الواقعة عن طريق خبراء مستقلين ، وأتأكد أنها لن تمحى (توماتيكي توماتيكي) ، حتى لا أفاجأ في المحكمة (لو وصلنا لهذه المرحلة) بفيلم الباشا تلميذ ..
سأصلي ركعتين لله ، وأنا أسأل الله أن يستخدمني في الحق ولو كرهت نفسي، أو كره الناس

الحق من أسماء الله الحسنى، والحق أحق أن يتبع

(4)
المسيرة بحسب بيان النائب العام، من خمسين شخصاً، وبحسب نفس البيان إضافة إلى تصريحات للمتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية ، قامت بإطلاق الألعاب النارية والشماريخ في اتجاه الأمن ، مما استدعى التعامل معها بالغاز المسيل للدموع قبل أن يكتشفوا إصابة فتاة بطلق خرطوش وسقوطها قتيلة . لا صور ولا فيديوهات تؤكد موضوع الألعاب النارية والشماريخ، باستثناء فيديو يسبق الواقعة بيومين كاملين ، استخدمه البعض عن عمد أو عن جهل لإظهار هذه الاشتباكات، بينما في الحقيقة أنها تخص حركة أحرار التي قامت برمي المولوتوف بالفعل واستخدام الشماريخ والألعاب النارية ، والمفاجأة : لم يسقط قتيل واحد
المسيرة بحسب المنظمين لها، وبحسب الصور التي تم تداولها والفيديوهات المنشورة لها سلمية..

وبحسب شهود العيان الحاضرين للواقعة والمسيرة وليس الجالسين على مؤخراتهم يتابعون أمام شاشة اللاب توب خاصتهم قبل أن يضعوا مخرجاتهم من غثاء السيل على حساباتهم الشخصية، كانت تحمل الورود، وبعض اللافتات والشعارات ، وفي اتجاهها لميدان التحرير لوضع الورود على النصب التذكاري ..

لن نتحدث الآن عن جدوى الأمر ورمزيته، ولا عن كنه النصب التذكاري الذي لم يعد يعني شئ بعد إفساده عقب افتتاحه في واقعة شهيرة ، ولن نتحدث كذلك عن موقفك الشخصي من التظاهر أو المسيرات السلمية لأن كل ذلك يخصك ، ويصبح غير ذي قيمة حين نتحدث عن روح أزهقت وصعدت إلى بارئها..

سأحدثك فقط عن الإدارة الأمنية للموقف .. عن تدخل (خشن) / (عنيف) لتفريق المسيرة ، وعن استخدام غاز مسيل للدموع (لن أقول خرطوش الآن) للتعامل مع 50 فرد تفرقوا أصلاً بمجرد أن لمحوك تجري ناحيتهم ..

سأحدثك عن جدوى منع الناس من الوصول للتحرير، بينما ، مع هذا العدد ، كان يمكن التعامل بحكمة توفرت مع أكثر من ألف مشجع ألتراس يوم نهائي الكونفيدرالية ، ولم تسفر عن قتلى يوم مظاهرات أحرار، ولم تتوفر مع 50 فرد ..
كيف تقيم الأمر أمنياً بينك وبين نفسك لمجرد استخدامك للغاز مع 50 فرد ؟؟
فكر ، ثم أجب، لأن الإجابة ، مهما فكرت فيها ، مخجلة

(5)
“هل نحن أغبياء إلى هذه الدرجة ؟؟”

يقولها صديق قديم يعمل ضابطاً للشرطة مستنكراً كل ما أٌقوله له لائماً .
يكمل : ” احنا مش عبط عشان في يوم زي ده نعمل كده .. ولا احنا أغبياء عشان نولع الدنيا قبل ذكرى الثورة بيوم.. فتش عن المستفيد”.

ها نحن يا صديقي القديم نعود لحديث (الطرف الثالث) . هذه مسيرة كانت بلا إخوان ، فلن تجد من (يلبسها) لأنه من الجماعة الإرهابية.

البنت التي قتلت يا صديقي القديم ، قام بقتلها شخص يمسك بسلاح ، وبالتالي كل قواعد العقل والمنطق التي تريد مني أن أنحيها جانباً تقول : إما أنكم من ضربتم البنت، وإما أن شخص آخر ضربها ، فإذا لم تكونوا أنتم، فأين الشخص الآخر ، وهل تلاشى أو اختفى، أو تواطأ لإخفائه كل من كان في المسيرة ؟؟

قدمه لي ، لأنك لو لم تقدمه تصبح متهماً، ولو أنك تصر على أنك برئ، فعدم تقديمك له بالدليل الذي لا لبس فيه ولا فوتوشوب ، يعني أنك متواطئ ومقصر ومهمل ..

