نسمة سمير تكتب : من 30 سنة .. اللعنة لا تصيب الدراويش

كثيرا منا تصادفه العلامات .. ولكن كم منا يدرك؟ .. غالبا صفر، وقد نصنع نحن لعنة تصيبنا فى نهاية المطاف، وتقلب حياتنا رأسًا على عقب، وقد ينعم بها غيرنا فاللعنة قد تصبح نعمة لآخرين، فمهما تخيلنا أننا نرسم طريقنا تثبت لنا الحياة أنها تعيش فينا جميعا بإختلاف أنماطنا منا المسالم الذى يسير بجوار الحائط والمشاكس الذى يسير عكس التيار والمتصابى والطماع والأنانى والمتلون والإنتهازى والمنتقم والمتسامح ومن يعيش لغيره والطيب والشرير والطاهر والملوث و الراضى تمامًا بكل شىء ومن لا يرغب فى المحاولة ومن يغامر بحياته من أجل رؤية ما ينتظره فى الجانب الأخر ومن خاض تجارب كسرته وجعلته يتعلم ألا يكرر التجربة مرة أخرى ولكنه لم يستطع الرجوع إلى مرحلة اللامبالاه ووقف فى المنطقة الرمادية التى نهايتها الموت لا محال، جميعنا عرائس ماريونت تحركنا الحياة بخيوط قدرها.

“هتقتل 9” هى سر اللعنة التى ستطارد حياة الأبطال، كلمة يقولها شخص غريب “مجذوب”، زاهد، ملابسه مهلهلة متسخة هو “محمود البزاوى” يراه البعض مجنونًا أومختلًا ويراه آخرون رجلًا روحانيًا كلامه نبوءة، ولكن فى النهاية سيظل صدى كلماته فى أذنك حتى بعد إنتهاء الفيلم، ربما هى علامة من السماء أو هلاوس لا تمت للواقع بصلة ولكن من المؤكد أنها كارت مهم فى اللعبة، كم من الممتع أن نخوض لعب خطيرة شغفًا فى الفوز والاستمتاع بلذة الإنتصار، ولكن قليل منا من يختار خوض التجربة والكثير يفضل البقاء على الشاطىء خوفًا من المجهول.

الراوى، طالما كان له تأثير كبير على تركيزنا ولفت انتباهنا لكلماته، فيبدأ عماد “أحمد السقا” بأداء هادىء فى سرد روايته التى يؤرخ بها قصة عائلته التى تتاجر فى السلاح بالوراثة فربما كان موتهم أيضًا بالوراثة، فيبدأ فى حكى قصص الشخصيات حتى نصل لذروة الفيلم عندما يظهر المجذوب ليخبر عمر “شريف منير” الذى عاد من الخارج بثروة طائلة ورثها من رجل غريب عنه ولكنها ملعونة أنه سيقتل 9، ورغم ذلك لم تكن اللعنة عائق أمام طمع أفراد العائلة فى أموال عمر بل سيحرصون على الحصول عليها مهما كلفهم الأمر حتى وإن كان الثمن الحياة.

“معونتتش” بكلمات مشابهة لها تجسد منى زكى دور عمرها “حنان البغدادى” الشاعرة السكندرية، تلك الفتاة التى تصبح بمثابة نقطة إرتكاز الأحداث نلتقط أنفاسنا عندها ببراءتها وعفويها وخفة ظلها لنستكمل لعبة الموت التى تدور خلال الفيلم، ممزوجة بعناصر التشويق والمفاجأة والأحداث المخالفة للتوقع لن تستطع أن توقف عقلك عن التنبؤ بالنهاية والتى ستكتشف فى كل مرة أنها لم تكن ما توقعته، وحنان فضلت المغامرة لمعرفة هل الجانب الذى سيأتى أفضل من الذى اعتادت عليه أم لا.

أخطاء تغتفر لروعة العمل، كظهور مرفت أمين فى الجزء الأول من الفيلم كفتاة شابة وكذلك رجاء الجداوى وصلاح عبد الله وأحمد فؤاد سليم فكان من الأفضل الاستعانة بممثلين آخرين فى تلك المرحلة، وإقحام أغنية لـ “محمد حماقى” ربما كانت ستكون جيدة بفردها دون دمجها عنوة بأحداث الفيلم، بجانب إنتهاء الفيلم ثلاث مرات من أجل التشويق والذى قد يشعر البعض بالملل والتطويل، وكذلك اغنية فيروز “عندى ثقة فيك” والتى كان يُقصد بها مغزى درامى جاءت أيضًا غير موفقة.

وفى النهاية يمكننا القول، أننا نشاهد عمل متكامل ومشرف وممتع يجمع بين التشويق والكوميديا، صورة جيدة وديكور عظيم، لوحات فنية كمشهد مرفت أمين تحت الماء وكذلك مشاهد لندن ووسط البلد ومكتبة مدبولى التى يرتبط الكثير منا بها، الحوار سهل ورشيق، ورغم طول مدة الفيلم التى تتقارب من الساعتين ونصف لا تشعر بالملل بل يتملكك الشغف لمعرفة ماذا سيحدث؟، وستدرك فى النهاية أن الدروايش الذين يعيشون من أجل غيرهم وبفطرتهم هم الوحيدون الذين لن تصيبهم اللعنة.

نرشح لك

نسمة سمير تكتب: جحيم فى الهند .. عندما تصبح الكوميديا هى البطل

[ads1]

بنر الابلكيشن