محمد عبده بدوي يكتب: حزن مصري .. بين كنيستين

(1)

في ذلك الحي الممتد شرق القاهرة حيث أسكن كان أمام بيتنا حديقة واسعة ، لم تمتد اليها المباني الأسمنتيه التي تحيط بك من كل جانب فتسد أمام عينيك السماء، استطاعت تلك الحديقة أن تنجو من غول البناء المسعور الذي نهش كل سنتيمتر في حينا الهادىء .

وفي يوم من الأيام نما الى علم أهل الحي أن صاحبة الفيلا المطلة على الحديقة –ولها صلة قرابة بأحد الوزراء في الحكومه – ستشرع في بناء كنيسة مكان الحديقة لقلة أو لنقل ندرة الكنائس الموجوده في المنطقه ، وسرعان ما انتشر هذا الخبر ، فاستنفر جيراننا المثقفون لجمع التبرعات وقطع الطريق عليها من أجل بناء جامع ، وبدأت تدور رحى الحرب المقدسة لنصرة الاسلام أمام عيني .. أتذكر جيدا بعضا من الجيران وهم يطرقون باب بيتنا ويلحون على والدي رحمه الله أن يتبرع لافشال مخطط بناء الكنيسه وكان من ضمنهم أساتذة جامعه وأطباء !

استطاعوا في أيام قليلة الحصول على تصريح البناء بعد أن أبدى موظفو الحي تعاطفا شديدا معهم ! وجمعوا من المال مايكفي لوضع حجر الأساس والبدء في البناء في سباق محموم مع الزمن ، كنت أراقبهم من نافذة بيتنا وهم يبتهجون معلنين انتصارهم ! وكنت أسأل نفسي : ما الذي يضيرنا لو تم بناء الكنيسة !؟ – خلف بيتنا ثلاثة مساجد كبيرة – ما الذي كان سيحدث لو تم بناء الكنيسة ؟ هل ستنهارعقيدتنا ! هل سنفقد ايماننا ! هل ستعلو الصلبان في كل مكان حولنا ! الى هذا الحد سيخدش كبرياءنا الديني بناء كنيسة ! ما هو هذا الانتصار الذي تحقق … وهل ما
حدث هو انتصار للاسلام حقا !

(2)

في اليوم الأخير من عام 2010 وقعت حادثة كنيسة القديسين بالاسكندرية ، كنت وقتها على الهواء على شاشة أون تي في أقدم نشرة الحصاد الاخباري ، تم قطع النشرة وبدأنا في تغطية الحدث حتى الساعات الأولى من الصباح ، لا أنسى مشاهد الدم التي كانت تأتينا ممزوجة بأصوات نحيب كلها مراره ، واتصالات أهالي الضحايا وهم يبكون على الهواء بأصوات تكاد أن تسمعها وتتبين ملامحها بصعوبه وبداخلهم غضب لم أشهده من قبل في حياتي

… في اليوم التالي اتفقنا مع زملائنا في القناة أن نشارك اخوتنا المسييحيين صلاتهم بالكنائس ، ذهبت مع زميلي فادي مدير الانتاج للكاتدرائية ، كانت الشوارع مغلقة والأمن منتشرا في كل مكان ، وصلت باعجوبة والتقيت فادي ، لم يكن مصرحا بالدخول الى الكاتدرائية الا لمن يحمل دعوة شخصية من البابا شنودة ، لم يتمكن صديقنا داخل الكاتدرائية بالخروج الينا ، فقد كان كبار رجالات الدولة استقروا على مقاعدهم ، فاتجهنا الى الكنيسه البطرسية الملاصقة للكاتدرائية وبعد اجتياز أكثر من نقطة للتفتيش طلب منى أحد الضباط بطاقتي الشخصية ، وبعد أن تفحصها نظر الي ضاحكا : يعني اسمك محمد عبده محمد…. اتنين محمد وعايز تدخل الكنيسة في اليوم ده !! وهاتف عبر اللاسلكي رتبة أعلى ليسمح لنا بالدخول !

حضرت قداس عيد الميلاد داخل الكنيسه – كنت أنا المسلم الوحيد – أرقب وجوه من حولي .. وجوه يكسوها حزن وألم ممزوج برجاء ، وما ان انتهت الصلاه حتى أمسك راعي الكنيسه بالميكروفون وبصوت خفيض قال : يا اخوانا اخرجوا واحد واحد بلاش تخرجوا جماعات … واحد واحد بلاش تخرجوا جماعات… قالها أكثر من مره

وقفت أتأمل الوجوه … كان الخوف باديا في كل عين !

… وكان خوف أكبر يولد بداخلي على هذا الوطن .!

نرشح لك

[ads1]

محمد عبده بدوي يكتب: عن نوارة.. التي تشبهنا

هذا ما فعلته C.A.T في عامها الأول

إعلامية مصرية تغير اسمها!!

ايهما أفضل فيلم “كابتن مصر” ام فيلم “جحيم في الهند” ؟ اضغط هنـــا

بنر الابلكيشن