أنت صديقي .. لكن هناك (شيماء) ماتت ، وابن لن يجد (ماما) حين يكبر، وسلسلة من الألم والوجع والقهر لن أكملها لك حتى لا تتهمني بأنني أزايد أو أزيط في الزيطة
خلاص .. انتم أبرياء .. أليست وظيفتكم القبض على المجرمين ؟؟!!
أين المجرم إذن ؟؟

يصر صديقي على استكمال الحوار رغماً عني .. يسأل ما أعتبر نفسي سعيداً بسماعه : لماذا لا تصدقوننا ؟؟ الموضوع عند النيابة والعدالة ستأخذ مجراها
سأجيبك فوراً يا صديقي : نحن لا نصدقك لأنك لم تفعل ما يجعلنا نصدقك. نحن لا نصدقك لأن حق شيماء لن يأتي إلا بعد أن نستعيد حق كل من مات منذ ثورة تكرهها رغم أن مرتبك زاد فيها . لا نصدقك لأن أحداً لم يحاسب حتى الآن .
حاسبهم وسأصدقك

(6)
“شيماء الصباغ كانت بنتي”

يقولها ياسر الزيات . يكتبها ألماً . ينطقها قهراً . يتبعها قائلاً: “يا بخت اللي مايعرفكيش يا شيماء ” .
لن يتألم عليها مثله ومثل كل من عرفها ، مبتسمة ، مقبلة على الحياة .
لكن لماذا نزلت شيماء أصلاً لمسيرة كانت ترى (على صفحتها ) أن نزول مثلها لن يفيد طالما نحن بعيدين عن الناس ؟؟
“تسوى إيه من غير جماهير ؟؟” .. تسأل شيماء .

يومها علق البعض على نضوجها الثوري ، لكنها نزلت . لم تكن لتذهب وكانت صاحبة وجهة نظر ترفض النزول، لكنها ذهبت .

بالتأكيد قدر ، أن تذهب لموتك رغم عدم اقتناعك، أن تقرر التراجع عن قرارك لمصاحبة الرفاق في جو يذكرك بثورة صارت تهمة عند كثيرين، لكن من متابعة السوشيال ميديا يمكنني تخيل الأمر

لم يقتل شيماء من أطلق عليها الخرطوش ليرديها قتيلة .. قتلها أيضاً هؤلاء الذين زايدوا على موقفها، ولربما أرسلوا لها (إينبوكس) مؤكدين على أنها (باعت) القضية، وارتدت عن الثورة ..

هؤلاء شاركوا في قتل شيماء، ويشاركون في قتلنا كل يوم لأننا لسنا على مقاس ثوريتهم
ولأن الثورة هي ما يقولوه وما يدعون إليه ، وبإسلوبهم وإلا فأنت مرتد ..
هؤلاء لم يظهروا ، لكنني واثق من وجودهم

هؤلاء مستمرون في قتلنا في الإينبوكس والاستيتوس والتويتات والمقالات والمدونات ، لأن ما نفعله لا يعجبهم، ولا يريدون فهمه.
هؤلاء أقذر من القاتل، فقد يشعر القاتل بذنب، لكنهم سيشعرون بفخر وكأنهم يخدمون القضية ..
ألا لعنة الله عليكم .

(7)
بالتأكيد هناك مؤامرة .. طبعاً ..
على البلد كلها .. طبعاً ..
من أجل اشتعال الأوضاع .. موافق
من أجل عودة الفوضى .. ماشي
لكنك بدلاً من أن تمنع كل ذلك تعينهم علينا ..
العبارة الأخيرة يقولها لي البعض، وأهديها لهم ..
أنتم من تعينونهم علينا ..
اهدؤوا وراجعوا أنفسكم..
ابحثوا عن الحق والحقيقة
الطريق والطريقة
الإرادة وحسن الإدارة
فإن لم تفعلوا ، فلا تلوموننا ونحن نحاول أن نفعل

(8)
للتذكرة ..
أهم بيانات الجيش المصري من وجهة نظري بعد بياني الثورة ، بيانين آخرين
الأول : يعتذر عما حدث في التحرير من اعتداءات قام بها بعض أفراده ، وقالوا وقتها : رصيدنا لديكم يسمح.
الثاني : بيان يكشف فيه عن مسئوليته عن مقتل الطفل عمر ، بائع البطاطا، وتعويض عائلته، ومحاسبة من ارتكب الجريمة .
أما أهم بيانات الشرطة ، فلم يصدر بعد ..
وفي انتظار صدوره ، محتوياً اسم قاتل شيماء .

(9)
لا تهونوا
ولا تهولوا
لا إفراط.. ولا تفريط
حكمة اليوم : اللي مايدورش عن الحق .. مالوش خير في مصر

اقرأ أيضًا:

محمد فتحي : كيف تحتقر زياطين السوشيال ميديا بدون معلم ؟؟

تابعونا على تويتر من هنا 

تابعونا على فيسبوك من ها